بعض نتائج خفض المساهمة العسكرية الروسية

حميدي العبدالله

لا شكّ في أنّ لقرار روسيا سحب قواتها الرئيسية من سورية نتائج وتداعيات. من بين هذه النتائج، وربما التي تُصنَّف في إطار النتائج السلبية، ارتفاع معنويات المسلحين والإرهابيين، وربما سعيهم من جديد إلى شنّ هجمات على مواقع الجيش واستعادة مواقع خسروها، ولا سيما في ريف اللاذقية وفي ريف حلب. ولكن حتى هذه النتيجة هي غير مؤكدة لسببين أساسيين. السبب الأول، أنّ أي هجوم من قبل الجماعات المسلحة، سيعني خروجاً على الاتفاق الأميركي ـ الروسي، وهذا من شأنه أن يقود إلى واحد من أمرين، الأول، أن يكون هناك رداً من موسكو وواشنطن على هذا الخرق وعلى الجهات التي تقف وراءه وتدعم الجماعات التي ارتكبته، ومن شأن ذلك أن يقود إلى نتائج إيجابية في غير مصلحة الجماعات المسلحة والدول الداعمة لها، أما إذا كان موقف الولايات المتحدة مائعاً ومتواطئاً مع الخروقات، فعندها ستكون روسيا في حِلّ من الاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة، وستتحمّل واشنطن المسؤولية عن عدم ضبط جماعتها، وسيتم فضح تواطؤ الولايات المتحدة وعدم جديتها في البحث عن حلّ سياسي للأزمة القائمة في سورية.

السبب الثاني، أنّ الجيش السوري وحلفاءه يمتلكون القدرات للردّ على أي خرق لاتفاق وقف العمليات العسكرية، وقد جرى اختبار هذه القدرة عندما حاولت الجماعات المسلحة خرق التهدئة في ريف حلب الجنوبي، وكذلك على جبهات ريف حماه الشمالي. ومعروف أنّ الدولة السورية رفعت من مستوى التعبئة، وحصلت على معدات عسكرية جديدة ومتطورة من روسيا وكذلك قامت بترميم وتحديث عدد غير قليل من الطائرات، وعادت من جديد إلى الخدمة، ومن شأن كلّ ذلك أن يفاجئ الذين يحاولون اختبار مدى قدرة الجيش السوري وحلفائه على الردّ على أي خرق أو إغراء بالعودة إلى السيطرة على حساب الدولة السورية.

لكن من الواضح أنّ زخم البحث عن تسوية سياسية للأزمة القائمة في سورية، والمشاكل التي تواجهها تركيا والسعودية، ومواقف الإدارة الأميركية التي عبّر عنها الرئيس أوباما في حواراته الأخيرة مع مجلة «ذي أتلانتك»، كلّ هذه العوامل تشير إلى أنّ أي محاولة للخروج على اتفاق وقف العمليات، سيكون مصيرها الفشل، وبالتالي لن تستطيع الجماعات المسلحة استعادة زمام المبادرة، وجلّ ما قد يترتب على خرقها لاتفاق وقف العمليات، السماح للجيش السوري بالردّ الحازم وتوفير مناخ سياسي محلي ودولي ملائم لذلك ويوفر غطاءاً للردّ على تعريض الاتفاق الروسي ـ الأميركي للانهيار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى