المشنوق يكرّر موقف باسيل برفض التصنيف في وزراء الداخلية العرب بري «المطفأة» خليجياً وداخلياً… وعرس رئاسي للحريري بغياب العريس
كتب المحرّر السياسي
لم يكد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله ينهي خطابه المتلفز أول أمس، حتى بدا أنّ الفتنة صارت خارج الاحتمالات اللبنانية، فقد حسمها السيد نصرالله بقوله إنّ الشارع ممسوك وإنّ دقة المرحلة تدفع للقول للمؤيدين إنّ الاجتهاد ممنوع، والعبث سيُقمع، ولن نسمح لأحد أن يجرّنا إلى الفتنة، جاء الردّ الغاضب سعودياً بإصدار موقف باسم مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله تنظيماً إرهابياً، وإيضاح أنّ القرار يتضمّن ملاحقة رموز الحزب وقادته وأيّ مال يتصل به وكذلك مؤسساته الإعلامية على هذا الأساس. وهو ما لا تطبّقه دول الخليج وخصوصاً السعودية حتى تاريخه على الأقلّ، في التعامل مع مؤسسات إعلامية فضائية تابعة لتنظيم «القاعدة» المصنّف في كلّ بلاد العالم كتنظيم إرهابي، والذي يقوم بين فترة وأخرى باستهداف أمن دول الخليج، وخصوصاً السعودية، واللافت أنّ فرع «القاعدة» في سورية الذي تمثله «جبهة النصرة» يحظى برعاية سعودية خاصة، ومساعٍ علنية ورسمية لم تتوقف حتى بعد تصنيف «النصرة» على لوائح الإرهاب الأممية وقبلها الأميركية، لدمج «النصرة» في العملية السياسية السورية وضمّها إلى وقف النار.
بالتزامن، كان وزراء داخلية دول الخليج يطالبون في اجتماع وزراء الداخلية العرب بتبنّي قرار يصنّف حزب الله إرهابياً، وهو طلب لم يسبق أن تقدّم به الخليجيون لتصنيف أيّ من متفرّعات تنظيم «القاعدة» ومشتقاتها، وتمّ الطلب الخليجي ضدّ حزب الله من دون أيّ ملف أو مستندات، ما استدعى انسحاب الوزير العراقي وتحفظ الوفد الجزائري، ورفض وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق للتصنيف بعد موافقته على البيان، مكرّراً الموقف ذاته الذي اتخذه وزير الخارجية جبران باسيل في اجتماع مشابه لوزراء الخارجية العرب، وكان ذريعة السعودية للحملة العدائية ضدّ لبنان التي افتتحتها بوقف الهبات المخصّصة للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
موقف المشنوق الذي أثار هجوماً عليه من وزير العدل أشرف ريفي، تمّ بالتنسيق مع الرئيس سعد الحريري، كما قالت أوساط تيار المستقبل، كما كان تنسيق الوزير باسيل مع رئيس الحكومة تمام سلام، وعلّق الحريري على الأمر أنه يدين تحركات حزب الله الخارجية، لكن المصلحة الوطنية تستدعي الحوار معه في الداخل، وأنّ السعودية تتفهّم هذه المصلحة اللبنانية، من دون أن يصدر بعد أيّ تعليق سعودي على موقف المشنوق.
تفاهم رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الرئيس الحريري في التعاون لمحاصرة التوتر ترجمه الرئيس بري بكلام الأربعاء النيابي الذي أكد فيه على السعي لإطفاء نيران التوترات، ومصارحة الخليجيين بخطورة التصعيد، وبدعوته إلى سحب مفردة العروبة من السجال الداخلي في قضايا الخلاف، بينما كان الحريري يحتفل بعرس مشاركته للمرة الأولى، بحضور جلسة انتخاب رئاسية، ضمّت اثنين وسبعين نائباً، لكن بغياب العريس المرشح سليمان فرنجية الذي أكد الحريري أنه لا يزال مرشحه المعتمد وأنه يتفهّم غيابه عن الجلسة.
جلسة انتخاب والجديد حضور الحريري
انضمت الجلسة السادسة والثلاثون لانتخاب رئيس للجمهورية إلى سابقاتها ولم تحمل أي جديد، باستثناء مشاركة الرئيس سعد الحريري للمرة الأولى، وارتفاع عدد الحضور إذ شارك فيها 72 نائباً. وتم إرجاء الجلسة إلى 23 من الشهر الحالي لعدم اكتمال النصاب القانوني ولغياب المرشحَيْن رئيس تكتل التغير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
وقال الحريري من المجلس: «لا أريد اتهام الجميع بالتعطيل وأتفهّم الوزير فرنجية، هناك أمور في حاجة لتبلور عند بعض الأفرقاء»، مؤكداً رداً على سؤال أنه سيتمسك بترشيحه لفرنجية أكثر بعد هذه الجلسة.
مستمرّون بدعم فرنجية في الوقت الحاضر
وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» إن «عدد الأصوات في جلسة أمس، كان يمكن أن يصل إلى ثمانين لولا تغيّب بعض نواب 14 آذار بداعي السفر»، ولفتت إلى أن «الرئيس الحريري أبلغ فرنجية تفهّمه لموقفه بعدم المشاركة في الجلسة، ولكن ذلك لن يغير في موقف الحريري المؤيد لترشيح فرنجية، رغم أنه كان يفضل أن يشارك فرنجية وعون في الجلسة ويتم انتخاب الرئيس بطريقة ديمقراطية».
ورداً على سؤال حول موقف الحريري في حال استمر فرنجية على موقفه الرافض للمشاركة بغياب حزب الله، رفضت المصادر الردّ على افتراضات، معتبرة أن «الوضع لن يستمر طويلاً على هذا الحال ولكن في الوقت الحاضر مستمرون بتأييد فرنجية».
وشدّدت المصادر أن السعودية لم تعترض على ترشيح فرنجية، لكنها ليست مَن طرحه أو رشحه بل إن الحريري هو مَن رشحه والسعودية لا تتدخل في الشؤون اللبنانية.
بري: سأصارح السفير السعودي
وأكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أن «القرار السعودي ومجلس التعاون الخليجي ضد لبنان يستدعي المصارحة وأنه سيصارح السفير السعودي في لبنان بذلك قريباً»، مشيراً إلى «أن قرار تصنيف حزب الله على لائحة الإرهاب لا يؤذي فقط حزب الله بل من أصدره أيضاً»، وسأل بري: «لماذا لا تنضبط المواقف في لبنان تحت سقف ما يتحدّث به الإيرانيون والسعوديون تجاه بعضهما البعض؟».
وتطرق بري إلى زيارة الوفد النيابي اللبناني إلى واشنطن، وأشار إلى انه «سيتابع الموضوع حتى النهاية»، لافتاً إلى أن «الأميركيين استغربوا ما قامت به بعض المصارف طالما لم تصدر المراسيم التطبيقية بعد»، وأكد أن «الرسائل التي أرسلها إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما شكلت محور اهتمام الأميركي في المباحثات مع الوفد اللبناني في واشنطن». وقدّم بري عرضاً لزيارته إلى بلجيكا، مشيراً إلى «انه للمرة الأولى يفتح نقاش مع ضيف يتجاوز البروتوكول حيث تلقى 22 سؤالاً».
وفي الشأن الرئاسي أشار بري إلى أن «النصاب تجاوز الـ 65 نائباً، لكن الانتخاب مسألة ترتبط بالتفاهم السياسي»، وفي ملف النفايات أعاد بري التذكير بموقفه الذي أبلغه إلى رئيس الحكومة تمام سلام بضرورة أن تنفذ الحكومة خطة المطامر بكل الوسائل الممكنة بما فيها الاستعانة بالجيش»، كما أشار إلى وجوب أن «تجرى الانتخابات البلدية في موعدها وأن لا مبرر لتأجيلها».
التعاون الخليجي: حزب الله «إرهابي»
وبعد أقل من 24 ساعة على مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التصعيدية والحازمة ضد السعودية، وفي أول موقف للعالم العربي، ردت السعودية واستكملت إجراءاتها العقابية ضد حزب الله ولبنان، واستعانت بمجلس التعاون الخليجي الذي قرر اعتبار حزب الله منظمة إرهابية واتخاذ إجراءات بحقه جراء استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها الحزب، بحسب بيان للأمانة العامة للمجلس.
بدوره تبنى مجلس وزراء الداخلية العرب قرار مجلس التعاون، واصفاً في بيانه الختامي حزب الله بـ»الإرهابي» في ظل تحفّظ لبنان والعراق وامتناع الجزائر عن التصويت.
..والمشنوق يعترض
وإذ وافق وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على البيان الختامي، أوضح في بيان أنه اعترض فقط على وصف حزب الله بأنه «إرهابي» في المقررات، «صوناً لعمل المؤسسات الدستورية الباقية في البلد، وذلك بعدما تحفظ العراق ورفض المقررات، وبالتالي لم يكن هناك إجماع عربي».
..والعراق: نرفض التصنيف
وقال وزير الداخلية العراقي محمد الغبان لـ«رويترز» بعد انسحابه من جلسة مغلقة «نحن هنا لمناقشة خطط مشتركة للتصدي للإرهاب ووضع استراتجيات عمل وتنسيق الجهود، لا إصدار بيانات سياسية لخدمة أطراف سياسية معينة»، في إشارة للسعودية.
وأضاف أنه رفض تصنيف حزب الله جماعة إرهابية لأنه موضوع خلافي يفجّر مزيداً من المشاكل في المنطقة العربية، قائلاً «إن مكان البلاغات السياسية ليس مؤتمر وزراء الداخلية العرب».
وبرر الرئيس سعد الحريري لدول الخليج هذا القرار، واعتبر «أن الأعمال التي يقوم بها حزب الله دفعت دول مجلس التعاون إلى تصنيفه بالإرهابي»، لكنه استطرد قائلاً: «أما في الموضوع الداخلي فنتحاور مع الحزب على أساس التهدئة».
ورفضت مصادر تيار المستقبل استباق موقف الكتلة من قرار مجلس التعاون، مؤكدة لـ«البناء» أن «الكتلة ستناقش الأمر في اجتماعها وستعلن بياناً رسمياً»، لكنها أشارت إلى أن «المشنوق نسّق موقفه في مجلس وزراء الداخلية العرب مع الحريري»، واستبعدت المصادر أي انعكاسات سلبية على لبنان»، وأكدت أن «السعودية ترحب بأي وفد لبناني لزيارتها، لكنها لا تزال عند موقفها بأن موقف لبنان في الجامعة العربية ضد السعودية يرتّب تفسيراً وتوضيحاً من الحكومة اللبنانية قبل أي زيارة رسمية».
وشددت المصادر على أن «الحوار ضرورة بين حزب الله والمستقبل ولن ينقطع، بمعزل عن نتائجه التي أمّنت بعض الاستقرار وتخفيف منسوب التشنج في ظل أجواء الاحتقان في المنطقة، وأقلّه معالجة أي حادث أمني يحصل في أي منطقة لبنانية قبل أن يتمدّد ويتوسّع ويؤثر على مناطق أو تدخل جهات ثالثة على الخط».
لا يساوي الحبر الذي كُتب فيه
ونفت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «يرتب هذا القرار تداعيات سلبية على لبنان»، مؤكدة أن «ردود الفعل ستبقى مضبوطة ضمن سقف معين ولا مصلحة لتيار المستقبل بالتصعيد الأمني، وبالتالي قرار مجلس التعاون لن يصرف في لبنان ولا يساوي الحبر الذي كتب فيه».
وأوضحت المصادر أن «أقصى ما يمكن أن تفعله السعودية والدول التي تدور في فلكها هو إلقاء القبض على أي مشتبه في انتمائه إلى حزب الله أو مقرب منه وسجنه أو سحب الفيزا منه وطرده من أراضيها، ولكن خارج أراضيها لا تستطيع فعل أي شيء».
حزب الله مستمر في مواجهة السعودية
وشبهت المصادر القرار بالقرارات «الإسرائيلية» ضد حزب الله، جازمة بأن «الحزب مستمر في المواجهة مع السعودية، إن كان على المستوى السياسي والإعلامي وفضح ما يرتكبه النظام السعودي في المنطقة، كما سيستمر بقتاله السعودية في سورية عبر قتاله المجموعات الإرهابية المدعومة منها، كما بدعم حركة أنصار الله ضد العدوان السعودي على اليمن».
ولفتت إلى أن «حزب الله كان يتوقع ردة الفعل السعودية التي تعرف ذلك، ولذلك لم يتفاجأ الحزب بالتصعيد السعودي»، وأوضحت المصادر أن «قرار مجلس التعاون سيسبب إحراجاً كبيراً للمجلس في حال تغيّرت الظروف وتمّ التوصل إلى حلٍ سياسي في سورية».
وقللت المصادر من أبعاد هذا القرار لدى الرأي العام الغربي والعالمي، «لأن حسابات الدول الغربية مختلفة وتهمها مصالحها فقط التي تستوجب عدم قطع العلاقات مع حزب الله ومع الشيعة في لبنان وحتى بريطانيا تخطت الإحراج في السابق وصنفت الجناح العسكري للحزب على لائحة الإرهاب وبقيت تتواصل مع الجناح السياسي».
جلسة حكومية اليوم تحسم ملف النفايات
على وقع التصعيد الخليجي ضد لبنان، يعقد مجلس الوزراء اليوم، جلسة عادية في السراي لحسم ملف النفايات بعد الاجتماع الذي عقدته اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف.
وقال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» إن «مسار جلسة اليوم مرهون بما ستؤول إليه الأمور في ملف النفايات ويبدو أن الأمور صعبة».
وفي ردّه على موقف الرئيس سلام في حال لم تقدم اللجنة الوزارية عرضاً نهائياً للحل، قال درباس: «إن حكومة لا تستطيع حل مشكلة النفايات لا تستطيع الاستمرار».
ورفضت مصادر وزارية الحديث عن تفاصيل الخطة التي نوقشت في اجتماع اللجنة أمس، لضرورة بقائها سرية تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء اليوم، إلا أنها لفتت لـ«البناء» إلى أن الأجواء إيجابية. وعلمت «البناء» أن تسهيلات قدّمت للحكومة لحل الأزمة من خلال فتح بعض المطامر القديمة مؤقتاً».
وأكدت المصادر أن المجلس لن يبحث ملف الوزير السابق ميشال سماحة، كما لفتت إلى أن «المجلس سيتطرق إلى قرار مجلس التعاون إذا طلب أحد الوزراء التعليق»، وتوقعت المصادر «بعض النقاشات الساخنة حول هذا الأمر، لكنها أكدت أن الأمر سيمرّ ولن يسبب أي مشكلة».