نشاط «BDS» يثير صراعاً داخل «إسرائيل» وانتقادات حادّة لنتنياهو
أشارت صحف عبرية عدّة إلى أنّ نشاط «حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها BDS»، يثير صراعاً داخلياً في «إسرائيل»، بين الحكومة وأحزاب المعارضة.
وهاجم قادة الأحزاب الصهيونية في المعارضة رئيس الحكومة ووزير الخارجية «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، واتهموه بأنه لا يفعل شيئاً من أجل محاربة حركة المقاطعة العالمية وبأنه دمّر الدبلوماسية «الإسرائيلية».
وقال الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام «الإسرائيلي» «شاباك» وعضو لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست» يعقوب بيري من حزب «ييش عتيد» يوجد مستقبل ، خلال ندوة «سبت الثقافة» في مدينة حولون، إنّ حضور حركة «BDS» يتسع في الجامعات في أنحاء العالم، وبرلمانات كثيرة تسنّ قوانين ضدّ «إسرائيل»، ويراكم الفلسطينيون إنجازات في الحلبة الدولية، ورئيس الحكومة لا يفعل شيئاً.
وأضاف بيري: «يحاولون تصنيف إسرائيل كدولة أبارتهايد، وبدلاً من رصد ميزانيات لوزارة الخارجية وتعيين وزير بوظيفة كاملة، فإن رئيس الحكومة منشغل بصراع البقاء السياسي».
ولفت بيري إلى ما يوصف بأنه عزلة «إسرائيل» في العالم على خلفية الجمود الحاصل منذ سنوات في العملية السياسية مع الفلسطينيين، وتساءل: «هل ستبادر دولة إسرائيل ولو بخطوة صغيرة تجاه الفلسطينيين؟»، معتبراً أنه في حال تم ذلك «فإن معظم دول العالم ستكون إلى جانبنا وسنحظى بتأييد دولي واسع».
وشدّد بيري على أن انعدام الثقة بـ«إسرائيل» بين أوساط زعماء العالم مطلق، «ومن أجل أن نبدأ شكلاً ما من المفاوضات، ينبغي أن نبني قاعدة ثقة ولا ينبغي تحديد الحوار السياسي بفترة زمنية ولا ينبغي التطلع إلى تعريفات مثل سلام وإنما القيام بسلسلة تسويات».
واعتبر أن «جهات معادية للسامية في BDS تحاول المساس بإسرائيل وتقويض حقنا في الوجود في هذه البلاد، وبنيامين نتنياهو لا يفعل شيئاً».
وقال عضو «الكنيست» إيتان كابل، من قائمة «المعسكر الصهيوني»، في اليوم نفسه إن مدير عام شركة «أورانج» الفرنسية استسلم لـ«BDS» بعد حملة إعلامية للحركة. وكان كابل يشير بذلك إلى فك الارتباط بين «أورانج» الفرنسية وشركة «بارتنر» «الإسرائيلية» للاتصالات الخليوية مؤخراً. وقال إنه طلب عقد اجتماع طارئ للجنة الاقتصاد في «الكنيست»، التي يرأسها، من أجل بحث ظاهرة مقاطعة «إسرائيل».
وعقد رئيس حزب «ييش عتيد» يائير لابيد، ورئيس حزب «يسرائيل بيتينو» آفيغادور ليبرمان، ما وصفاه بأنه «مؤتمر طارئ في الكنيست»، يوم الاثنين الماضي، دعَوا فيه إلى محاربة حركة «BDS» تحت عنوان «نحارب من أجل مكانة إسرائيل الدولية»، ووجّها خلاله انتقادات شديدة إلى نتنياهو.
وقال ليبرمان، وهو وزير الخارجية السابق، إن نتنياهو يحاول أن يأخذ الدبلوماسية «الإسرائيلية» وتدميرها بالقوة. ووزارة الخارجية هذه ليست ملكاً خاصاً لأيّ أحد، بمن في ذلك عائلة نتنياهو. لا يمكن تدميرها من أساسها.
وتطرق ليبرمان إلى إغلاق سفارات وممثليات دبلوماسية «إسرائيلية» في العالم خلال الشهور الأخيرة، ووصف ذلك بأنه جنون. وأردف أنه لا سياسة خارجية للحكومة وهذه استباحة مطلقة، ونتنياهو لا يدخل السفراء إلى لقاءاته مع رؤساء دول. فكيف يجب أن يشعر السفراء؟
بدوره، تحدث لابيد أيضاً عن المسّ الخطير، ليس بالدبلوماسية والعلاقات الخارجية فقط، إنما بالأمن القومي أيضاً.
وقال لابيد إن التدهور الحاصل دراماتيكي. حركة «BDS» تراكم القوة والمؤسسات الدولية ومن ضمنها الأمم المتحدة أيضاً تتبع خطاً معادياً لـ«إسرائيل». وهناك أزمة مع الإدارة الأميركية، وأزمة مع الاتحاد الأوروبي، ووسائل الإعلام العالمية تتبع خطاً معادياً بشدّة لـ«إسرائيل» وتشوّه سمعتها بمساعدة منظمات معادية لـ«إسرائيل».
وشدّد لابيد على أن «وضعنا الدولي لم يكن أبداً، في كل تاريخ الدولة منذ عام 1948 وحتى اليوم، سيئاً إلى هذه الدرجة. وما يزيد الوضع سوءاً أنّ حكومة إسرائيل لا تعترف بذلك. لا يعترفون بأن وضعنا سيّئ، إنما يحاولون التظاهر بأن كل شيء يجري بشكل حسن. لكن كل شيء ليس حسناً».
وتابع لابيد أن الإنجازات التي حققتها «إسرائيل» في الماضي، وبينها إقامة مفاعل ديمونا النووي بمساعدة فرنسا والحصول على غواصات نووية بمساعدة ألمانيا والمساعدات الأميركية، «ما كنا سنحصل عليها اليوم. لقد أجريت محادثات وبإمكاني أن أقول إننا غير موجودين في الميدان الدولي».
وقال لابيد: «توجهت إلى رئيس بلدية لندن بوريس جونسون، وهو صديق كبير لإسرائيل، وشرحت له أن دولة إسرائيل لن تتحمل هذه الأمور ونطلب منكم التدخل». وبعد ذلك أعلن مكتب رئيس الحكومة «الإسرائيلية» أن نتنياهو أصدر تعليمات إلى مدير عام وزارة الخارجية دوري غولد، بالمطالبة بإزالة المنشورات على الفور.
ويبدو أن خطوات نتنياهو ولابيد في هذا السياق ليست جدّية، وقال المتحدّث بِاسم السفارة «الإسرائيلية» في لندن يفتاح كوريئيل لصحيفة «معاريف» العبرية إن هناك مشكلة صعبة تشكّلها حركة المقاطعة، لكنه اعتبر أنه رغم ذلك ينبغي النظر إليها برؤية صحيحة. فهذا «أسبوع الأبارتهايد» في بريطانيا ويركزون فيه كل الجهود من أجل تشويه سمعة «إسرائيل».
وأضاف كوريئيل أنّ عملاً كثيراً يجري خلف أبواب مغلقة من أجل مواجهة نشاط «BDS». «ويجري قسم كبير مما نفعله خلف الكواليس لأن هدف أعضاء الحركة الحصول على تغطية إعلامية، ونحن معنيون بمنع ذلك. ثمة تحدّ كبير ونواجهه بوسائل خفية. ولا يمكن أن نأخذ حدثاً كهذا الذي تم فيه تعليق منشورات والاستنتاج منه حول الوضع في بريطانيا».
وأشار كوريئيل إلى أمثلة غايتها محاربة حركة المقاطعة، مثل إعلان الحكومة البريطانية عن مجموعة أنظمة جديدة، يحظر بموجبها على السلطات المحلية ومنظمات عامة مقاطعة مزوّدين «إسرائيليين»، وفرض غرامات كبيرة على مخالفي هذه الأنظمة.
وأضاف أنه جرى تعديل قانون صناديق التقاعد بحيث يُمنع مدراء الصناديق العامة من سحب استثمارات على خلفية المقاطعة وخلافاً للسياسة الخارجية البريطانية، ومن إغلاق حسابات مصرفية لمنظمات مركزية تنشط ضدّ «إسرائيل».
وقال كوريئيل إن كل هذا تم فعله في الأشهر الأخيرة. «لقد زدنا نشاطنا في الجامعات وتواجدنا في 60 نشاطاً في 30 جامعة هذه السنة. وبإمكاني أن أعدّ على يد واحدة عدد النشاطات التي أرادوا إلغاءها بسبب حضور إسرائيلي فيها».
كانت وزارة الخارجية «الإسرائيلية» مكلفة بمحاربة حركة «BDS»، لكن في أعقاب تشكيل الحكومة الحالية تم تكليف وزير الشؤون الاستراتيجية غلعاد إردان، بهذه المهمة، وذلك إضافة إلى تولّيه منصب وزير الأمن الداخلي.
ووضعت الحكومة «الإسرائيلية» خطة لمحاربة حركة المقاطعة ورصدت لها ميزانية بمبلغ 120 مليون «شيكل». وأعلن إردان أنه سيعمل من أجل التنسيق بين الجهات التي تحارب حملة المقاطعة العالمية وتعهّد بتحويل قسم من الميزانية إلى وزارة الخارجية من أجل إضافة وظائف جديدة تشارك في محاربة الحملة. وقال قبل أسبوعين إن وزارته رصدت لصالح وزارة الخارجية مخصّصات لتمويل عشر وظائف يشغلها مركزون للعمل ضد «BDS» في سفارات «إسرائيلية».
وأثار نقل محاربة «BDS» إلى وزارة الشؤون الاستراتيجية غضباً عارماً بين المسؤولين في وزارة الخارجية «الإسرائيلية»، الذين اعتبروا أنهم يتواجدون في الجبهة الإعلامية ويضطرون بصورة فعلية ومباشرة إلى مواجهة تبعات حملة المقاطعة.