عُكاشة شو…!!

وردة بية

تصرّف شخصي، سقطة كبرى، صدمة، فضيحة، عمل انتحاري، دعارة سياسية… تلك هي ردود أفعال النخبة السياسية والإعلامية الغاضبة في مصر على ما قام به النائب والإعلامي توفيق عكاشة بعد استضافته السفير «الإسرائيلي» في القاهرة حاييم كورن، محاولاً افتعال ثغرة في جدار الرفض الشعبي للتطبيع مع العدو الصهيوني.

الصدمة البرلمانية والشعبية لم تتوقف عند الطرد والضرب بالحذاء وتعليق العضوية في البرلمان، إنما أظهرت لنا ما كان غائباً عن أذهاننا، وهو أنّ «كامب دايفيد» لم تفلح في فتح المجال أمام الشعب المصري للتطبيع، وأنّ قرار المعاهدة مقتصر على السلطة لا الشعب… ليتبين أنّ ما قام به عكاشة خرق خطير لمعاهدة الشعب المصري مع الشعب الفلسطيني…

وبالرغم من أنّ الأرض قد اهتزّت في مصر لهذه الواقعة، إلا أنّ هناك نواباً وإعلاميين دعموا ما قام به عكاشة وقالوا إنّ الأخير لم يخالف القانون ولن تقوم أي جهة بمحاسبته على الفعل الذى قام به، وأنّ إحالته للتحقيق داخل البرلمان أمر غير منطقي في ظلّ التنسيق بين مصر و«إسرائيل» ووجود سفارة يرفرف عليها العلم «الإسرائيلي» في قلب القاهرة.

ومن جملة ما جاء على لسان النواب الغاضبين، ما قاله الصحافي مصطفى بكري وهو أنّ ما فعله عكاشة «فضيحة وعار»، موضحاً أنه «استغلّ عضويته في البرلمان المصري ليُنسِّق مع «الإسرائيلي» في قضايا سياسية وتبادل معلومات من دون الرجوع إلى المجلس». كما أكد ناجي الشهابي، بدوره، أنّ ما قام به عكاشة «تصرف صادم للنخبة الوطنية وأنّ هذا العمل انتحار وسيُنهي مستقبله السياسي والإعلامي». وقالت السياسية وفاء عكة في ردة فعل قوية، أنّ ما فعله «أسقطه شعبياً فصار في مربع الحظر الشعبي، لأنّ مشكلته ليست مع شخص، وإنما مع الشعب المصري كله». وأضافت: «لا يجب إعطاؤه فرصة النجاة، بتسليط الأضواء عليه، لأنه صار بلا رمزية». ولفت أحمد سليم عطا، من جهته، إلى أنّ اللقاء جاء في إطار مناقشة كتاب عكاشة الجديد: «دولة الرب» وهدفه «الشو الإعلامي» ليس أكثر، مشيراً إلى أنّ مضمون اللقاء «غير واضح ومبرراته غير مقنعة».

كلّ تلك التصريحات الغاضبة ردّ عليها عكاشة ببرودة دم قائلاً: «من ينتقدني عليه بإلغاء معاهدة كامب دايفيد».

الكثير ممن ينظرون إلى عكاشة على أنه «بهلوان» ، قد يغيرون موقفهم عند إماطة اللثام عن بعض الأمور الغريبة والمشبوهة والمتشابهة التي تجعلنا نقف عندها ونتساءل حولها.

فمنذ أن أنشأ قناة الفراعين، تَصدر المشهد الإعلامي المسرحي، وجعل من نفسه منافساً شرساً لعادل إمام وسعيد صالح، وبقية الشلة، وكانت تصريحاته تتناقلها مختلف وسائل الإعلام من باب التهكم والطرفة، في حين كان هو يشيد بها ويتحدث عنها وعمّا خلفته من جماهيرية واسعة له، ليبدو وكأنه لا يفرِّق بين من يمدحه ومن يسخر منه.

جعل من نفسه شخصية ألمعية، وخصّص البرنامج اليومي «مصر اليوم» الذي يدوم ساعات، ليتحدث مباشرة مع المواطن المصري بلغة «البهوات» حيناً، ولغة الفلاح أحياناً أخرى، البسيط والمكابر، الذكي و«العبيط «… يتكلم ثلاثة أرباع الحصّة عن نفسه، فيقول إنه ابن فلاح حيناً، وأنه ابن باشا أحياناً، ويتحدث في أحيان أخرى عن ظروف العمل القاهرة في ظلّ شحّ الإشهار، ومرة يتحدث عن شُققه وفيلاته في ألمانيا والقاهرة و…

رداً على رسالة من أحد أهالي دائرته قال: «أنا أضعف من المواجهة… وسأخذل كلّ من يعلق آماله بي». ورغم ذلك فأهل دائرته لايفوِّتون فرصة الانتخابات لتزكيتها نائباً عنهم في مجلس الشعب…

ونُقل عن طليقته، أنه كان ينوي أن يُرشِّح نفسه لرئاسة مصر لولا أنّ ظروفاً ما حالت دون ذلك…

الغريب في أمر الرجل، أنه شديد التعلق بالنظام السعودي، وقد لا يُفوِّت حلقة واحدة إلا ويذكر فيها المملكة بلغة «الشحات، الشيّات»، وقد ضُبط متلبساً في مؤتمر المانحين في مصر العام الماضي وهو يقبِّل أيادي أمراء الخليج في إشارة لمنحه المال، فهو الذي يبيع ويشتري ويقول على المباشر: نحن مع من يدفع!!! ما أقدم عكاشة على فعله لم يكن غريبا بالمرة، والضجة التي وقعت في مصر والتي انتهت باستصدار قرار تعليق عضويته، لم تكن بحجم الضجة التي لم يُسمع حسّها في السعودية، عندما أقدم الجنرال السعودي المتقاعد والمقرب من العائلة المالكة أنور عشقي على لقاء المدير العام لوزارة الخارجيّة «الإسرائيليّة» دوري غولد في العاصمة الأميركية في صيف العام 2015 ، حيث أخرج هذا اللقاء العلاقات السعودية ـ «الإسرائيلية» من دائرة السر إلى العلن، ولم نسمع حسّاً لعلماء البلاط الوهّابيين، ولا حتى نخبهم، أو الشعب المُغيَّب، ومرت الصفقة بسلام في بلاد التشدُّد الديني، لتشير إلى أنّ هناك ما هو أعظم وأكبر يُدبر بليل…! فلا تندهشوا أو تُصدموا من الآن فصاعداً مما يقوم به «قاراقوزات» الساسة والسلاطين، ولا نقوى في مثل هذه الحالات إلا أن نقول: دعوها فإنها مأمورة…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى