لماذا حظر السلاح على جيوش لبنان والعراق وليبيا؟

ناصر قنديل

– من دون انتباه يجمع حال جيوش ثلاثة بلدان عربية تقع تحت المظلة الغربية عملياً وتواجه حضور الإرهاب ومخاطره على نطاق واسع، معاناة الحصول على السلاح والذخائر المناسبة للفوز بحروبها المفتوحة مع تنظيمات إرهابية يقول الغرب إنه يخشى تمدّدها لتصيب من أمنه مقتلاً، وتحفل وسائل الإعلام الغربية يومياً بما يكفي لفهم حجم المخاوف التي يجري ضخها للرأي العام في بلدان الغرب من ذعر يمثله هذا الإرهاب الذي يحصل بطرق غريبة عجيبة وغير مفهومة، تثير التساؤلات المشروعة على ما يكفي ليضرب حيث يشاء وساعة يشاء وكيفما يشاء، مزوّداً بالخبرات القتالية والمعلومات الاستخبارية والأسلحة الحديثة والمتطوّرة، حتى تحدّث تقرير أميركي عن خطر امتلاك «داعش» لسلاح نووي بعد امتلاكه لسلاح كيميائي.

– الجيش العراقي الذي يشكل منتجاً أميركياً كاملاً، يلقى دائماً الانتقادات والاعتراضات الأميركية لأدائه، ويتلقى الاتهامات المتتابعة بالعجز والضعف وعدم الأهلية، وحتى عندما يحقق إنجازاً يجري تقليل أهمية ما أنجز، لكن الأهمّ أنّ الجيش العراقي محروم من السلاح النوعي الذي يمكنه من تحقيق الإنجازات النوعية والسريعة في حرب يخوضها ويبذل التضحيات للفوز بها، فالطائرات التي اشتراها العراق من أميركا منذ سنتين لم تجد طريقها إلى بغداد بعد، والدبابات الحديثة والمدفعية الثقيلة النوعية ومثلها الكثير من المعدات النوعية الألكترونية التي يقول العراقيون أنّ امتلاكها يغيّر سير الحرب كلياً، والحجة الأميركية الخجولة هي الخشية من وقوع السلاح الحديث بيد الحشد الشعبي، أو وصول أسراره إلى إيران، وفي المقابل لا يبدّل ولا ينوّع العراق بسلاحه من مصادر أخرى غير أميركا، لأنّ القرار السياسي الحاكم في العراق مصادَرٌ لحساب معادلة أحادية السلاح الأميركي منعاً لغضب واشنطن!

– في لبنان يكثر الحديث الغربي عن القلق من سلاح حزب الله كقوة مقاومة، ويعلم الغرب ومَن معه أنّ وجود جيش لبناني قوي ومجهّز بالسلاح النوعي والعصري يسمح لهذا الجيش بإقامة توازن لا يلغي الحاجة لسلاح المقاومة، لكنه يجعل مهمة هذا السلاح حالات الردع والمواجهة في حال الحرب، وفي المواجهة مع الإرهاب يوفر هذا السلاح للجيش اللبناني فرصة أن يأخذ على عاتقه الحسم العسكري مع الجماعات المنتشرة شرق لبنان داخل الأرض اللبنانية وعلى حدودها، ورغم ذلك يدّعي الغرب أنّ المشكلة هي بتمويل كلفة هذا السلاح، وفجأة يصير المال الذي قيل خلال سنوات إنه سيتكفل بحلّ المشكلة موضوع حظر بعد القرار السعودي بإلغاء الهبات التي كانت مخصصة لهذا السلاح والذريعة غضب سعودي من حزب الله!

– في ليبيا رغم الفوضى العارمة التي خلفها التدخل الغربي وراءه بعد حرب ضارية لإسقاط العقيد معمر القذافي، ورغم الدور المكشوف للغرب في جلب التشكيلات الإرهابية إلى ليبيا، نهض جيش ليبي لقتال الإرهاب، وأثبت ويثبت أهليته كلّ يوم في تحقيق الإنجازات بوجه الإرهاب، ورغم ذلك تدور التطورات حول تدخل قوات تقودها إيطاليا لمواجهة خطر الإرهاب بينما يكفي تسليح الجيش وتجهيزه، للقيام بالمهمة، لكن الحجة تقنية قانونياً، فالقرار المتخذ بحظر بيع السلاح إلى ليبيا لا يزال سارياً، والعذر الأقبح من ذنب أنّ تشكيل حكومة تضمّ الإخوان المسلمين وجماعة القاعدة إرضاء لتركيا يشكل سبباً كافياً لإلغاء الحظر عن الجيش الليبي!

– يتباكى الغرب على كيفية خوض الحرب على الإرهاب عبر بوابات لبنان والعراق وليبيا ويخشى فوز الجيش السوري في سورية، ويكثر الحديث عن أهمية الحرب البرية للفوز النهائي على الإرهاب، وعماد الحرب البرية جيوش مستعدّة لبذل الدماء، والمفارقة أنّ الجيوش موجودة ومستعدّة ولكن… محظور عليها امتلاك السلاح الذي لا تحتاج منه مجتمعة أكثر من إنتاج يوم واحد من مصانع السلاح والذخائر الأميركية!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى