تفجير «قزلاي».. أردوغان فريسة أوهامه

نظام مارديني

لم يجف بعد وصف «فورين بوليسي» لأردوغان بأنه «ذلك المستبد الذي وضع مستقبل تركيا كدولة موحّدة مستقرة على حافة الخطر». حتى جاء وصف أوباما له بالمستبد والفاشل ليكشف عن رسالة تحذير لأردوغان بأن يكون مستعداً لمواجهة كل السيناريوهات السلبية المحتملة، فهل جاء تصريح أوباما في سياق تهيئة الطريق أمام الجيش للإطاحة بهذا النظام بعدما تجاوز كل الخطوط الحمر.

إن طموحات أردوغان القاتلة جعلت تركيا تتأرجح على شفا حرب أهلية، بسبب تجدّد الصراع المستمر منذ أربعة عقود مع حزب العمال الكردستاني. آثار حملاته المتهورة هذه للحصول على السلطة المطلقة داخل تركيا لن تُحمد عقباها، إذ إنه خصوصاً بعدما أشعل نيران النزاع التركي الكردي، وعلى الأرجح أنه لن يكون قادراً على إطفائها.

إن فوبيا الـ «Bkk» التي تلاحق أردوغان أفقدته اتزانه ودفعته للتخبّط. وقد تجلى ذلك في إدخاله القوات التركية في مستنقع المناطق ذات الأغلبية الكردية وهو مستنقع سيجد أردوغان ونظامه أنفسهم يغرقون فيه وربما بإشارة أو تلميح أميركي، وهو الموقف ذاته الذي وضعت فيه أميركا السعودية بعد أن غرق تحالفها في اليمن.. وها هي تحاول الخروج بأية طريقة، بلا جدوى.

إن الواقع الداخلي وحركات الاحتجاج المتزايدة ضد سياسة أردوغان الرافضة للتضييق على الحريات والداعمة للإرهاب، الذي بدأ يجد له موطأ قدم في الشارع التركي، بل في قلب العاصمة تحديداً، كل ذلك يشير إلى أن أنقرة وضعت بيض سياستها في سلة السلوك القومي العنصري العدائي والديني المذهبي. وهذا يؤكد فشل مشروع «العمق الاستراتيجي» الذي ضج بالمشاكل بدلاً عن تصفيرها ولجأ إلى الحلول العسكرية كخيار وحيد. وهنا لن تؤدي اتهامات نظام أردوغان المستبد والفاشل، حزب العمال بتفجير ساحة «قزلاي» في أنقرة، الذي أدماها بحوالي 33 قتيلاً وعشرات الجرحى، للاختباء وراء سبابته.

عشية الذكرى السادسة للحرب الكونية على سورية، وفشل هذه الحرب رغم الدمار الذي أحدثته والضحايا الذين سقطوا في خضمها، انكشف الكثير من الحقائق والأهداف والمصالح التي دفعت بعض الدول للمشاركة فيها… ها هي تركيا تقع فريسة سياستها العدائية ودعمها المباشر للإرهابيين فوضعت نفسها في قلب العاصفة. فما قام به نظام أردوغان هو لعبٌ بالنار ورقصٌ على حافة الهاوية.. مع أن أردوغان يدرك أن تركيا تقع على خط التقسيم وخرائط المشاريع الصهيو أميركية في المنطقة، وهو لذلك دفع رئيس الحكومة «أحمد داود أوغلو» للهرولة مسرعاً إلى طهران حالماً بترتيب أوراق نظامه المريض منذ سنوات، ولكنه حلم من يلهث وراء أوهامه حتى الجنون.. ولا بد أنه يستحقه.

لا يمكننا الاعتماد بطبيعة الحال على فكرة انخراط تركيا في الحرب على الإرهاب كلاعبٍ أساسي، في وقت لا تزال تحوّل أراضيها مراكز استقطاب وتجميع وتدريب وتسليح الإرهابيين وتسهيل دخولهم إلى سورية والعراق.

هكذا، من يوقد النار وينفخ فيها.. ترتدّ عليه!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى