علماء يكتشفون أن الأشجار «تئن» عندما تعطش
الأشجار تتألم وتصدر صوت أنين عند عطشها، هذا ما يعرفه العلماء منذ وقت طويل وقد لا يعرفه أكثر العامة.
غير أن علماء من فرنسا يؤكدون اليوم أنهم اكتشفوا سبب ظاهرة أنين الأشجار عند تعرضها للعطش، وقالوا إن موجات فوق صوتية تنشأ داخل الأشجار عندما تتكون فقاعات داخل الفروع التي توصل العصارة النباتية بسبب الضغط، ما يؤدي إلى انقطاع «خيط الماء».
وتتوقف قوة هذه الموجات على حجم الأوعية داخل فروع الأشجار وعلى درجة الجفاف معاً، بحسب ما أوضح الباحثون تحت إشراف ألكسندر بونومارينكو من مختبر أبحاث الفيزياء في مدينة غرونوبل الفرنسية في دراستهم، التي نشروا نتائجها في مجلة «جورنال أوف زي رويال سوسايتي انترفيس».
ورجح الباحثون أن أجهزة الاستشعار التي تستخدم الموجات فوق الصوتية سوف تستطيع مستقبلاً رصد مدى معاناة الأشجار من نقص المياه. موضحين أن العلماء نجحوا بالفعل في ستينات القرن الماضي برصد أصوات نقر صادرة عن أشجار في مجال ترددي مسموع، ثم رصدوا في الثمانينات هذه الأصوات باستخدام الموجات فوق الصوتية وأيقنوا أن هذه الانبعاثات تحدث بشكل متتابع عند نقص المياه، ولكنهم لم يعرفوا تفسيراً لها.
ولمعرفة سبب هذه الأصوات وضع الدارسون شرائح بسمك 50 مليمتراً من شجر الصنوبر في مادة هيدروجيل الهلامية التي تسمح بمرور المياه ولا تسمح بمرور الهواء لأنهم أرادوا معرفة كيف تنشأ الفقاقيع داخل أوعية الأشجار من دون أن تكون على صلة مباشرة بالهواء.
ووضع الباحثون عينات الصنوبر ومادة هيدروجيل في محيط جاف يتبخر فيه الماء من مادة الهيدروجيل، وهو ما أدى إلى حدوث نقص في المياه في قطعة الصنوبر الصغيرة المغموسة في الهيدروجيل.
وبحسب المعلومات فإن ما حدث في الأوعية التي تنقل العصارة النباتية هو كالتالي: عندما يحدث تبخر قوي عبر عنق الساق أو الأوراق يؤدي إلى حدوث فراغ يتسبب في شفط السائل في الأوعية إلى أعلى، وعندما لا يكون هناك تواصل لهذا السائل يحدث تزايد في التوتر في السائل داخل هذه الأوعية، وفي وقت ما ينقطع «خيط الماء» في هذه الأوعية ما يؤدي إلى حدوث فقاعة فراغية تمتلئ فوراً ببخار الماء وبالهواء المنتشر داخل الماء، وعندما ينقطع خيط الماء فإن جدران أوعية الأشجار تهتز مرات عدة ذهاباً وإياباً وتتسبب في الموجات فوق الصوتية.
راقب بونومارينكو وزملاؤه قطعة شجر الصنوبر بشكل بصري باستخدام كاميرا مكبرة بالغة الدقة وسمعياً باستخدام مكبرات صوت شديدة الحساسية واستطاعوا باستثناء حالات قليلة رصد الإشارة السمعية الناتجة من تكون كل فقاعة خلال مللي ثانية وتصوير ذلك بكاميرا متخصصة.
غير أن الباحثين وجدوا أنه لا تؤدي كل فقاعة إلى إشارة فوق صوتية، وهو ما يجعلهم يرجحون أن هناك إشارات سمعية تفوق قدرة الرصد الخاصة بالمكبرات الصوتية التي استخدموها. وتبين لهم أن أصوات الموجات فوق الصوتية للأشجار تتزايد كلما تزايد نقص الماء وخلصوا إلى أنه قد أصبحت هناك الآن وسيلة محسوسة وبسيطة يمكن من خلالها رصد آثار فترات الجفاف العصيبة المرتبطة بظاهرة التغير المناخي على الغابات.