قالت له
قالت له: لا تنسى أنّ سحر البحر الذي يجمعنا ليس أكثر من مصدر إلهام للشعراء، ففيه الموج والإبحار والسكون والضجيج واللؤلؤ والمحار. أن تحميني من موجة عاتية أو ترميني في الليلة الآتية، وأنا لا أجيد السباحة، والعتم والليل والصيادين، ونجوم السماء، فهل هو مصدر الشعور بالوحدة والخوف كما هو مصدر الشعور بالتأمل والأحاسيس الرقيقة والاستناد إلى كتف الحبيب، ورذاذ الموج يلفح وجهينا؟ فقال لها: البحر نسخة عن كل وجه من وجوه الحياة. ففيه الروح وفيه الجسد، البحر موج يغمر الرمل قسوة وحناناً، والرمل يعتصر ملح الموج ويكتنزه في أعماقه علامة ولادة، واختلاط الرمل والملح في ظلال موجة يحملها المدّ إلى اليابسة يولّد دورة الحياة ويختصر جمال لعبة الجسد، ومنه استمد الناس إنشاء الملاحات، فأوقفوا دور الحياة العميقة في البحار، كما صار الزواج في كثير من الحالات فعل تجميع مريض لحاجات الخصوبة والتناسل، فضاعت لفحة الموج وتاه الاختلاط الساحر للملح والرمل في منتصف الليل، عندما يكون المدّ والجزر كحال جسدين عاصفين في عناق البحر واليابسة.
قالت: عناقنا ما زال بين نهر وحصى، فدعه هكذا قبل أن أكتشف بحرك فأهلك، أنا لا أجيد السباحة في اتجاه الموج فكيف عكسه، وأخذت قبلة من جبينه ومضت، وهي تقول، النساء تعشق البحر لأسباب غير تلك التي يحبه لأجلها الرجال، وبداية الخدعة، كلمة البحر يجمعنا.