تجارة اللاجئين.. عارٌ أوروبي تركي!
نظام مارديني
لا يمكن النظر إلى قضية اللاجئين السوريين إلا باعتباره مشروعاً سياسياً منظّماً، أوروبياً تركياً، ذا أبعاد استراتيجية عميقة لتفريغ سورية من كوادرها وشبابها الذين يُعوَّل عليهم في البناء وإعادة الإعمار.
فقد توصّل قادة أوروبا خلال قمة بروكسل، أمس، إلى صيغة مشتركة مع تركيا لتبادل اللاجئين، وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، إن حصة 72 ألف لاجئ هي فقط مجرد مرحلة أولية من مشروع تعاوننا مع الاتحاد الأوربي في تبادل اللاجئين وفق نظام لاجئ مقابل لاجئ ، بمعنى أن الاتحاد الأوربي سيستقبل مقابل كل لاجئ غير شرعي آخر شرعياً !.
الاتحاد الأوروبي وأنقرة مزجا أولوياتهما مع احتياجاتهما الضرورية وعملا على تحويل معسكر اعتقال السوريين في تركيا و الهجرة وتهريب البشر إلى سياسة للاجئين ، وقد بدا أن النقاش الذي كان قائماً ما قبل اتفاق أمس، حول القيم الأوروبية لم يعدُ كونه جدلاً بين الأوساط السياسية في الاتحاد الأوروبي، ولقد شهدنا في الفترة الأخيرة أشياء كثيرة جعلتنا نعرف أن هذا الخطاب لا يحمل مفهوماً آخر غير مواجهة الابتزاز التركي والتورية عن المصالح الجيوسياسية الأوروبية.
عجز الاتحاد الأوروبي الديمقراطي سابقاً عن وضع حد للعربدة التركية عبر بحر إيجة تجاه مأساة التجارة بأجساد السوريين، حتى أن رئيس كتلة الليبراليين والديموقراطيين في البرلمان الأوروبي جوي فرهوفستادت حول سابقاً التفاهم والاتفاق مع تركيا في مسألة اللاجئين إلى استجواب أوروبا ، حيث يرى فرهوفستادت بأنه لا تنبغي إهانة أوروبا ويجب أن لا تشرب من كأس أردوغان السام، وبدلاً من ذلك يجب العمل أكثر من أجل التوصل إلى حل سياسي في سورية .
الاختراع التركي لقضية اللاجئين وابتزاز أوروبا بشأن عضويتها في الاتحاد، أعطى الاتحاد الأوروبي فرصة لقطع احتمال عضوية تركيا في جسمه. وهذا السبب في أنَّ أعضاء الاتحاد يشعرون بالامتنان لنظام أردوغان الذي وفّر لهم على طبق من ذهب فرصة زوال تركيا بقطع الطريق أمام أنقرة وقيمها الاستبدادية نحو الاتحاد الأوروبي والمعايير والمبادئ التي يقوم عليها.
قال أردوغان في الماضي أوقفنا الناس عند بوابات أوروبا، أوقفنا حافلاتهم في أدرنة، هذا يحدث مرة أو مرتين ثم سنفتح بواباتنا وسنتمنى لهم رحلة آمنة… ، وهو بذلك يهدّد بإغراق أوروبا بالمهاجرين إذا لم يقدّم قادة الاتحاد الأوروبي عرضًا أفضل لمساعدة تركيا على التعامل مع أزمة اللاجئين.
أمس، انفضح التغني الأوروبي بالعدالة وحقوق الإنسان ـ الفرد والديمقراطية الشكلية. اغتالته أوروبا وتركيا معاً بتجارة لاجئين رخيصة.. لتحوّلا مواطنينا سلع مقايضة دولية.
بئس الديمقراطية وبئس الحقوق!