يحيى سكاف القائد القومي المقاوم
رواد جمال سكاف
كان يوم 11 آذار 1978 يوماً مرعباً للكيان الصهيوني الغاصب لم ولن ينس العدو مرارته على مرّ العقود و الأزمنة … يوم فخرٍ وعزٍ للأمة العربية لم ولن ينساه كلّ حرّ وشريف لأنه حُفر بدماء 13 فدائياً هم أبطال عملية الشهيد كمال عدوان مجموعة دير ياسين الذين عقدوا العزم على مواجهة جيش الاحتلال الصهيوني في شوارع القدس المحتلة وحيفا في أضخم عملية بطولية واجهت الكيان «الإسرائيلي» حتى يومنا هذا، والتي سقط خلالها، بحسب اعترافات جيش الاحتلال 38 بين جندي وضابط وجرح أكثر من 82 واحتراق حافلات عسكرية للعدو.
عندما نتحدث عن عملية كمال عدوان لا يمكننا أن نتجاهل الشهيدة الشابة الفلسطينية دلال سعيد المغربي التي ظهرت صورتها بعد العملية وهي على الأرض يسحبها من بزتها العسكرية رئيس وزراء العدو السابق إيهود بارك الذي كان حينها ضابطاً. دلال المغربي هي قائد المجموعة ويحيى سكاف لقبه العسكري أبو جلال نائب قائد المجموعة وأحد عشر فدائياً من مختلف الدول العربية.
انطلقوا من لبنان، وتحديداً من مدينة صور الجنوبية، في زوارق مطاطية فعبروا البحر باتجاه فلسطين تحت مرأى وتخطيط القائد الشهيد خليل الوزير أبو جهاد و قيادات المقاومة الفلسطينية التي أشرفت على التحضيرات للعملية بسرية وكتمان شديدين.
بدأت العملية البطولية عند الساعة الثانية عشرة ظهراً عندما نزل الفدائيون على شاطئ حيفا حتى وصلو إلى طريق عام تل أبيب تل الزهور واستولو على حافلة عسكرية صهيونية واحتجزو داخلها عشرات المُغتصبين لأرض فلسطين.
لم يكن قادة جيش الاحتلال قادرين على استيعاب الصدمة حتى طلبوا من أكبر كتيبة عسكرية صهيونية النزول إلى أرض المعركة وحسم الأمور و قُدّرت الكتيبة بخمسة آلاف عسكري، فاستشهدت دلال المغربي خلال العملية وأُسر يحيى سكاف.
يحيى محمد سكاف ابن الثمانية عشر ربيعاً انضم إلى صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي وأُجريت له دورات عسكرية وامتشق سلاحه الذي لا يزال ينتظره حتى اليوم في غرفته بعد 38 عاماً على اعتقاله في سجون الاحتلال.
يحيى الذي رأى بعينه المجازر المُروعة التي كان يرتكبها العدو الصهيوني بأبناء مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين والذي يبعد مئات الأمتار عن منزله في بحنّين المنية ـ شمال لبنان.
لم يستطع يحيى سكاف السكوت عن تلك المجازر فألتحق بإرادته القوية التي يعرفها كلّ من عاشره بالمقاومة الفلسطينية وجرى اختياره من بين أفراد مجموعة «دير ياسين» الفدائية التي كانت مهمّتها تنفيذ عملية داخل فلسطين المحتلة ردّاً على عملية اغتيال قادة المقاومة الثلاثة: كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار في فردان ـ بيروت من قبل جيش الاحتلال وعملائه.
منذ ذلك التاريخ واسم يحيى سكاف يطلّ عند كلّ عملية أسر لجنود الاحتلال، حتى أصبح اسمه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصراع العربي ـ «الإسرائيلي» وأصبح رمزاً من رموز المقاومة.
38 عاماً مرت على إخفاء العدو للأسير يحيى سكاف بالرغم من وجود معلومات مهمة عن قضيته وشهادات لأسرى عايشوه الذين كانوا يزورون أهله عند خروجهم من الأسر ليبلغونهم عن وضع يحيى، إضافة إلى وجود وثيقة من الصليب الأحمر الدولي عام 2000 تؤكد وجوده في سجن عسقلان، بالإضافة إلى مقابلة أجراها معه الراديو «الإسرائيلي» بعد العملية عندما تمّت تسميته بالمخرب، حتى عملية التبادل الأخيرة التي خرج ضمنها الشهيد سمير القنطار حينها قال العدو إنه سيسلم جثمان يحيى سكاف فأُجريت الفحوصات المخبرية لعائلة يحيى ولم تتطابق مع الرُّفات التي أرسلها، وبعدها أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنّ قضية يحيى سكاف هي قضية مفتوحة مع العدو.
38 عاماً يا يحيى وقضيتك حيةً في وجدان الشرفاء الذين يحملون قضيتك وفي وجدان المقاومين الذين لم يضلّوا الطريق الذي بدأته ورفاقك الفدائيون. بعد 38 عاماً على اعتقالك لا تزال صورك تنتشر في أزقة مدينتك المنية التي أقامت نصباً تذكارياً يحمل اسمك عند مدخلها تخليداً لتضحياتك وفخراً بك لأنك رفعت اسمها.
38 عاماً في الأسر ليست كلمة عابرة بل هي قضية بحجم أمة لأنها قضية وطنية قومية عروبية حقيقية، خصوصاً أننا في زمن مدّعي العروبة المزيفة الذين يريدون أن يبعدونا عن فلسطين فيتّهمون المقاومة بالإرهاب، وهم من يدعم الإرهاب، وهنا نــقول نِعـمَ الإرهاب إن كان رفاق يحيى سكاف المقاومون الذين يكملون المسيرة في مواجهة الاحتلال إرهابيين.
في ذكرى اعتقالك يا يحيى نؤكد ثقتنا التامة بالمقاومة بقيادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي قال إنّ الأمة التي تترك أسراها في السجون هي أمة بلا شرف وبلا كرامة.
ونتوجه بالتحية إلى مجاهدي المقاومة الذين يدافعون عن أوطاننا من الأعداء الصهاينة وعملائهم التكفريين الذين يستعملهم العدو الصهيوني خدمة لمشاريعه وفي الدرجة الأولى ضرب المقاومة.
المجد ليحيى سكاف… الحرية ليحيى سكاف.