تفجيرات بغداد.. أية أهداف؟

نظام مارديني

عاد المشهد الدموي من جديد الى بغداد، عبر سلسلة تفجيرات تستهدف الآمنين، وفي رسالة مفادها من قبل المعنيين بها، إقليمياً ودولياً، أنهم لن يسمحوا للإرهاب أن يغادر العاصمة، حتى تحقيق أهدافهم.

بعض الذين تابعوا التفجيرات الإرهابية أبدوا تساؤلات عن الهدف منها أو أن الإرهاب يزحف إلى مناطق أخرى بعد خسارته الرمادي وقبلها تكريت وها هو يحاصَر في الموصل قبل تحريرها؟

بالطبع مَن يسألون هذا التساؤلات لا ينظرون إلى الإرهاب كوحدة كاملة أو جزء من منظومة تهديد تبدو غير منتظمة، وهذا جزء من خطرها، لكنها تدخل في سياقات أخرى ترتبط بمصالح مموّلي ومحرّكي «داعش» الإرهابي، من السعودية وتركيا وقطر، ولهذا من المتوقع دائماً أن ينفّذ «داعش» عمليات وهجمات، وأن يرصد المناطق التي تتفكك فيها القبضات الأمنية، ليعطوا تعليمات إلى من يسمّونهم «الذئاب المنفردة» أو «الخلايا النائمة» للتحرك وتنفيذ عمليات مخططة سابقاً، ويحرص التنظيم الإرهابي على أن تكون عملياته في مناطق يمكن أن تصنع فرقعة إعلامية تعيد له بعض هيبته التي خسرها ويخسرها في العراق وسورية، ويبرر استمرار تدفقات دعمه وتمويل تشغيله من الجهات والدول التي تتولى هذه المهمة.

ويمكن قراءة أهداف هذه التفجيرات بالتالي:

تأتي ضمن محاول إقحام بغداد في المعركة التي يقودها داعش، وهي لذلك تدخل ضمن النهج الذي تخطط له الولايات المتحدة.

إن «داعش» يحاول فتح جبهات عديدة داخل العراق، كلما ضاق الخناق عليه في جبهات القتال ضمن استراتيجية خلاياها النائمة داخل العاصمة.

تستهدفُ هذه التفجيرات بشكلٍ واضح إعادةَ التوترات المذهبية والطائفية بهدف دفع البلاد إلى شفا حرب أهلية تجاوزَها العراقيون منذ الفترة التي بلغ فيها العنف ذروته بين عاميْ 2006 و2007.

يحاول «داعش» الآن إعادة بسط إرهابه في مناطق تحيط بالعاصمة، يصفها المحللون بالسّنية، بالإضافة إلى مسعاه لاستعادة تأييد العشائر في تلك المناطق بعدما تمرّدت عليه.

أخيراً، هي رسالة من أن آل سعود يعيشون مأزقاً، داخلياً على صعيد علاقة السلطة مع مكوّن مهم في السعودية. وخارجياً، على صعيد الانكسارات التي يشهدونها في جبهتَي اليمن وسورية… وحتى في لبنان. لذلك تأتي هذه التفجيرات الدموية للتعويض عن خسارة جبهات أخرى، وهذا يتم عبر التنسيق الكبير مع الإدارة الأميركية التي تتوهم أن العراق جائزتها في المنطقة بعدما سلّمت بخسارتها في سورية.

لا شك في أن مَن يقرأ بهدوء نتائج ما يحدث في المنطقة منذ العقدين الماضيين يدرك أن أوباما جاء ليكمل ما بدأه بوش الإبن، وأن الولايات المتحدة لن تترك لا مصادر الطاقة العراقية ولا السوق العراقية لغيرها، وهذا لن يتم من دون إطلاق يد «داعش».

لكن، هل ستتمكن الولايات المتحدة نفسها من البقاء في الرمال العراقية المتحركة؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى