ترند عيد الأمّهات…

فدى دبوس

رغم أزمة النفايات والفراغ الرئاسيّ والعتب على الدولة والحكومة والحكّام، لا تزال هناك مساحة صغيرة للاحتفال على مواقع التواصل الاجتماعي. مساحة للاحتفال بمن أعطتنا الحياة لنقاوم ونتعلّم ونصمد في وجه الطغيان الذي نعيشه على جميع الأصعدة. هي مساحة صغيرة للفرح بمن تستحقّ الفرح لأجلها ومن تستحق أجمل وأرقّ وأعذب التعليقات.

في كلّ سنة يتطوّر الاحتفال بعيد الأمّ على مواقع التواصل الاجتماعي ليأخذ مدى أبعد من مداه ويأخذ أهمية لا تضاهى، ولأن كلّ شيء في ازدياد كان من الطبيعي أن يأتي الاحتفال بهذا العيد مبكراً جداً، إذ وقبل أسبوع واحد على عيد الام ها هم الجميع يتباهون بصور أمّهاتهم وبطرح كلمات لا عدّ ولا حصر لها، وجميعها تصبّ في خانة تقديس الأمّ وتعظيمها، لكن هل نجد هذا الحبّ فعلاً بعيداً عن مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل بات الاحتفال بالأمّ فقط للتباهي أمام الناشطين لإبراز الشقّ الحنون والمعطاء عند كلّ فرد منهم؟

ربما لا يجوز التعميم في هذه الحالات، فالكثير الكثير ممن يكتبون كلماتهم يكتبونها لأنهم يشعرون بها، وقلّة قليلة تكتب من أجل التفاخر والتباهي، ولا يخفى أن هذه هي حقيقة العالم الافتراضي الذي بات يفضح شخصية كلّ فرد من خلال تعليقاته ومدوّناته وحتى صوره.

كانت قد جرت مؤخراً دراسة أظهرت أنه يمكن حقيقة التعرّف إلى شخصية كلّ فرد من خلال متابعة صفحته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ومن خلال ما يكتبه أو ما ينشره من صور وعبارات يمكن التعرّف إلى الجانب الحقيقي من شخصيته التي أحياناً يخفيها عن الجميع، فالعالم الافتراضي بات عالماً حقيقياً يعبّر كثيراً عن مكامن شخصية كلّ منّا.

لكن مهما اختلفت التعليقات بات هذا العالم هو أكثر العوالم احتفاءً بالمناسبات جميعاً حتى أننا بتنا اليوم نعتمد عليه في تذكيرنا بأعياد ميلاد أصدقائنا وأقاربنا التي ما كنّا لنتذكّرها من دونه، لذا لا ضير من الاحتفال بعيد الأمّهات وغيره من الأعياد على هذه المواقع.

ولأنّ هذا العيد من الأعياد المهمّة في حياة كلّ فرد منّا، كان من الجميل أن يأخذ هذه الأهمية على مواقع التواصل الاجتماعي لكن من أسوأ الأمور التي تحصل هي المغالاة في التعبير، أو المغالاة في نشر صور الهدايا الباهظة الثمن التي ليس بمقدور عدد كبير من الناس شراؤها في وقتنا العصيب.

ومن أسوأ التعليقات هي تلك التعليقات لأشخاص يأسفون من وضع البلد والأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرّون بها والتي لا تمكنّهم من الاحتفال بوالدتهم بالطريقة المناسبة، هذه الأمور هي التي تعدّ الأسوأ في عيد الأمّ وغيرها من الأعياد، وحتى الآن لم يستطع العديد فهم أن مواقع التواصل الاجتماعي هي مواقع للتعبير وليست مواقع للمفاخرة ولا للمباهاة. هي مواقع تسمح لنا بالبوح عمّا نريد من دون رقابة من أحد، شرط أن نحترم مشاعر الآخرين وعواطفهم.

مهما تكن الانتقادات تبقى الذكرى والكلمات الرقيقة هي أجمل ما يمكن لنا أن نعبّر عنه في يوم عيد الوطن، فالأم هي الوطن، وهي الحياة وهي الأمل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى