لسنا بحاجة لقراءة قراراتهم…!

د. سلوى الخليل الأمين

وتبقى قراراتهم حبراً على ورق، وتبقى يا سيدي قائد الأحرار والأشراف والمجاهدين الأنقياء الذين حموا بأرواحهم مستقبل هذه الأمة.

تبقى علامة النصر المرفوعة على راياتنا التي لن تنهزم، ما دمت مسرجاً أحلامنا على فوهات السيوف التي لا تنكسر، ولا تنهزم في ساحات الوغى. فأنت سيد المقاومة وحزبك حزب الله هو الغالب مهما استعرت النفوس وانتحبت أوراق الدهور… دهورهم المربكة بألف حكاية وحكاية، تقص على الملأ أقاصيص خوفهم ورعبهم من متانة لغتك ومواقفك التي تطوف من دار إلى دار ومن وطن إلى وطن ترفع أناشيد النصر لفلسطين… تمائم حب ووفاء وعهد ووعد لا ينضب ماءه النمير… ولا تهزه خزعبلات الأنفس الأمّارة بالسوء.

ظنوا وهم متربعون على طنافس المخمل والديباج، أنهم صقور الحارات والمدن والأوطان العربية كلها، ونسوا أنّ في الجزائر أبطالاً شجعاناً، وأنّ وطن المليون شهيد لا يمكن أن يدنّس تاريخه بتوقيع مشين، ونسوا أنّ في تونس الخضراء ما زالت العروبة ندية يانعة، ونسوا أنّ في بلاد الرافدين كتبت ملحمة البطولات في كربلاء ومنها انطلق الشعار الحق، شعار الأوفياء: «هيهات منا الذلة»… ونسوا أنّ في دمشق التي هي عبق التاريخ وميسلون الكرامة وأسود الغابات صمود حتى النفس الأخير، ونسوا انّ في لبنان كرامات لا تطعجها حسابات من ذهب ومرجان، ونسوا أنّ في بلدانهم العربية الأصيلة شعباً لم ينس فلسطين ولم ينس قائد المقاومة السيد حسن نصرالله.

كلنا مقاومة في حزب الله، وكلنا طوع بنانك يا سيدي، تدعونا فنجيب دون أيّ تباطؤ أو تلكؤ أو خوف او اغتراب عن بيئتنا وقوميتنا ووطنيتنا وواجبنا العربي السيادي، رغم لغة القرارات اللاعربية الموقعة بحروف صهيونية، طالما كنا نحسبها ستعود رافعة فعل الندامة على دحض قضية فلسطين، وعلى المشاركة في تدمير سورية وقتل ناسها وتهجير عائلاتها، ناهيك عن الصمت المطبق على احتلال العراق وقتل علمائه وسرقة تراثه وإرسال المتفجرات تحصد الأبرياء من أبنائه العزل دون ذنب اقترفوه، وإضافة إلى إذلال رجاله ونسائه في سجن أبو غريب دون رفة جفن من أولياء الرحم والرحمة والأخلاق الإسلامية.

لقد ساهموا في تدمير ليبيا وتفتيتها وزرع الفوضى في ديارها وسرقة ثرواتها النفطية، كما يحاولون تفتيت مصر أرض الكنانة وقاعدة المدّ الناصري عبر تفجيرات عصاباتهم التكفيرية التي سلحوها ونظموها وأمدّوها بالمال وقالوا لها اسبحي في هذا العالم العربي ولك الحرية المطلقة في تدمير كلّ دولة في حياضه لا تتبع سياستنا الممالئة للعدو الصهيوني والامبريالية العالمية… لمجرد أنّ في هذه البلاد من يرفع الصوت عالياً بالصمود والتصدّي ومقاومة كلّ مستعمر وغاصب ومحتلّ معتد غاشم.

لهذا لا اختباء بعد اليوم في ظلّ الأخلاق الحميدة، ومقولة عفا الله عما مضى، فالظرف الراهن، بعد كشف الغطاء عن النوايا المبيّتة لخراب أمة العرب، يتطلب كشف المستور من المؤامرات التي طالما طالت المقاومة في أثناء حرب 2006 وغيرها مما يُحاك في الكواليس الدولية ضدّ أمة العرب وبلاد الشام تحديداً الواقفة بالمرصاد للعدو الصهيوني، كما لا بدّ من الوقوف علناً مع حزب الله وتأييد مقاومته التي تولّد أبطالاً هزوا عروش بني صهيون ومن يمالئهم من أخوة الدم واللغة والعقيدة الدينية، وكلّ من يسهل تمرير سياستهم العدوانية القائمة على طمس قضية فلسطين وشطبها عن الخارطة العربية.

نعم لقد ضاقت السبل عليهم يا سيدي، بعد هزيمتهم في اليمن، وقبلها في سورية، وقبلها في العراق، وحالياً في لبنان، فباتوا حيارى لا يدرون ماذا يفعلون حين الأكثرية العددية من أحرار العرب معكم في خط سيركم الجهادي المكتوب على القلوب والعقول: زحفاً زحفاً حتى تحرير بيت المقدس من دنسهم وحقارة نفوسهم، هم الواقفون على خط النهايات… وهم البادئون بمراسم الغضب، وهم الحاملون عما قريب حقائب السفر، وهم أحصنة دونكيشوت التي بعثرتها الرياح، وهم الذين سينتشرون في الأرض سائحين فوق الغمام لا يدرون أيّ المحطات ستستقبل طائراتهم الخاصة، كما حدث مع شاه إيران، شرطي الخليج السابق والفزاعة الأميركية المغروسة في وجوههم، الذي احتلّ جزرهم العربية دون أن ينبسوا ببنت شفة، بل كان كلّ همّهم إرضاء الأمبراطور الذي ظنّ أنّ حكمه باق إلى الأبد… والعبرة لمن يتعظ من مجريات التاريخ.

نحن يا سيدي خريجو المدرسة الكربلائية والأحزاب القومية والتقدّمية ومسارات النضال والجهاد، التي ما زالت على الزناد في تصدّيها للعدو الصهيوني، لهذا من الصعب أن يدخلوا معنا جميعاً حلبة الصراع… وينتصرون.

إنّ درب الجلجلة متعب وشاق يا سيدي، سماحة القائد السيد حسن نصرالله، لكنك أردتها هدفك الأسمى ونحن معكم، أحرار هذه الأمة، ماضون إلى النصر المؤزّر مهما تشاطروا في تزييف الحقائق، فأنت لا يمكن أن تسقط من يومياتك ما يفعله أولئك الظالمون من مجازر وتهجير ودمار وقتل، ولا يطاوعك ضميرك على الصمت، وهذا ما أغاظهم وأربكهم، لظنّهم أنّ اليمن من ملكيتهم الخاصة، وسورية والعراق ولبنان تحت إبطهم، والبحرين مملكتهم الخصوصية كما كلّ الدول الخليجية، التي أهملوا شعبها، واستباحوا ثرواتها، ونصّبوا أنفسهم ملوكاً وأمراء على عروشها، والتاريخ يشهد أنّ هذه الألقاب المستوردة لا وجود لها في قاموسنا العربي، ولا في نهج أمة محمد ويسوع الناصري، وقد أهانوا وظلموا أتباع العقيدتين بأفعالهم الإرهابية المتدثرة لبوس الشيطان الرجيم، عبر بث الفتن المذهبية بين أبناء العقيدة الدينية الواحدة، وعبر تهجير مسيحيّي هذا الشرق، ولم يقتنعوا لتاريخه باحترام شعوبهم لمقاومتك وصمودك في وجه العدو الصهيوني، وتقديرهم انتصاراتك بقهر الجيش «الإسرائيلي» الذي قيل عنه زمناً إنه لا يقهر وقهرته، وجعلته خائفاً من قوة مجاهديك، الذين ما برحوا يلتفون حول أهدافك بطيبة نفس، قلّ ان يحلموا بوجودها في عقر ديارهم.

قيل قديماً انّ الفروسية من شمائل العرب، كما الجود ونصرة الضعيف، فأين نحن من تلك القيم حين النسيان سيد الموقف لما هو مدرج في سلوكياتنا العربية كمثل: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، و«الجار ولو جار»، فكيف بمن تربطك بهم صلة الحسب والنسب واللغة والدين والأخوة والجيرة التي هي أقرب من حبل الوريد! وحين استجارة المظلوم أمر لا خلاف عليه؟ إنّ زمنهم يا سيدي زمن سقوط الأخلاق العربية والقيم الأصيلة التي تعمّدت بدم الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون.

ها أنا ذا يا سيدي، أرفع الصوت جهاراً بالقول: إنّ إشراقة شمسك لن تغيب، وانّ عظمة انتصاراتك إلى مزيد، وإنّ مساكب الورد في ربوع لبنان، كما بيارات الليمون في فلسطين، وحقول الورد الجوري في شامة الدنيا، وهامات النخيل في العراق واليمن السعيد، كلها تشتهي وقع أقدامك ونبض أنفاسك المشبعة بحب هذا الوطن وكرامة ناسه الممتدّة على خطوط الطول والعرض من المحيط إلى الخليج.

لهذا يا سيدي لن يهزمك قرار مفلس، لأننا بايعناك على الشهادة والحق، ولأنّ رائحة الحبر النقي تفوح من قرارتك المشبعة بحماية الوطن، ولأنّ قوة الوفاء لنهجك المقاوم وخطك البياني المرتفع صعداً لا يمكن أن تهزه رياح القرارات الهمايونية، فقد رسمت الهدف… قضية فلسطين… وإنّا على دربك سائرون.

فليموتوا في غيظهم، حين كلّ مناصري قضيتك التي هي قضية كلّ حر عربي لن يقرأوا قرارهم المشين، حتى لو أعلنوا على الملأ محاباتهم لـ«إسرائيل» وتعاونهم المستقبلي معها كما وعدهم أحد الحاخامات مارك شتاينر حين قوله: «على الدول العربية المعتدلة، ويقصد دول الخليج للأسف، الاحتماء بإسرائيل».

هنا ربما علينا ان نذكّرهم بأطفال قانا وطولكرم وبحنين ونابلس وغزة ومحمد الدرة والأسرى من النساء والشيوخ والأطفال وحتى نواب الدولة الفلسطينية المحتجزين في سجون الاحتلال… علّ وعسى تتمّ مقايضة خروجهم بهذا الحب العذري الشفيف الهابط عليهم… دون سابق إنذار.

رئيسة ديوان أهل القلم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى