هل تفرّط روسيا بالنصر
ناجي الزعبي
نعلم يقينا أن روسيا الاتحادية تخوض الى جانب الدولة الوطنية السورية معركة مصير وحدتها الوطنية ومستقبلها وأفقها وفضائها الجيوسياسي، وقد بذلت في هذا السياق جهوداً مضنية وقدمت تضحيات وكلف مادية وبشرية واقتصادية وصنعت تحالفات وقوى ومؤسسات إقليمية ودولية مناهضة لمشروع الهيمنة الأميركية الراسمالية الاقتصادية والعسكرية.
لقد كان نهج الاتحاد الروسي وحلفائه مبنياً على أسلوب علمي وقراءة موضوعية للتاريخ والحاضر واستشرافاً منهجياً للمستقبل وقد ساهم النهوض الروسي في تحقيق إنجازات استراتيجية تاريخية كالاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات عن إيران، وتكريس منظمة البريكس وشنغهاي والدول المطلة على بحر قزوين ودول الالبا وسيلاك في أميركا اللاتينية، وفتحت الآفاق على مصراعيها لمقارعة الدولار والإجهاز على هيمنته المستمرة منذ اتفاقية بريتن وودز عام 1944 الى هذه اللحظة وظهر بنك الاستثمار الآسيوي كبديل من صندوق النقد والتبادل التجاري للدول المتحالفة بالعملات المحلية تمهيداً للتخلي أو زعزعة السوفت.
لقد كان نصر حزب الله في عام 2006 إيذاناً ببدء عهد جديد من السياسة الجغرافية الروسية بعد أن أيقنت بأن هزيمة الإمبريالية ممكنة فاستعادت أفخازيا، وأوسيتيا الشمالية والجنوبية وجورجيا والقرم وفككت أوكرانيا وأطاحت بمشروع الثورات البرتقالية الملونة.
وعقدت اتفاقيات توجتها اتفاقية غاز بروم مع الصين بقيمة تناهز الـ 60 مليار دولار ومع إيران ودول أوراسيا. تملك روسيا مع إيران والجزائر وقطر وفنزويلا أكبر احتياطي للغاز في العالم وتتطلع الى تزويد أوروبا به عبر المتوسط، كما تملك صناعات عسكرية وتقنيات حديثة وتسعى لتصديرها لدول العالم.
كما تتطلع لتكريس استقلالها الوطني والحد من الهيمنة الأميركية الأطلسية على العالم وإبعاد خطر الدرع الأميركية الصاروخية عن حدودها الغربية وتخوض معركة المصير من البوابة السورية، الأمر الذي كمن خلف كل الجهود والمواقف والتضحيات التي قدمتها في هذا السياق.
لقد ردت روسيا الاعتبار للدبلوماسية وللشرعية والمؤسسات الدولية وللمؤسسة العسكرية الروسية والدولية وقلبت بذلك موازين القوى الدولية التي طالما كانت في صالح أميركا، وعمقت بهذه التحولات أزمة الرأسمالية وسرعت بأفولها وأجهزت أو كادت على حلف الناتو الذي يعاني من شيخوخة بمؤسساته وأسلحته.
كما عززت من استقلال دول أميركا اللاتينية وإنهاء الحصار على كوبا، ثم اضطرت أوباما أن يعترف بأعباء شركائه السعوديين والأتراك والصهاينة ووصفهم بالطائفيين والمستبدين. وأعلن صراحة عدم نيته إرسال قوات للقتال نيابة عنهم وكان في ذلك إعلان نعيهم ونهاية مدة صلاحيتهم.
لقد كانت المساهمة الروسية الى جانب الدولة الوطنية السورية في حربها على الإرهاب حاسمة على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري وهم الأن على وشك تحقيق النصر وتعتبر محطة جنييف 3 بنسخته الثانية أحد المحطات والمراحل في أمر عمليات المعركة، وقد اقتضت المناورة التصرف ببعض القطعات غير الجوية في خطوة تكتيكية لرفد الجهد الدبلوماسي ونحن نعلم أن الجهد البري يقع على عاتق الجيش السوري وليس الروسي وانتزاع مواقف وخطوات تركية سعودية، ورد بالمناورة على التصعيد الذي يسبق كل مفاوضات بقصد الابتزاز وهي خطوة تدفع في اتجاه النصر.
وتدافع روسيا الاتحادية عن وحدتها ومستقبلها السياسي والاقتصادي واستقلالها الوطني في مساهمتها الى جانب الدولة الوطنية في الحرب على الإرهاب وقد أوشك الحلفاء على تحقيق النصر.
فهل تفرط روسيا مع حلفائها بذلك؟