عون رئيساً في نيسان أو …؟

هتاف دهام
لا يزال الانسحاب الروسي غير واضح المعالم كي يُناقَش كمعطىً استراتيجي كامل التظهير، خاصة أن موسكو نجحت بأن تفرض عنصر المفاجأة في خطوتها على العالم أجمع، لا سيما أن «إسرائيل» التي تعتبر أنه لا تخفيها خافية، وتدّعي شرف اكتشاف أول انتشار للروس في سورية قبل إعلان موسكو ذلك رسمياً، فشلت في تكرار الإنجاز نفسه في موضوع الخطوة الروسية بالانسحاب، لكن الأكيد أن الموقف الروسي جاء بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية. وهناك تصور واضح بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما لحل حقيقي للأزمة السورية قبل نهاية ولاية أوباما لما لذلك من مصلحة مشتركة للطرفين، فالحل من جهة سيكون عاملاً مساعداً على إبقاء الحزب الديمقراطي الأميركي في السلطة، ومن جهة أخرى يدرك بوتين أن إنجازه مع الرئيس الأميركي الحالي ربما أقل تعقيداً من احتمال كونه مع الرئيس الجديد.

الواضح أن الإعلام الغربي والخليجي وما يدور في فلكهما قرر أن يضع الخطوة الروسية في خانة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد وفي خانة المواجهة ضد سورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله. صحيح أن المعركة على المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية لما تزل في قبضتها، وأن الاندفاعة السورية ضد الإرهابيين كانت في الذروة عندما قررت موسكو وواشنطن فرض ما يسمى بوقف إطلاق النار والأعمال القتالية، لكن الأصح أن الجيش السوري وحلفاءه كما يقول قطب سياسي بارز في 8 آذار لـ«البناء» مستمرون في عملياتهم ضد الجماعات الإرهابية على كامل الجغرافيا السورية وفق أولويات وأجندة تأخذ بعين الاعتبار الفصائل المسلحة الملتزمة بوقف إطلاق النار، والخروج الجزئي الروسي من بعض الميادين الجوية، والجبهات التي يتواجد فيها تنظيم داعش وجبهة النصرة أو غيرهما من التنظيمات الإرهابية، وذلك تبعاً للأولوية العسكرية التي يقتضيها الميدان، والشراكة الروسية في هذه الجبهات قائمة ومستمرة، وما يجري منذ أكثر من أسبوع في جبهة تدمر هو أكبر تجسيد لتكيُّف استمرار المعركة مع المعطيات الجديدة، لا سيما أن الجيش السوري هو الفعل الميداني الأرضي بنسبة 95 ، والوجود الروسي هو الفعل الجوي لأكثر من 70 في بعض الجبهات، لأن الطيران السوري متواجد في جبهات أخرى.

على هذا الأساس فإن سورية وإيران وحزب الله يؤمّنون الانسجام السريع والتلقائي مع الأولويات الروسية بما يخدم الهدف الاستراتيجي المستجد للمعركة، وبحسب القطب السياسي نفسه، لا خلفيات عسكرية للخطوة الروسية، فأحدث أنظمة الدفاع الجوي الروسي وأبرزها صواريخ أس – 400 ستبقى في سورية في قاعدتي طرطوس وحميميم التي تجري المصالحات فيها بإشراف ضباط روس، والطيران الروسي سيواصل ضرباته الجوية على أهداف إرهابية.

ولأن موسكو تدخلت في دمشق من أجل الحل السياسي، فإن قرارها وفق ما يؤكد القطب السياسي، سيعطي الدور الروسي المزيد من الدفع في المنطقة. فهو حركة براغماتية تهدف إلى تحريك المفاوضات السورية الجامدة تؤهلها للعب دور الوسيط في هذه المفاوضات، ما يحرج المملكة العربية السعودية المعرقلة للمبادرة السياسية بحجة انخراط روسيا القيصر في النزاع الدائر، ويريح في المقابل محور إيران – حزب الله – الدولة السورية.

لم يربك القرار الروسي حزب الله ولم يفاجئه، وهو مستمر يعمل، كما يؤكد القطب نفسه، على قاعدة المرتكزات الأساسية التي فرضت انخراطه في المعركة السورية. فلن يجري أي تعديل على صعيد انخراطه، والقرار الروسي وأبعاده وحجم تأثيره والتداعيات التي يمكن أن تنتج عنه والخطوات التي قد تنكشف بعد ذلك فهي عملياً محور تقييم دقيق لدى قيادة الحزب بالتنسيق الكامل مع الحلفاء السوريين والإيرانيين والروس أنفسهم. وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي يؤكد القطب البارز في 8 آذار أن حزب الله غير معني بالتعامل مع مسلّمات إعلامية حاولت ربط بعض الاستحقاقات الداخلية، ومنها الرئاسة، بالتطورات الإقليمية، وهو مستمر بالتعاطي مع الملف الداخلي على أساس الثوابت التي تحكم نظرة الحزب إلى الأوضاع الداخلية في لبنان من دون أي تغيير، فالضغوط والإجراءات السعودية وما يدور في فلكها وما قبلها وما بعدها لن تذهب به إلى أي تسوية رئاسية، فإما رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في نيسان أو لا رئيس جمهورية ولا رئاسة حكومة للذي عاد مؤخراً من الرياض إلى بيروت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى