غزّة المفجوعة والصامدة… أغانٍ تُنشد لها وقصائد تُلقى من جرح وألم
بين أغانٍ وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، توزعت أشكال تضامن الفنانين والمغنين العرب مع غزة، في حين عمد بعض الفنانين التشكيليين الفلسطينيين إلى تحويل صور غبار الحرب وأعمدة الدخان المتصاعد من بين بيوت غزة إلى لوحات فنية رائعة، وكانت كلمات الأغاني التي أهداها الفنانون إلى غزة مشبعة بالحزن والثورة، بدءاً من محمد عساف، الذي كان من أوائل الذين وقفوا إلى جانب غزة في حربها، مطلقاً أغنيته الجديدة «ارفع رأسك هذا سلاحك»، في حين أعادت ابنة مدينة الناصرة ريم بنا اطلاق إغنيتها المشهورة «طيري يا وزة»، وأهدى مارسيل خليفة أغانيه كلها الى أطفال غزة وشهدائها، ومن السودان أوبريت «صرخة عرب».
تغريدات داعمة، واستبدال للصور الشخصية التي تحل مكانها صور الحداد السوداء. حالة سادت معظم حسابات الفنانين العرب الذين حاولوا بتغريداتهم إظهار تضامنهم مع المدينة التي تعيش تحت النار منذ 15 يوماً، ولعل محمد عساف كان الأكثر نشاطاً بينهم، فلا يكاد حسابه على «تويتر» يهدأ نهائياً، إذ أعلن الحداد على أرواح الشهداء منذ اليوم الأول، مقرّاً في أكثر من حوار بأنّه معتكف حالياً في بيته لمتابعة الأخبار الواردة من بلده، ومهدياً في الوقت نفسه أغنيته الجديدة «ارفع رأسك هذا سلاحك» التي كتبتها هند جودة ولحنها ووزعها وليد فايد، وأخرج الفيديو كليب الخاص بها سامح المدهون، إلى أبناء وشهداء بلده، وكان هذا الكليب سجّل أكثر من 300 ألف مشاهدة في أقل من 24 ساعة، وتضمن ترجمة بالإنكليزية لكلمات الأغنية.
ومن وسط الأجواء المأسوية التي تعيشها فلسطين، تخرج المغنية ريم بنّا من حالة الحزن والألم بحفل غنائي تحييه في مهرجان الزهراء الدولي الذي تستضيفه تونس، لتغني على مسرحه لفلسطين التي أهدتها أغنيات ألبومها الجديد «تجليات الوجد والثورة»، وكانت ابنة الناصرة أهدت أطفال غزة أغنيتها المشهورة «طيري يا وزة». أمّا ابنه حيفا سيدر زيتون فأعلنت حديثاً نيتها غناء قصيدة سميح القاسم «تقدموا» التي أهدتها بدورها إلى أهل غزة، وأطلقت مجموعة من الفنانين السودانيين أوبريت «صرخة عرب» المهداة إلى أطفال غزة.
غرباً، ذكرت تقارير إخبارية أن الممثلة والمغنية الشابة سيلينا غوميز تسببت بانقسام معجبيها إلى فريقين، بعدما نشرت على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام» عبارة «صلّوا لأجل غزة» ، وأفاد موقع «كونتاكت ميوزيك» المعني بأخبار المشاهير أن المغنية الاميركية الصاعدة 21 عاماً تسببت بحالة من الجدال السياسي على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما كشفت عن تعاطفها مع غزة الجمعة الفائت.
«لأجل غزة نغنّي»… وقفة تضامنيّة في إربد
«لأجل غزة نغني» هو العنوان الذي اختاره فرع رابطة الكتاب الأردنيين في إربد ليكون لافتة مضيئة، ووقفة تضامنية مع أهلنا في غزة، للأمسية التي أحياها مع الشعراء محمد مقدادي، عمر أبو الهيجاء، وحسام العفوري، وشاركهم فيها الفنان الملتزم ناصر قواسمي. وأدار فقرات الأمسية الباحث عبدالمجيد جرادات وقدم لها بتقاطعات، موجهاً تحية إلى جميع المناضلين في فلسطين المحتلة على صمودهم أمام مختلف أساليب القهر وضنك العيش، لمن يلاقون وجه ربهم سواء الذين يدافعون عن قيم الكرامة أو الأبرياء الذين تسقط حمم الموت على رؤوسهم وهم يبحثون عن ملاذات، تارة من أشعة الشمس، وأخرى من أدوات القتل التي تنتجها مصانع الأسلحة في دول تتحدث عن حقوق الإنسان.
الشاعر العفوري كان أول معتلي المنصة، قارئاً قصيدته «تراتيل» ومما جاء فيها: «أشاقك نصل من حبيب مبهرج، توجّع ليل في الفلاة مضرج، يعكره فوسفورهم ويضيئه، فيغدو كفحم للشواء منضّج، فلا تحتذي جنح الظلام بجمرة، تزيد عيون الليل حلكا مدرج مراوغة تحيي الليالي ومكرها، يعمق آلاماً بقلب يؤجج، تسامى ثراها بانغماس ملذة تصارع دنياها وقفر مفلّج».
من ناحيته، افتتح الشاعر مقدادي قراءته بقصيدة جاء فيها: «يا الله، لماذا الماء هنا أزرق، والبحر الأبيض أزرق، والأحمر مسودّ كوعاء الليل المفتوح، أما في غزة، فالبحر وريد مذبوح، يا الله، كم ضاقت بالأسئلة الروح»، أتبعها بقصيدة في طور التشكيل، مؤلمة لاذعة، يقول فيها: «نحن أموات فلا تنتظرينا، ملّ فينا الموت موتاً وأنينا، خشب نمضي إلى أقدارنا، لا دم يسري، ولا إحساس فينا».
الشاعر أبو الهيجاء ألقى قصيدة عنوانها: «قال الشهيد، قالت غزة» ومما جاء فيها: «ليل المدن طاعن بالسواد، لا فضاء في لغة المسافة يكتمل، هنا عبروا الأرض، ذبحوا الذاهبين إلى الشمس، وكل المناديل في أكفّ الصبايا تشتعل، فيما حملت خاتمة القصيدة توجها يشبه الحكمة إذ يقول: الموت معراج الحياة».
الفنان الملتزم قواسمي الذي رافق الشعراء عزفاً على العود في الأمسية التي حضرها حشد واسع من جمهور إربد، أنشد لفلسطين وغزة «يا عالم كافي سكوت» و»شحالك غزة يوم العيد»، وقدم أيضا قصيدة الشاعر مقدادي «يا الله» بصوته وتلحينه، وليدة اللحظة، متأثراً بكلماتها التي تفاعل معها الجمهور.
شعراء جزائريّون يرثون مآسي غزة
احتضنت «ميدياتيك» في شارع رئيسي في العاصمة الجزائرية يدعى شارع ديدوش مراد سهرة شعرية تضامنية مع أهل غزة، خاصة الأطفال منهم، بادرت إلى تنظيمها مؤسسة «فنون وثقافة» بالتنسيق مع جمعية «نوافذ ثقافية» وشاركت منها نخبة من الشعراء بينهم زوبير دردوخ، إبراهيم صديقي ، نصرالدين حديد والشاعر عبد العالي مزغيش، بحضور ممثلين عن السفارة الفلسطينية في الجزائر.
استهلت السهرة بكلمة ترحيبية لممثلة مؤسسة «فنون وثقافة» الشاعرة فوزية لارادي التي حيت فيها الشعراء على قبولهم الدعوة المشاركة في هذه الوقفة النبيلة بجانب شعب عانى الكثير من ويل الاحتلال «الإسرائيلي» الغاشم الذي لم يتوان عن ارتكاب أبشع الجرائم في حق الأبرياء من المدنيين. تلاها متكلماً مستشار السفير الفلسطيني في الجزائر هيثم العمايري معبّراً عن امتنانه لمنظمي السهرة وللشعراء المشاركين، مذكرا بمواقف الجزائر التي كانت دوما مساندة للقضية الفلسطينية ومستدلا ببطولة الشعب الجزائر إبان الثورة الجزائرية والتي مكنته من نيل استقلاله للتأكيد بان النصر سيكون حليف الفلسطينيين آجلا أم عاجلا ثم أحيلت الكلمة لرئيس الجمعية الثقافية «نوافذ ثقافية» رياض وطار الذي أكد أن أبواب الجمعية مفتوحة لأي مبادرات تصب في إطار التضامن مع الشعب الفلسطيني كاشفا عن نية الجمعية في تنظيم قافلة ثقافية تضامنية لصالح سكان غزة إذا توافرت الظروف الأمنية والمادية لأجل القيام بذلك. ثم توالى الشعراء المشاركون في إلقاء قصائدهم لنصرة الشعب الفلسطيني، والبداية مع الشاعر دردوخ الذي قرأ من قصيدته «ما أقرب القدس لولا … « التي كتبها في عدوان 2008 ويقول فيها:
من أَوَّلِ الجُرْحِ .. حَتىَّ يُولدَ الظَّفـَرُ //// تبقَيْـنَ واقفةً .. والكُفرُ يَندَحِــرُ!!
تَبْقَيْـنَ ياغـزَّةَ الأحـرارِ صامـدةً //// رغمَ النَّزيف .. وَيَبقَى وَجْهكِ القَمرُ!!
أدري بأنَّكِ أحْلَى .. فاعذُري لُغَـتي //// إنَّ المَواجِعَ أقوى حينَ نَـــعتذِرُ!!
أدري بأنـكِ أغْلَى .. كلَّما نَزَفَـتْ //// منكِ الجراحُ .. وأغْلَى كلَّما مكرُوا !!
أدري .. وتَدْرِينَ أنَّ القدسَ مَوْعدُنا //// مـا أَقْرَبَ القُدْسَ .. لَولاَ إخوةٌ غُدُرُ!!.
إلى الشاعر إبراهيم صديقي قارئاً مقاطع من قصائده وبينها قصيدة أهداها لروح الشهيد محمد درة، وتلاه الشاعر عبد العالي مزغيش قارئاً قصيدة حديثه له عن غزة يقول فيها:
«غزّة …
الدّخان الذي في الفضاءْ …
غزّةٌ تستغيثُ وتطلبُ وُجهتَها
كالمسيح المضرّج
نحو السّماءْ …
وحدها تتداركُ منذ الفجيعةِ أخطاءَنا
تتجاوزُ عنّا الخطيئةَ دومًا
وتغسلُ أوزارَنا بالدّماءْ!
غزّةٌ آخرُ الأمنياتِ على وتر القلبِ
نسمعُها… اشتهاءْ
آخرُ الأغنيات التي أسقطتْ ورقَ التوت
والفارسَ الورقيّ
وغزّةُ زغرودةٌ كابتهال الصّباح المدجّج بالحبّ
يرفعُها …عاشقٌ دمُه من بهاءْ
غزّةُ امرأةٌ قُنبلَهْ …
أمّةٌ وحدها… زفّتِ الشهداءَ
واختتمت السهرة بقراءة للشاعر نصرالدين حديد راثياً مآسي عزة في قصيدته.
«كلّنا مع غزّة» في أمسية شعريّة ليبية
بدعوة من هيئة دعم الصحافة الليبية، أقيمت أمسية شعرية حاشدة في مركز «حسن الفقيه» الثقافي في البلدة القديمة في العاصمة الليبية طرابلس، تحت شعار «معاً في مواجهة العدوان وكلّنا مع غزّة»، وتحوّلت الى مهرجان تضامني مع فلسطين والشهداء.
افتتح الأمسية الشاعر الليبي خالد درويش موجهاً تحية إلى أهل غزة الصامدين الذين يواجهون الإبادة الجماعية وينافحون عن مقدسات الأمّة، موجهاً نقداً للخذلان والصمت على هذه المجازر المروّعة التي تودي بالأطفال والنساء، كاشفاً للحضور ما تتعرض له فلسطين من مؤامرات وهجمات فاشية للقضاء على القضية، لكن شعب الجبّارين مصمم على البقاء والمقاومة والنصر.
الشاعر الفلسطيني د.المتوكل طه شارك في هذه الأمسية بعدّة قصائد أولها «غزّة قوس النار» و»الموقدة و»قصيدة «أويا» التي أهداها إلى شهداء الأمّة العربية جمعاء، بعدما وجّه تحية إلى الشهداء والجرحى والأسرى، مؤكداً على أن الدم العربي واحد، وينبغي أن ينحاز إلى الحرية ويتكرّس لتحرير القدس، ووجّه نداء إلى الأمّة والشرفاء كي يتحرّكوا لإيقاف هذه المذبحة، وقدّم الشكر باسم فلسطين للمتضامنين والمشاركين.
الشاعر أسامة الريّاني قرأ بعضاً من قصائده المهداة إلى فلسطين، تلاه الشاعر أحمد الفاخري بمقاطع لمدينة القدس والشهداء، فيما ختم وكيل وزارة الإعلام الشاعر الهمالي العموري قراءته بتوجيه رسائل عاجلة إلى الأمّة لعلها تفيق على الدم المنهمر في غزة البطلة.