قرود.. ولاية بن قردان

نظام مارديني

عشية إعلان تونس الرئاسي والحزبي والشعبي الكبير، رفضَها وسمَ حزب الله بالإرهاب، أفلتت الوهابية قرودَها حاملة وباءها الـ «HIV» لبثه في الجسد التونسي الذي لفظ الفكر التكفيري لغير رجعة منذ إسقاط الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي الذي كان قد ضبطته الجمارك التونسية بعد عودته من الدوحة في أيار 2015 وفي جعبته مبلغ 12 مليار دينار تونسي، وهي واقعة تفسر عمالة المرزوقي لقطر، كما تفسر سلوك المرزوقي وتصرفاته، الذي دأب على مهاجمة مصر وثورتها ضد جماعة الإخوان الإرهابية. كدأبه التآمر على الدولة السورية ودعم الجماعات الإرهابية فيها، كما فعل المخلوع محمد المرسي.

إذاً، هو رفض تونسي للقرار السعودي، وهذا الرفض يُعَدّ ثورة ضد المشروع الوهابي في المنطقة، وانطلاقاً من علم اجتماع الثورات يمكن القول إن ثمة عوامل متوفرة لإمكانية حدوث انفجار مقبل في السعودية، بعد اهتراء الحكم وصراع الأمراء على السلطة، وعيش 5 ملايين نسمة تحت خط الفقر، 70 منهم شباب، إذا شعرت الأجهزة والسلطة السعوديتان بأن الرفض التونسي ممكن له أن يُعدي العالم العربي برمّته وقد تصل أصداؤه الأراضي السعودية. ولأن آل سعود مقتنعون بأن الأرض التونسية رخوة كان لا بد من تحريك خلاياهم في منطقة بن قردان التونسية الساحلية المحاذية للحدود مع ليبيا التي يسيطر تنظيم داعش الوهابي على مناطق شاسعة منها الذي ورث الأخوان المسلمين بعد سقوط مشروع قطر في تونس ورحيل عميلهم المنصف المرزوقي.

قامت السعودية بضربة وقائية في تونس بهدف رفع عصا المطّوع الوهابي على كل مَن يخرج عن قراره. ويا للصدف هاجم تلامذة الوهابية مواقع ومقامات الصوفية ورموز تياراتها الموجودة بقوة لأن الصوفية هي التي حاربت وقاومت الاستعمار الفرنسي فالناس تحترمها. وهذه الزوايا جزء من التاريخ الفني والاجتماعي التونسي، جاءت الوهابية السعودية وأحرقت هذه الزوايا الصوفية واعتدت عليها وأدخلوا مفاهيم جديدة مختلفة تماماً مع المجتمع التونسي.

كان ثمة تنافس شديد بين قطر والسعودية للسيطرة على تونس. السعودية موّلت مَن تسميهم بالسلفية العلمية أي الوهابية، ولديها تنظيم دولي أنشأته منذ عام 1962 والرابطة الإسلامية العالمية ويتكون من شيوخ وهابيين. أما قطر بالمقابل أنشأت عام 2004 ما سمته الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ووضعت القرضاوي على رأسه وهي تساند حركات الإخوان المسلمين ومَن يذهب في هذا الاتجاه. إذاً ثمة صراع كبير على استقطاب الإسلاميين في تونس بين هذين التيارين الوهابي السعودي والإخواني المموّل من قطر، والجميع يعرف كيف كانت الدوحة تحرّض القرضاوي على إلقاء الخطب النارية ضد السعودية فوق منبر جامع عمر بن الخطاب.

… لا تزال تونس في عين العاصفة الوهابية والإخوانية، ولكن كل حسابات قرود حلف الشيطان الوهابي ـ الصهيوني ـ التركي ستتكسّر على صخرة الشعب التونسي العظيم وإيمانه وصموده الأسطوري وتضحياته الجسام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى