دردشة صباحية
يكتبها الياس عشي
لغةً ماذا تعني النهضة؟
نقول: نهض نهضاً: أيّ قام.
نهض عن مكانه: أيّ ارتفع عنه.
نهض إلى عدوّه: أيّ أسرع إليه.
نهض النبت: أيّ استوى.
نهض للأمر: قام واستعدّ.
إذاً… في فعل «نهض» معنى القيام الذي يقود إلى معنى القيامة، الارتفاع، السرعة، والاستواء، وكلها معانٍ تناقض الجلوس، والانخفاض، والبطء، والالتواء، والارتجال، ومن ثَمّ التقاعد والتقاعس والاستنقاع.
دعونا نقرأ مقطعاً من حديث سعاده إلى الطلبة:
«عندما نقول نهضة نعني شيئاً واضحاً لا التباس فيه. النهضة لا تعني الاطّلاع في مختلف نواح ثقافية متعدّدة، وفي التيارات الفكرية الموزّعة التي جاءت مع بعض المدارس من انكلوسكسونية ولاتينية وغيرِها، وأنها لا تعني مجرد الاطلاع والتكلّم في المواضيع المتعدّدة أو المتضاربة بدون غاية وقصد ووضوح».
انتهى كلام سعاده، فما اللافت فيه؟
1 ـ تركيزه على الوضوح. ولدى قراءاتي لما كتبه سعاده لاحظت ابتعاده عن المذهب الرمزي الذي ساد عصره. كان يصل إلى العقل مباشرة. وإذا كانت الفصاحة تعني، لغةً، الظهور يقال فصُح الصبح إذا ظهر ، والبلاغة تعني الوصول يقال بلغ المكان أيّ وصل إليه ، فإنّ أنطون سعاده كان فصيحا وبليغاً بامتياز. والوضوح لا يكون إلا في الأفكار النيّرة والواضحة، وفي العقل المنهجي.
2 ـ رفضه استجداء النهضة من مدارس لا تعكس روح الأمة.
3 ـ الفرق الذي رآه بين الاختصاص والثقافة.
وفي مكان آخر يقول سعاده:
«إنّ النهضة لها مدلول واضح هو خروجنا من التخبّط، والبلبلة، والتفسّخ الروحي بين مختلف العقائد، إلى عقيدة جلية واضحة، نشعر أنها تعبّر عن جوهر نفسيتنا وشخصيتنا القومية الاجتماعية، إلى نظرة جليّة، قوية، إلى الحياة والعالم».
وهكذا نصل إلى المعادلة التالية:
مع سعاده «الخروج» و «الاستواء» و «الحركة» شروط ثلاثة لا بدّ منها كي نصل إلى الوضوح، والتخلّص من فوضى الأفكار الدخيلة.
وهنا يبرز دور المثقف السوري القومي الاجتماعي، ويتمايز عن حَمَلَةِ الاختصاص إنّ مختصّاً في الأدب العربي، على سبيل المثال لا الحصر، يؤمن بالعقيدة القومية الاجتماعية، قادر على شرح أبي العلاء المعري والمتنبي وغيرهما من شعراء هذه الأمة من منظار الحضارة السورية دون أن يُصاب بالحرج، طالما أنّ الوضوح شرط للوصول إلى الحقيقة.