ترامب: نصير الاستبداديين أم مناهض لحزب الحرب؟
حميدي العبدالله
أحدث التقدم الذي حققه المرشح دونالد ترامب للفوز بدعم الحزب الجمهوري له في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل ضجة كبيرة في الولايات المتحدة. وقد وجهت انتقادات حادة لمواقفه وطروحاته، فالبعض شبهّه بالفرنسية ماري لوبن والبعض الآخر شبهه بهتلر، في حين وصفه آخرون بـ«نصير الاستبداديين».
بمعزل عن كلّ ذلك، وبمعزل عمّا إذا كان ترامب سيواصل صعوده، وسيحظى بدعم المؤتمر العام له كمرشح للحزب الجمهوري، إلا أنّ ظاهرة صعوده ليست صاعقة في سماء صافية، بل هي تعبير عن تغيير عميق وجذري في المجتمع الأميركي، لا سيما في الحزب الجمهوري حيث كانت مثل هذه الأفكار التي يحملها ترامب لا تجد صدى حقيقياً في القاعدة الجمهورية، ففي السابق عبّر باتريك بوكنان عن طروحات ومواقف تشبه طروحات ترامب لكنها كانت معزولة ولم تحظ بتأييد حقيقي في صفوف الجمهوريين.
ثمة اعتراف في وسائل الإعلام ولدى النخبة الأميركية المناهضة لترامب بأنّه ليس هو المسؤول عن هذه الظاهرة التي هي تعبير عن تغيير يشهده مزاج القاعدة الحزبية في الحزب الجمهوري. نشر كولبريت كينج، المعروف في الإعلام الأميركي بأنه «محلل أميركي متخصِّص بالسياسات العامة»، مقالاً في صحيفة «واشنطن بوست» قال فيه «أثار السطوع السريع لنجمه ترامب في أوساط الحزب الجمهوري الكثير من الدهشة» ولكنه يقول ردّاً على ذلك «أنّ من الجدير ملاحظة أنّ ترامب ليس هو الذي وضع تاجه على رأسه، بل إنّ الناخبين الجمهوريين في ولايات أميركية متعدّدة هي: نيو هامبشير وساوث كارولينا ونيفادا وآلاباما وأركنساس وجورجيا وماساشوسيتس وتينيسي وفرجينيا وفيرمونت، هم الذين دفعوا به إلى واجهة حزب لينكولن».
إذن ترامب ظاهرة وليس متطفلاً على الحزب الجمهوري، فالقاعدة الأساسية للحزب لم تعد مؤيدة لليمين الجمهوري التقليدي الذي عُرف بنزعته الحربية وإعفاء الأغنياء من الضرائب.
قاعدة الحزب الجمهوري هي التي تنشد التغيير، إذا لم يكن هناك «دونالد ترامب» لظهرت شخصية أخرى تتبنّى النهج والطروحات ذاتها التي يطرحها.
صعود ترامب لا يعود إلى موقفه من هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة، كما يتبادر إلى ذهن البعض، بل يعود بالدرجة الأولى إلى قضايا أخرى داخلية أكثر أهمية تهم الشعب الأميركي. أما موقف الأميركيين المناهض للهجرة، فهو نابع من واقع أنّ ثمة واقعاً اقتصادياً لا يتيح فرص عمل للأميركيين وللمهاجرين في آن واحد، وبالتالي فإنّ المهاجرين يشكلون منافساً للمواطنين، لهذا دعم غالبية الناخبين الجمهوريين طروحات ترامب المتشدّدة إزاء الهجرة.
ترامب لا يريد مزيداً من الهجرة، ولا يريد مزيداً من الحروب، لهذا فإنّ خصمه الأكبر هو جون ماكين السيناتور المناصر للحروب في الخارج.