خطاب السيّد نصرالله صحّح البوصلة وكرامة الوطن
جهاد أيوب
فنّد السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بعض من حركة السعودية في لبنان بثقة العارف، وبساطة الواثق، ووطنية الخائف على الوطن وأهله.
لم يكن السيد متسوّلاً على باب السفارة كي ترضى خزانتها، ولم يكن السيّد ماسحاً لجوخ أمراء «طال عمرك» كي يشاركهم في شركة الوطن والخيانة…
السيّد رفع شموخ المواطنين اللبنانيين الذين صوّروا من قبل البعض انهم خدم عند مملكة الظلمات، وحفظ السيّد كرامات الشباب اللبناني بعد ان اتهم إعلام السعودية وألسنته في لبنان هذا الشباب بأن لا قيمة لأحلامه دون بركات آل سعود، وانّ كلّ جهود هذا الشباب صدقة من مملكة التآمر العربي بعيداً عن السلم الاجتماعي والأهلي والوطني، وفضح السيّد من برز ممن نصب زوراً زعيماً ونائباً ووزيراً ليحذر من غضب أصحاب الأنامل البيضاء في مملكة العروبة الحق، ووصلت التصريحات عند بعض ألسن آل سعود في بيروت بتهديدنا انّ الحرب الاقتصادية خلف الأبواب، والفوضى الشوارعية خلف النوافذ، وانّ الويل اقترب جراء انتقاد مملكة الغدر وبفضلها أصاب مصر عبد الناصر، وتفكيك اليمن، وزرع الفتنة في سورية، واستمرار الجهل في البحرين، ودعم حروب «إسرائيل» على المقاومة في لبنان وتغذية الحروب التي وقعت وقد تقع… كلّ هذا الشرّ خدمته وموّلته وسيّسته واعلنته وشجّعته في بلادنا تلك المملكة التي يُراد ان لا ننتقدها، بل نصفّق كلما دمّرت بلادنا ودعمت الحروب فيها، لكن السيّد المقاوم لن يقع في وحل هذه المملكة، لذلك قرّر فضحها!
السيّد نصرالله في كلامه الأخير تدفق لوهج الحقيقة وتصالح مع الذات الإنسانية والوطنية، لم يخف من صراخ السعودية هنا وهناك، ولم يفكر بقطع المال الشيطاني عنه وهو من أعلن اكثر من مرة عن المال الحلال بعيداً عن أموال الفتن… أكد السيد بهدوء اكتشافه الفتنة ومال الفتنة وسياسة الفتنة السعودية، وأوضح حقيقة السيارات المفخخة التي سيّرتها إلينا السعودية، وصوّب انّ الخلاف مع السعودية هو مع الحزب وليس مع الشعب اللبناني، فهذه عقلية جاهلية يعمل من يمتطي السيف ويلوّح بالجمل بمحاسبة كلّ الناس اذا تخاصم مع أحدهم!
خطاب السيّد نصرالله صحّح الصورة الجديدة في صراع الحق مع الباطل السعودي، وجهّز العدّة لمحاربة الحرب السعودية القديمة والمستقبلية، ومَن من الناس في الشارع لا يذكر محاربة آل سعود لزعيم الوحدة العربية جمال عبد الناصر، ومن لا يؤكد إضعاف النظام السعودي للمقاومة الفلسطينية حتى اغتيل ياسر عرفات، ومن لا يعلم انّ السعودية ساهمت بكلّ ما تملك بدعم الحرب الأهلية في لبنان، والاهتمام بقادة «الكتائب» و«القوات» لكونهم كانوا ضدّ المقاومة التي تدّعي مقاتلة إسرائيل… مَن من الإعلاميين في الأرض لا يعرف انّ كلّ إعلام مموّل من السعودية لا يسمح له بقول «إسرائيل» عدوة وتحتلّ فلسطين، وانّ من يهتمّ للمقاومة يصبح خارج سرب موظفي المملكة!
السيّد نصرالله جدّد بريق الحقيقة التي ساهمت السياسة السعودية بتهشيمها، وبقتل من يجاريها، ولم يعر السيّد اهتماماً لغدر المملكة رغم أنه يعرف تداعياته أكثر من غيره، ولو أفصح عنها لجنّ جنون حكام المملكة أكثر من جنونهم الحالي!
في خطاب السيّد الأخير قيمة لكرامة المواطن اللبناني الذي يُهان في إعلام السعودية وتصفق لكلّ إهانة زمرة السعودية في لبنان، كأنّ كرامة المواطن لا تعني هؤلاء ، ولمواقف السيّد الأخيرة مقاومة لا تقلّ قيمة عن مقاومة «إسرائيل»، فقلة احترام السعودية للبنان ولشعب لبنان ولعلم وفكر وفنّ لبنان لا وصف فيها، ونخجل ان نكتبها او نقولها، لكنها تمارس وتكتب وتقال في مملكة العروبة والتصالح مع الصهاينة!
السيد حسن نصرالله في مواقفه الأخيرة أعاد الكرامة لوطن تريده السعودية تابعاً، أعاد البوصلة لقيمة فكر المواطن من مملكة تنظر إلينا كخدم، وهذا ما تعمله مع زمرها من الأغنياء في لبنان. أعاد السيّد في خطابه التفكير الى صوابه بعد ان سجن في نهج التآمر على الذات حتى صدّق البعض أنه يسير في قطيع المملكة بعيداً عن استخدام عقله، وما أتعس من يسمح لغيره ان يفكر عنه، والسعودية تريد منا ان لا نستخدم عقولنا، والمصيبة انها ايّ المملكة لا تستخدم العقل الجامع بل تنفذ ما يطلب منها في المشروع الأميركي في المنطقة بزخم أموالها التي أصابت الكثير بالشرّ في هذا الوطن العربي!