حتر لـ«الميادين»: إذا استمرت حرب غزة ستكون مكلفة على الأميركيين وتنذر بانتفاضة ثالثة
قال الباحث والكاتب السياسي ناهض حتر: «إن الولايات المتحدة الأميركية، تستعجل الحل والوصول بأسرع ما يمكن إلى إيجاد تهدئة». وأضاف من هذا المنطلق لا يستعبد أن يمارس كيري ضغوطاً على تل أبيب لتليين مطالبها وتقديم تنازلات، بعدما أبدت المقاومة صلابة في الميدان»، مؤكداً «أن الحرب على غزة ستصبح إذا طالت مكلفة على الأميركيين، والسبب أنها تعيد إحياء مشروع الممانعة والمقاومة وجوهره قضية فلسطين، بعد الضربة التي تلقاها في الموصل. وبتفصيل أكثر فإن مشروع التقسيم القائم على التجييش الطائفي والمذهبي الممنهج والمخطط له، سيتكسر على صخور غزة وستكون هناك أجواء جديدة في المنطقة عنوانها فلسطين وما تمثل من قضية موحدة وجامعة لشعوب المنطقة، أضف إلى ذلك حقيقة بات يعلمها الجميع وهي أن الصواريخ والأسلحة في غزة مصدرها إيران وسورية. يأتي ذلك معطوفاً على الاتصال الذي جرى أخيراً بين السيد حسن نصر الله ورمضان شلح وخالد مشعل، الذي أعاد تموضع محور الممانعة وتعزيزه».
أضاف حتر: «من ناحية أخرى ما يجري في غزة يمكن أن يتصاعد وينذر بانتفاضة ثالثة إذا بقي هذا المستوى من القتل والإجرام، وبالتالي تصير الظروف مهيأة لكي ينفجر الشارع الفلسطيني وتالياً الأردني». واعتبر: «أن السلطة الفلسطينية لا يناسبها وجود انتفاضة في الضفة لذلك تستعجل هي الأخرى التهدئة».
ورأى الكاتب السياسي: «أن السلطة محكومة بأمرين، فهي من جهة لا تستطيع أن تتجاهل ضغط الشارع ونبض الناشطين من فتح والذي جسدته رسالة الأسير مروان البرغوثي، إذ دعا السلطة للتوجه إلى غزة والوقوف إلى جانب المقاومة والقيام بتحركات، فيما قيادات فتح تشعر أن لديها فرصة لتحسين صورتها والتحرك. لكن من جهة أخرى تبقى عيون السلطة متجهة إلى كيفية بناء تحالف مع القاهرة». واعتبر أن هناك فرصة «أمام محمود عباس لترتيب وضعه إلى جانب المحور المصري. عباس الذي توجّه قبل العدوان إلى مصر حيث قضى يومين ولم يلتق به السيسي وتوجّه غاضباً إلى الأردن، يرى الآن أن هناك فرصة لإعادة نسج علاقات مع القاهرة، لا سيما أنه يلمس اليوم وجود حاجة مصرية ـ سعودية إليه.»
ولفت حتر إلى أن «المشروع المصري في فلسطين كان في الأساس تأهيل محمد دحلان لوراثة الملف الفلسطيني، وجرى اختياره لأنه على علاقة وثيقة بالأمن المصري وبدولة الإمارات ويمكن أن يرث فتح في الضفة وله جذور في غزة. وتصورهم كان أن دعم دحلان يمكن أن يعيد ترتيب أوراق الساحة الفلسطينية. لكن بسبب العدوان اضطر المصريون إلى العودة خطوة إلى الوراء واختاورا عباس وهو يحاول أن يستفيد من هذه اللحظة». وقال: «إن مصر كانت أمام خيارين، إما أن تعمل مع حماس وإما مع عباس. بناء على هذه القناعات جرى في قطر بين عباس ومشعل مروراً حديث عن وساطة نبيل العربي واستعداد القاهرة لتعديل مبادرتها قبل أن تتبدد هذه الأجواء وتعود القاهرة للإصرار على مبادرتها بنسختها الأصلية على لسان وزير خارجيتها».
وقال حتر: «إن التعديل كان مطروحاً فيما لو وافق مشعل على المجيء إلى القاهرة مع عباس، فمجيء مشعل بمعية عباس له دلالته السياسية الواضحة، إنها تعوم عباس وتجعله عراباً، وهو يعني أن يأتي مشعل إلى محور القاهرة للتفاهم معه، بمعزل عن المحور القطري ـ التركي». وكان يمكن برأي الباحث السياسي في هذه الحالة «أن يعطى مشعل بعض التعديلات لإخراجها كإنجاز يحفظ ماء الوجه، وطالما أنه لم يقدم هذا التنازل سحبت الورقة».
وحول خيارات «إسرائيل» في ظل الاستنزاف العسكري والإحراج على مستوى الداخل والخارج، اعتبر حتّر: «أن «إسرائيل» خارج القصة كلها. رابع أقوى قوة في العالم ليس لديها مكان تطلق فيه النيران إلّا غزة. «إسرائيل» في وضع بائس وحربها على غزة ناجمة عن بؤس سياسي واستراتيجي وهي مقطوعة الأيدي في المنطقة. مصر خرجت من كونها مجرد وسيط بين حماس و»إسرائيل» مثل أيام مبارك وبدأت تلعب دوراً إقليمياً. انفتحت على العراق وعلى السودان، والظروف الإقليمية والدولية فرضت أن يعود الجيش المصري إلى سيناء من دون إذن «الإسرائيليين». المفاوضات الإيرانية ـ الأميركية لا علاقة «للإسرائيليين» بها، كذلك في سورية حيث فشلوا في إقامة منطقة عازلة. وهم خارج الميدان الاستراتيجي كله وليس لديهم شيء يقومون به سوى أن يفتعلوا عدواناً على غزة، وبالتالي «إسرائيل» محشورة في غزة. حتى الأردن عندما عرضت عليه تل أبيب تنسيقاً مشتركاً لمواجهة خطر داعش اعترض، لأن «إسرائيل» تحتاج إلى من يحميها وهي لا تحمي أحداً».