الواقع يطرح إشكالية فكرية تعيق الحضور
الواقع يطرح إشكالية فكرية تعيق الحضور
معرض الربيع التشكيلي… تجارب متواضعة لهوية مفقودة
جهاد أيوب
أكثر ما يعانيه التشكيل اللبناني اليوم فقدان الهوية، وتناسخ التجارب، وعدم المغامرة، وتكرار المشهد حتى أصبحت كلّ العروض متشابهة غلب عليها المفهوم التجاري واستسهال الرسم. والأخطر غياب أسماء كبيرة عن العروض، وترك الساحة لمتطفّلي التشكيل، وذلك لأسباب عدّة أهمها: برود الهمة، والانزعاج من الحياة والبلد والسياسة ولقمة العيش، وتعمّد تغييب التشكيل عن الإعلام اللبناني وربّما العربي، وهذا يطرح إشكالية فكرية خطيرة، خصوصاً أننا من النادر أن نجد في تواضع العروض ما يبشّر بتجربة تصنع حالة.
وتأتي هذه المعادلة بعد متابعتنا أكثر من معرض في أكثر من منطقة لبنانية، وآخرها معرض «الربيع» في قصر الأونيسكو، الذي افتتح منذ أيام تحت رعاية وزير الثقافة، وبمشاركة 19 فنانة وفناناً، والهدف منه كما قيل لنا الحفاظ على الطبيعة وجمال الروح والتراث والأماكن.
المعرض بشكل عام متواضع التشكيل والتجريب، وبعض المشاركين يحتاجون إلى مهارة الرسم والتعرّف إلى كيفية استخدام اللون وتحقيق الفكرة، وهذا لا يعني عدم وجود ما هو واعد وجميل.
كما عابت المعرض فوضوية العرض وعدم تناسق اللوحات والفكرة والمضمون رغم أن الهدف محدد. الفوضى واضحة في اختيار المواضيع وفي الأفكار وفي استخدام المواد والأصباغ. ونادراً ما وجدنا المعرفة والمغامرة باللون ما أربك البصر وأضعف المعرض وأضاع الغاية.
المشاركون
توم يونغ، بريطاني الجنسية مقيم في لبنان: قد يكون الفنان التشكيلي الوحيد ضمن المشاركين يدرك ماذا يفعل، أنيق، مجرّب في اللون الواحد ويجرّده، يعشق الأزرق والأصفر، فطريّ في التصميم، يستوعب زوايا اللوحة.
ريم شعبان: كولاج مع أصباغ، نسبها مدروسة مع لعبة اللون، بعيدة عن المغامرة وتحبّ أن تعيش في صفاء اللوحة، وأجمل مشاركاتها «بيوت» و«الذاكرة».
آلبرتو نعمة: يعشق البورتريه أي رسم الوجوه، اشتهر من خلال مشاركة لوحاته في مسلسل «لو». سوداوي اللون والفكرة، ألوانه حادة بريشة غنية بالتفاصيل ومتصوّفة الحضور والحركة، وتأثيراته تختلف عن انطباعياته كأن من رسمها ليس واحداً.
كلود زوين: لعبة الريشة مع المعجون وتنوّع الخامات، فوضى بالفكرة وجرأة في استخدام اللون من دون إدراك، لكونها تعتمد على صدفة الشكل، تعشق استخدام الإكراليك مع الزيت حتى الصراخ، لوحاتها مختلفة الأسلوب والبصمة.
منى شرتوني: تبحث عن أشكال جديدة تميّزها، ولوحة «التواليب» أجمل أعمالها، تتحكّم بالأصفر بإحساس واضح وجميل.
مارون ياغي: شاعر كبير وتشكيليّ مجتهد ولكنّه يصرّ على توضيح الفكرة كحالة اجتماعية عامة، ودقيق في التفاصيل، ألوانه ناعمة إنما نسبه فقيرة تحتاج إلى دراسة وتمعّن وهدوء في التنفيذ.
كاتيا نفاع: تجريبية النصّ، تحتاج إلى قراءة تفاصيل لوحتها والابتعاد عن الصدفة.
دارين جابر: جرأة في استخدام اللون حتى التجريب، والصراخ الداخلي مع المحافظة على الحزن الواضح.
ثريا الطبش: تعشق المائيات، ربيعية الاختيار، حساسة، وناعمة، ندعوها إلى المغامرة والجنون والابتعاد عن الأمّ الهادئة التي تسكنها، ودراسة أكثر للنسب.
ليلى حداد: استنساخ للوحات المستشرقين والمنتشرة في كلّ مكان، لا جديد بالمطلق، ولو ركّزت على الطبيعة الصامتة لوجدت نفسها تشكيلياً.
ريتا فران وآمال فقيه ولينا حداد: تجارب واعدة تحتاج إلى دراسة أعمق، التعرف إلى أسرار اللون، استيعاب النِسب والمنظور، والمغامرة التي تصنع الدهشة.
كلود إيمناويل: «عجقة» ألوان على حساب المشهد الفكرة، لا دراسة في التفاصيل، وضياع في النِسب والمنظور، لوحة «انعكاسات المرأة» هي الأجمل.
فريد متّى: شخصية واضحة حتى لو اختلفت مع طبيعة نصّه وأصباغه، حالة خاصة تعتمد على الطفولة رغم مشيب العمر، لا يحبّ المشهد العام ولا اللوحة المكتملة بل يتصرّف بأجزاء ويتعمّد كتابة الأسماء الوهمية بأشكال خيالية. ألوانه رقيقة غير مغامرة لكنها متناسقة، يسعى إلى تأليف فكرة تعنيه وتشبهه في مائيات تحاوره وجميلة.
كويندا شويري: دقة بالخطّ المعماري، تستسهل الاكراليك، وأنيقة في استخدام الزخرفات الفنية.
صونيا نصري شويري: عواطفها وأمومتها داخل لوحتها، تأثيرية، تستخدم ألوانها بجرأة، تنقصها التفاصيل رغم حبّها الذهاب أبعد من مجرد فكرة، لكنها سريعة التنفيذ وهذا ما يربك اللون.
أميرة فاعور: رغم أنها من أتباع الفنّ الفطريّ وتفتقد إلى العفوية، فإنها تحتاج إلى دراسة أكثر للشكل واللون، والتعرّف إلى النسب والمنظور وتركيب اللون حتى لا تظهر على أنها أصباغ والسلام.
سوزان شكرون: مواد مختلفة منسقة بأشكال هندسية واضحة المعالم وأنيقة اللون، تبحث عن الطفولة الحالمة والتائهة، والمكان المشوش، والزمان المفقود.
نسرين السانولي: حنين إلى الطفولة، تضع ألوانها الجميلة من دون معرفة باستخدامها. لذلك تتوه مع اللوحة، وتربك، ولا تُظهر ما تريد منها.
أدون جدع: «غرافيك ديزاين» لا جديد، وضعف في المكانيات، وغياب المغامرة، وتواضع التجربة.