شكراً لمن صنّف المقاومة بالإرهاب…
مصطفى حكمت العراقي
لا يمكن وصف بيان الجامعة العربية ضدّ حزب الله وبعيداً عن أنه مجرد سرد إعلامي وليس قراراً إلزامياً ولا صفة تنفيذية له، ولكن أقلّ ما يُقال عنه إنه إعلان الحرب على جميع فصائل المقاومة، باعتبار أنّ حزب الله يمثل رأس حربة لجميع الفصائل، على اختلاف توجُّهاتها وانتماءاتها وبشهادة الجميع كما أنه رسَّخ قاعدة أنّ الجامعة العربية تحولت إلى عبرية بالتطبيق العملي فهي قدّمت للكيان الصهيوني ما لم يكن يحلم به، كهدية مجانية وعربون حسن ثقة، بين دول الرجعية العربية و»إسرائيل» لذلك لجأت السعودية، بتوجيه «إسرائيلي»، لأن تستعمل كلّ ما لديها من أوراق ضغط ونفوذ على الحكومات العربية وحصلت على نصّ البيان الذي يصف المقاومة بالإرهاب وهو ما يمجِّد الكيان الصهيوني ضمناً، إضافة إلى أنّ الجامعة العربية، بأمينها العام الجديد، والذي يُعتبر أكثر المسؤولين المصريين قرباً من «إسرائيل» وضعت نفسها في مواجهة حزب الله. وهذا يمثل أول دواعي الشكر لمن اتّهم المقاومة بالإرهاب، باعتبارهم سهّلوا الطريق على مَن كان واهماً ببقاء شيء من المنظومة العربية صالحاً وتمّ كشف ارتباطهم العلني بـ»إسرائيل» وسيّرهم معاً في نفس الركب المعادي للمنطقة العربية، كذلك اعترفوا ضمناً بأنّ حزب الله أصبح أمة مقاومة ولم يعُد حزباً لبنانياً داخلياً فقط. فبعد أن توالت الحملات المشبوهة ضدّ حزب الله وتحت حجج وذرائع مختلفة تمّ التضييق عليه سياسياً ومالياً وإعلامياً واجتماعياً وصولاً إلى تصعيد الحملة السعودية ظاهراً ومن خلفها الكيان الصهيوني، حتى بدأ مسار تصنيف الحزب إرهابياً في عدد من المنظمات التي لا تكاد تساوي قراراتها حجم الحبر والورق التي صُرف عليها، ولكنها قرارات أُصدرت لغايات مُبيّتة في نفس صانعها، فبدأ مسار شيطنة الحزب في نفوس الأمة العربية المُمزقة وعقولها، إذ صدر قرار دول مجلس التعاون الخليجي وقرار وزراء داخلية العرب في تصنيف حزب الله كتنظيم إرهابي، رغم أن القرارين لم يُقنعا حتى السذج من الناس إلا أن السعودية لم تكتفِ بذلك فقامت بإعادة الكرة مرة أخرى مستخدمة وسائلها المعروفة بالتأثير على قرارات الجامعة العربية، بعد انحسار دور البلدان العربية المؤثرة تقليدياً في قراراتها، حيث تبين للمجتمعين من وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة يوم الجمعة الحادي عشر من آذار الحالي أن السعودية تسعى أيضاً لمصادرة القرار العربي وتجييره لصالحها عبر تمرير قرار يصف حزب الله بالتنظيم الإرهابي الأمر الذي رفضته الجزائر والعراق ولبنان.
أما في قراءة بسيطة للمواقف فلم يكن غريباً ومفاجئاً، إلا موقف وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري الذي تميّزت فترة توليه سدة قيادة الدبلوماسية العراقية بالمهادنة والمحاباة للمنظومة العربية، بحجة العودة للحاضنة التي طعنت العالم العربي بآلاف السهام في ظهره وجعلت الاحتلالات الغربية لدولنا تدخل وتخرج كيف ما تشاء، كما كان الجعفري يستجدي العطف السعودي لفتح سفارة في بغداد. وهو ما جعله ضعيفاً لدرجة السقوط في أعين أغلب الشعب العراقي لذلك كان موقفه لافتاً إلى حد كبير، إذ قال الجعفري بصريح العبارة أن الحشد الشعبي وحزب الله حفظا كرامة العرب ومَن يتهمهما بالإرهاب فهم الإرهابيون. وهو ما أدى إلى انسحاب الوفد السعودي من قاعة الاجتماع، بهدف الضغط على المشاركين وللحيلولة دون انفراط عقد السعودية داخل الجامعة العربية.. الموقف العراقي يؤكد بأن السعودية لا تستطيع قيادة الموقف الرسمي العربي كما تحب وتريد وكما يطلب منها أسيادها..
وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري وجه ضربة مؤلمة للوفد السعودي، عندما دافع عن حزب الله والحشد الشعبي، بعد أن كان مؤملاً منه تحفظاً من دون تصريحات رنانة أو كلام يثير الغضب السعودي، بل حصل العكس تماماً. وأكد الجعفري أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بطل عربي وقومي مدافع عن القيم والمبادئ. واعتبر أن مَن يتهم الحشد الشعبي وحركات المقاومة وحزب الله بالإرهاب فهو الإرهابي وصولاً إلى قوله بأن كلامه بحق السيد نصر الله قليل وأنه يستحق أكثر من ذلك. وهذا ما جعل الرياض في ذروة هزيمتها السياسية والإعلامية.
وصفُ الجعفري الجهات التي تتهم حزب الله والحشد الشعبي بالإرهاب بأنها هي الإرهابية وصفٌ بديهي وأقلُ وصف يمكن ـن توصف به هذا الجهات التي تناصب العداء لحزب الله والحشد الشعبي. فهذه الجهات التي تعتبر عملياً الجناح السياسي والإعلامي لداعش والقاعدة، وتعمل على تسويق هذه العصابات الإرهابية وتبرير كل ما تقوم به من أعمال يندى لها جبين الإنسانية عبر النيل من القوى الحقيقة التي تتصدى لداعش والقاعدة والجماعات التكفيرية على الأرض في سورية والعراق. الموقف العراقي تبناه أيضاً وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وهنا يمكننا أن نشكر الرياض أيضاً بحيث إنها مكنتنا من الوصول إلى أعلى درجات التلاحم الشعبي والسياسي بين العراق وسورية وحتى لبنان، إذ تم عقد مؤتمر لجميع فصائل المقاومة العراقية في بغداد وتمّ تبني موقف المقاومة الإسلامية في لبنان وتأييدها في كل ما تقوم به.
خلاصة القول فإن إرهاب المقاومة، حسب ما يدعون أوصلنا إلى انضمام العراق بشكل رسمي إلى حضن المقاومة، وكذلك التوحّد في المواقف بين العراق وسورية، كما أن الشعوب العربية التي توهّمت قليلاً في حكامها باعتبارهم وطنيين والآن ظهر جلياً حجم التبعية للكيان الصهيوني، لذلك فالكرة الآن في ملعب تلك الشعوب، وسنرى حجم التعاطف الشعبي مع المقاومة فشكراً لهم.