نصرالله: الشارع العربي أسقط الفتنة والتطبيع… والخطة السعودية «الإسرائيلية» و… ابتزازكم لنا لمنع قتالنا الإرهاب دعوة لوصول «داعش» إلى بيوتنا وقصوركم
كتب المحرر السياسي
لم تتضح بعد ملامح النتائج التي قصد الإشارة إليها رئيس وزراء تركيا داوود أوغلو مع نهاية زيارته إلى طهران متوجهاً إلى لقاءات أوروبية، بقوله إنّ الاتفاق تامّ بين تركيا وإيران على إنهاء الحرب في سورية بحلّ سياسي لا يستثني أحداً، والتأكيد على تثبيت وقف النار ورفض كلّ أشكال التقسيم، بينما قالت مصادر متابعة إنّ أوغلو أبلغ الإيرانيين موافقة حكومته على تقبّل حقيقة الوضع المستجدّ في سورية، والنتائج التي تترتب على التبدّل في الموقف الأميركي والغربي بعد التفاهم على الملف النووي مع إيران والتموضع الروسي العسكري في سورية، واستعداد أنقرة للتأقلم مع حلّ سياسي يتسع لجميع الأطراف السورية، وما يعنيه ذلك من تسليم باستحالة المضيّ في المعركة التي قادتها تركيا بالشراكة مع السعودية، تحت شعار إسقاط الرئيس السوري، وقبولها بالخروج من حالة الإنكار والمكابرة إلى واقعية سياسية، تضمن لها شراكة في حلّ سياسي سوري لا يمنح الأكراد الخصوصية التي تقلق تركيا، ولو كان الثمن التسليم بكون الرئيس السوري بشار الأسد عنواناً للحلّ.
التأقلم التركي ومؤشراته، يأتي مع نتائج القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقادة الأوروبيين، والذي تمّ خلاله الاتفاق على شراكة الأكراد في وفد المعارضة في جنيف بالإضافة إلى مكونات المعارضة الأخرى، ما ترتب عليه مزيداً من الارتباك السعودي والتضعضع في جماعة الرياض التي فقدت حصرية التفاوض السياسي بعدما أفقدها قيام «جيش الإسلام» بمفاوضات منفصلة حول تبادل أسرى ومخطوفين وموقوفين قيادة التفاوض حول وقف النار والهدنة.
هذا الوضع دفع بالرياض إلى مزيد من الغضب ودفع جماعتها لإعلان عدم المشاركة في جنيف، فتأجّل الموعد بطلب أميركي من المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي أعلن أنّ الموعد الجديد هو الرابع عشر من الشهر الجاري، وقالت مصادر قريبة منه إنّ الموعد قد يتأجل مرة ثانية للأسبوع الأخير من هذا الشهر إلى ما بعد قمة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس الروسي.
الموقف السعودي المرتبك سورياً، ليس بوضع أفضل يمنياً مع القصف الصاروخي الذي استهدف معسكرات التحالف في أكثر من محافظة يمنية، ومع تقدّم الجيش واللجان الشعبية في محافظة تعز، لكن الوضع السعودي الأسوأ كان مع الانسحابات التي بدأت تتسع من قرار تصنيف حزب الله إرهابياً، الذي أراد السعوديون فرضه كأمر واقع عبر تهريبه في نص بيان وزراء الداخلية العرب، وبعد تونس والجزائر والعراق، أكدت مصر أنّ البيان لن يغيّر طبيعة علاقتها بحزب الله، كما أعلنت أحزاب عربية مواقف متتالية، وأطلقت تحركات تندّد بالقرار، وتؤكد التمسك بخيار المقاومة، وكان أبرزها ما أعلنته أحزاب التيار الناصري في مصر والتيار القومي في موريتانيا.
الموقف السعودي كان محور خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في تأبين القيادي في حزب الله الشهيد علي فياض الذي سقط في معركة خناصر مع تنظيم «داعش»، فكان الخطاب مناسبة لتأكيد السيّد نصرالله أنّ قتال المقاومة ضدّ الإرهاب في العراق حمى السعودية من «داعش»، وحمى لبنان عبر القتال في سورية، وابتزاز اللبنانيين بالمساعدات والعاملين في السعودية للضغط على حزب الله لوقف قتاله، لا يعني إلا السعي لجعل تهديد الإرهاب مباشراً على مستقبل لبنان واللبنانيين والمنطقة كلها بما فيها السعودية نفسها.
وتوقف السيّد نصرالله أمام ما جرى في اجتماع وزراء الداخلية العرب فشكر تونس وكلّ من وقف مع المقاومة، واعتبر الردّ الذي صاغه الشارع العربي علامة سقوط لمشروع الفتنة، بالتوازي مع ما ظهر من انتفاضة في مصر في وجه التطبيع ليخلص بالقول لـ»الإسرائيليين» إنّ خطتكم أنتم والسعودية قد فشلت.
نصرالله: نفتخر بإفشال المشاريع السعودية في المنطقة
تكلّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال المهرجان التكريمي للشهيد القائد علي فياض أبو علاء البوسنة في بلدة أنصار جنوب لبنان أمس، بلغة المقتدر الواثق من النصر المطمئن للنتائج وهمّه إفشال العدوان وليس الانتقام من أدواته، فكان خطابه مقسّماً إلى قسمين، الأول المحطات والميادين التي عدّدها في مسار الشهيد علي فياض والتي تشير إلى محطات قتال حزب الله، والتي جميعها كانت دفاعاً عن المظلوم في وجه الظالم وحماية لحقوق المعتدى عليهم من سورية إلى لبنان إلى العراق إلى البوسنة. أما القسم الثاني فوجّه فيه رسائل امتنان إلى الشعوب الداعمة للمقاومة من جهة، ومن جهة أخرى رسائل تحدٍ إلى السعودية و«إسرائيل».
وردّ السيد حسن نصر الله على قرار مجلس التعاون الخليجي الذي صنف حزب الله بالإرهابي، مؤكدًا أن «مَن يواجه السعودية في سورية هو المدافع الحقيقي عن المصالح الوطنية اللبنانية»، ولافتاً في الوقت ذاته إلى أن «النظام السعودي يحتاج إلى من يحمّله مسؤولية فشله الذريع في سورية واليمن والبحرين، ومعرباً عن افتخاره بإفشال هذه المشاريع العدوانية والحروب في الدنيا والآخرة».
وأضاف: «ما يحصل اليوم من تآمر على المقاومة ليس جديداً بل هو تواصل للاستراتيجيات السابقة والقديمة»، متوجّهاً لدول مجلس التعاون الخليجي بالقول: «مَن الذي استعاد الكرامة العربية وبعضاً من الحقوق والأرض والعزة العربية سوى المقاومة في لبنان التي تصفونها بالإرهاب».
ولفت السيد نصرالله إلى أنه «لو انتظرنا استراتيجية عربية واحدة وجامعة عربية، لكانت إسرائيل في الجنوب والعاصمة بيروت والضواحي، بحال لم تكمل على كل لبنان وكانت المستعمرات في لبنان، وكان الشباب اللبناني في المعتقلات».
وسأل: «ما هي جريمة تدخل حزب الله في العراق؟ في مواجهة مَن؟ في مواجهة «داعش» الذي يُجمع العالم على أنها تنظيم إرهابي؟ وحتى جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومجلس وزراء الداخلية العرب يصفونه بالإرهابي، نحن نقاتل التنظيم الذي أجمع العالم على وصفه بالإرهاب، هل نكون مدانين؟».
خطاب برسائل ثلاث
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «السيد نصرالله خاطب السعودية بهدوء الناصح لا المستفزّ وأبلغها أن غضبها لن يقودها إلى انتصار، بل سيفاقم الخسائر وأن عليها أن تعتذر عن المغامرة والمقامرة طيلة السنوات الخمس الماضية، لأن الأمور وصلت إلى حد لا تستطيع السعودية أن تغيّر مسار الأمور».
وأشارت المصادر إلى أن «السيد نصرالله توجه إلى إسرائيل برسالة بالغة الأهمية أنه إذا طبّعت الأنظمة العربية معها، فإن الشعوب لن تطبّع وأن الأنظمة ساقطة مع سقوط المشروع والشعوب باقية وستفرض إرادتها وبالتالي تصبح الأنظمة خارج أي معادلة جديدة في المنطقة، كما عبر السيد نصرالله عن تقديره وامتنانه للشعوب المتعاطفة مع حزب الله والمقاومة ضد هجمات الأنظمة، فكانت رسالة افتخار بهذه العاطفة الشعبية وطمأنينة بأن المقاومة بهم منتصرة».
الحريري غادر إلى السعودية
في غضون ذلك وفي ظل المواقف التصعيدية في الداخل والأزمات الحياتية والبيئية، غادر الرئيس سعد الحريري لبنان إلى السعودية، على أن يعود إلى بيروت خلال أيام قليلة.
ونفت مصادر نيابية في المستقبل لـ»البناء» وجود أسباب أمنية وراء مغادرة الحريري لبنان، وأكدت أن «سفر الحريري سيستمرّ لأيام ويعود بسبب ارتباطه بمواعيد في بيروت، كما أنه وسيأتي بالتأكيد للمشاركة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 23 آذار المقبل».
وتحدثت المصادر عن تفاؤل لدى الحريري بقرب إنجاز الاستحقاق الرئاسي «يستند إلى عوامل خارجية أكثر منها داخلية، أي ضغوط دولية تمارس على إيران وتحديداً من الولايات المتحدة وفرنسا والفاتيكان في محاولة لإقناع حزب الله بانتخاب رئيس في أقرب وقت».
وشدّدت المصادر على أن «لقاء الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل منذ أيام لم يقدّم شيئاً جديداً على صعيد الرئاسة»، وقالت: «مرشحنا فرنجية وسيبقى، ولن نقبل برئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون رئيساً حتى لو أقفلت الأبواب كافة إلا إذا ذهبنا إلى الانتخاب وفاز عون في المجلس النيابي بالطريقة الديمقراطية».
بن نايف والهبة في باريس
لم تقدّم محادثات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف مع كبار المسؤولين في فرنسا أي جديد إزاء الإجراءات «العقابية» بحق لبنان، رغم حضور هبات الأربعة مليارات في اللقاءات، إلا أن أجواء المحادثات أوحت بخلاف بين المملكة وفرنسا التي تؤكد حرصها على استقرار لبنان الأمني والسياسي والاقتصادي.
ونفت مصادر وزارية لـ«البناء» أي مؤشر يشي بحلحلة على صعيد العلاقات الخليجية – اللبنانية بسبب التصعيد في المنطقة، و«لأن السعودية في طور التصعيد وليس الهدوء»، ونفت أيضاً أي حديث مع الحكومة اللبنانية للعودة عن قرار وقف الهبة ولا عن إرسال الرئيس سلام أي وفد وزاري إلى السعودية لاستطلاعها بشأن المساعدات ولتصحيح العلاقة معها»، وقالت المصادر: «الأبواب مازالت مغلقة». وقالت مصادر «المستقبل» لـ«البناء» إن «الوضع يتجه إلى التصعيد بين لبنان ودول الخليج ولا معطيات جديدة لتصحيح الوضع مع الدول الخليجية»، معتبرة «أن خطاب السيد نصرالله سيؤدي إلى مزيد من التأزيم»، وتحدثت عن هلع لدى العاملين اللبنانيين في السعودية ودول الخليج إزاء ترحيلهم قريباً إلى لبنان».
الحكومة رهن ملف النفايات
حكومياً، لم يسلك خيار المطامر طريقه نحو التنفيذ بسبب العراقيل التي مازالت تعترضه نتيجة رفض أهالي بعض المناطق إقامة مطامر فيها، ما دفع رئيس الحكومة تمام سلام إلى ربط الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بالتوصل إلى حل نهائي لملف النفايات وعرضه على مجلس الوزراء واضعاً الاستقالة كأحد الخيارات إذا تعطل الحل. بالتالي فإن الحكومة باتت رهن مصير ملف النفايات.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أن «الرئيس سلام لن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء إلا بعد التوصل إلى حل نهائي لملف النفايات وعرضه على مجلس الوزراء للبت به وإنهاء الأزمة».
ولفت درباس إلى «انزعاج سلام الشديد من عرقلة خيار المطامر وعزمه على نقل المسؤولية على كاهل جميع الأطراف»، مضيفاً: «إذا حلت أزمة النفايات يُحلّ كل شيء ويعود مجلس الوزراء للانعقاد بشكلٍ طبيعي ويُبت بمئات البنود الحياتية والمعيشية والاقتصادية الأخرى التي تنتظر على جدول الأعمال».
ونقلت مصادر وزارية عن سلام لـ«البناء» إعلانه في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة عن نيته الاستقالة وأنه سيلجأ إلى خيار سيكون أبعد من تعليق جلسات مجلس الوزراء».
وعن خيار المطامر قالت المصادر: «فلت الملق»، وحملت بعض وسائل الإعلام المسؤولية في تحريض المواطنين على رفض إقامة المطامر في بعض المناطق، ما أدى إلى عرقلة الخطة، وحذرت المصادر من أن خيار المطامر على وشك السقوط ولا بديل آخر في الوقت الحالي، ما ينذر بأزمة جديدة وكارثة بيئية وصحية مع حلول فصل الصيف».
لا خيار إلا المطامر
وقال وزير التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ»البناء» إن «لا خيار أمام الحكومة إلا خيار المطامر لحل هذه الأزمة، مشيراً إلى اتصالات وتواصل مكثف بين المعنيين بهذا الملف وبين فعاليات المناطق لإقناعهم بإقامة المطامر في المناطق التي حددتها اللجنة المكلفة، ولإقناع بعض المواطنين المعترضين على ذلك». وأشار دو فريج إلى وجود دراسات بيئية وجيولوجية معدّة قبل العام 2000 لإنشاء مطامر ومعالجة يعمل للاستفادة منها اليوم».
النقاش يدور حول ثلاثة مطامر
وعلمت «البناء» من مصادر وزارية في اللجنة المكلفة الملف أن «عمل اللجنة يدور حالياً حول ثلاثة مطامر وهي الكوستابرافا وبرج حمود والشوف – إقليم الخروب – الكجك».
وأوضحت المصادر أن «لا مشكلة في مطمر الكوستابرافا، أما المشكلة ففي مطمر إقليم الخروب، أما في برج حمود فالأمر شبه منتهٍ ويتم البحث في التفاصيل للتأكد من الحوافز والمدة الزمنية لفتح المطمر والمساحة المخصصة للردم ومعالجة جبل النفايات في برج حمود».
كما أوضحت أن «المشكلة هي في المناطق التي كانت خاضعة لنطاق عمل شركة سوكلين، أي في بيروت وضواحيها وقسم كبير من جبل لبنان الشوف – إقليم الخروب وكسروان – المتن وعالية بعبدا، أما في البقاع والجنوب والشمال فلا مشكلة».
.. وإقليم الخروب يرفض
ونفّذ أهالي واتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي اعتصاماً واسعاً عند مدخل كسارة الجية في ساحة بلدة الجية، رفضاً لإقامة مطمر للنفايات في أي منطقة من قرى الإقليم وبلداته.
وأوضح نائب الإقليم الدكتور محمد الحجار لـ«البناء» أنه «من غير المقبول إقامة مطامر بين الناس، ونحن كنواب وبلديات نعمل على إيجاد حل ليس فقط لأزمة النفايات في كل لبنان بل في إقليم الخروب أولاً، لان المكبّات العشوائية منتشرة للأسف في مجمل مناطق الإقليم».
وعزا الحجار عرقلة خيار المطامر إلى فقدان الثقة بين الدولة والمواطن وتعاطي الدول مع ملف النفايات بهذه الطريقة منذ أشهر، فضلاً عن التحريض الإعلامي الذي يدفع المواطن إلى التشكيك في أي حل». مشدّداً على أن «المسؤولية تقع على البلديات في إيجاد حل لازمة النفايات».
.. والحراك يعود إلى الشارع
عاد الحراك المدني إلى الشارع من بوابة التفتيش المركزي حيث اعتصم ناشطو «بدنا نحاسب» أمام مقره في بيروت، احتجاجاً على ما أسموه «تقاعس التفتيش المركزي في محاسبة من يقيم الصفقات ويسرق المال العام». ثم توجّهوا من أمام التفتيش المركزي إلى السراي الحكومي، حيث أنهوا اعتصامهم ببيان طالبوا فيه رئيس الحكومة بالضغط على التفتيش ليقوم بدوره في كشف الصفقات»، واعدين «بكشف الحقائق للرأي العام عمن يسرق المال العام».