يعالون في الرياض والجبير في تل أبيب…؟

هشام الهبيشان

تزامناً مع الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الكيان الصهيوني ومسؤولي النظام السعودي، حسبما تتحدّث معظم وسائل الإعلام، تأتي هذه الزيارات في وقت تحدّث فيه الخبير الصهيوني في شؤون الأمن ايهود علام قبل فترة وجيزة، عن ضرورة «توحيد ورص الصفوف بين تل أبيب والرياض»، في وقت زاد فيه بشكل متسارع تطوّر العلاقة بين «محور الاعتدال العربي» والكيان الصهيوني، وهنا يقول ايهود علام في تقرير شامل حول تطور هذه العلاقات بين الكيان الصهيوني والنظام السعودي على وجه التحديد، إنه «في المحصلة العامة، المعركة في سورية واليمن هي فصل آخر من فصول الصراع بين إيران، والمحور الناشئ الرياض – تل أبيب كجزء من المصلحة المشتركة القائمة بين دول عربية وإسرائيل في كبح الهيمنة الإيرانية على الشرق الاوسط»، ويكمل علام أنّ «على إسرائيل أن تساعد حلفاءها، ولكن ليس فقط عن طريق إرسال الجنود لدعم حلفائها في محور الاعتدال العربي، بل عن طريق بناء روئ مشتركة تخدم الجميع».

وهنا يتحدث معظم المحللين الصهاينة ومن ضمنهم علام وبعض المحللين العرب، أنه رغم أنّ المواجهة ليست مباشرة بين السعودية وإيران، ولكن هنا تلتقي بالتحديد مصالح كلّ من الكيان الصهيوني والنظام السعودي، ويقول الخبير الصهيوني علام «إنه في الماضي شاركت في هذا الصراع دول مثل سورية، والتي تم تحييدها الآن من خلال تحويلها الى ساحة حرب بين مزيج من الميليشيات على اختلاف مشاربها وبين الجيش السوري وحلفائه». ويتحدث علام بصراحة كبيرة في ما يخصّ الملف اليمني، ويقول: «إنّ مصر والسعودية، اللتين وقفتا على جانبي المتراس في حرب اليمن في الستينيات، هما حليفتان في المواجهة الحالية في الدولة ذاتها، في ذلك الوقت ساعدت اسرائيل أعداء مصر في الإقليم بعض الشيء، مُشيراً الى انّ تورّط مصر في اليمن في الستينيات عرفت حينها بـ»فيتنام مصر» نسبة للصراع الاستنزافي الذي أدارته الولايات المتحدة في فيتنام في المرحلة ذاتها طبعاً، وقد تصبح اليمن اليوم «فيتنام السعودية»، فـ»أنصار الله» والجيش اليمني خصم عنيد على دراية جيدة بطبيعة المنطقة، ولأنه يقاتل على أرضه ويحظى بدعم قوة كبرى كإيران، على حدّ وصفه.

وفي ما يخصّ الملف اليمني يجمع معظم المحللين الصهاينة على وجوب التقاء المصالح الصهيونية مع مصالح النظام السعودي لالتقائها مع بعضها في الملف اليمني، ومن مرتكز أنّ السعودية ودولاً أخرى من بينها «إسرائيل» قلقة من أنّ أنصار الله والجيش اليمني يهدّدون المضيق القريب باب المندب ، والذي يُعتبر البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، عرض المضيق في جزئه الأضيق يبلغ حوالى 27 كم ، ففي معارك حرب تشرين الأول / اكتوبر 1973 أغلقت مصر المضيق في وجه الملاحة «الإسرائيلية»، واليوم مصر و»إسرائيل» المتعاونتان في قمع «العصابات والإرهاب» في سيناء قد تعملان سوية مع السعودية من أجل تأمين الملاحة لمصر و»إسرائيل» عبر باب المندب، وعلى ضوء الحساسية في العالم العربي، بما في ذلك مصر، تجاه «إسرائيل»، فكلّ ما يتعلق بتدخلها العسكري ومساهمتها في تأمين الملاحة في باب المندب يجب أن يجري في الخفاء، على حدّ تعبيرهم.

اليوم بدأت تتبلور لدى صناع القرار في الكيان الصهيوني معالم المرحلة المقبلة في المنطقة، فـ»إسرائيل» كما يقولون لديها اتفاقات سلام مع مصر والأردن، والعراق وسورية تشهدان عمليات تفكك متقدّمة كما يتحدّثون، مع أنّ الواقع غير ذلك بالمطلق، وخصوصاً في سورية، والسعودية طبعاً لن تتوجه ضدّ «إسرائيل»، بل على العكس في السنوات الأخيرة تمّ نشر سلسلة من الأخبار حول تفاهمات عقدت بين الدولتين ضدّ إيران، من بين الكثير من الأمور، وجرى الحديث عن ممرّ جوي سعودي لهجومٍ «إسرائيلي» محتمل ضدّ مواقع إيران النووية.

فاليوم يؤكد الخبراء الصهاينة، انه خلف كواليس يستتر تعاون أمني واسع بين محور الاعتدال العربي والكيان الصهيوني، وهو آخذ بالتطور، ففي السنوات الأخيرة على حدّ وصفهم بدأت منظومة علاقات حميمة جداً «مع بعض الأنظمة في المنطقة وخصوصاً مع بعض دول الخليج وغيرها من الدول، لأنّ هوية المصالح متشابهة، فمضمون مسار هذه العلاقات كما وصفها أحد الخبراء الصهاينة يتلخص بالآتي، حسب قوله «اليوم للعلاقات شكل معيّن… بمعنى آخر هم يجلسون معنا في غرف مغلقة ويتصافحون ويتفقون على كلّ شيء، لكن هذه الدول تقول إذا كنتم تريدون أن تكون هذه العلاقات علنية عليكم أن تظهروا كأنكم تحاولون حلّ الصراع مع الفلسطينين وطالما أنّ هذا لا يحدث، فهذه العلاقات ستبقى سرية».

ختاماً، إنّ حديث خبراء وجنرالات وساسة الكيان الصهيوني عن تطوّر العلاقات بينهم وبين بعض أنظمة محور الاعتدال العربي، لم يعد يأخذ منحى عابراً، فهو أصبح عبارة عن «علاقة زواج مثلي مقدس» يرعاه السيد الأميركي بين الكيان الصهيوني وهذه الأنظمة. وهذا ما يوحي بتطورات ومشاريع خطيرة ستعيشها المنطقة العربية وشعوبها في المقبل من الأيام، «ولكِ الله يا فلسطين»…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى