مهرجان مسقط السينمائي… فنّ التسامح والجمال
أجمع مثقّفون وفنانون مشاركون في مهرجان مسقط السينمائي التاسع الذي أُطلِق الاثنين الماضي في العاصمة العُمانية، على أن بمقدور السينما غرس ثقافة التسامح والجمال من دون اعتبار لمقصّ الرقيب الذي كثيراً ما يكون مدفوعاً بأجندات سياسية. مؤكدين أن القيام بهذا الدور يتطلّب أرضية مشتركة بين كاتب السيناريو والمخرج والممثل معاً.
واعتمد مهرجان مسقط في نسخته الحالية شعار «سينما فن التسامح والجمال» واضعاً في الاعتبار الأزمات والحروب التي شهدتها الدول العربية مؤخراً والتي ستنعكس تداعياتها على مسيرة الإبداع الأدبي والسينمائي كأدوات يمكنها الإسهام في طرح الحلول وبث الأمل في نفوس الجماهير.
وقد أشار لذلك الدور رئيس الجمعية العمانية للسينما خالد الزدجالي في كلمة ألقاها خلال حفل إطلاق المهرجان، جاء فيها أن مسعى الإنسانية لتعمير الأرض لا يتحقق بالحروب والقهر والإرهاب والظلم، بل بالحب والسلام والتسامح، وأن الفن السابع يرسّخ تلك القيم في الوجدان الجمعي للبشرية.
ودعا الزدجالي من سماهم «رعايا مملكة الفن السابع» إلى الإقرار بأن ذلك الفن بوجهه الآخر قد ألحق الأذى بشعوب وعرقيات وديانات، فألصق بها ما ليس فيها من صفات ونعوت ليست من سماتها كصورة العرب في سينما هوليوود الأميركية.
وعن قدرة السينما على غرس قيم الجمال والتسامح، تحدّث المخرج وأستاذ الفنون في المعهد العالي للسينما في القاهرة محمد عبد العزيز وقال إن السينما لعبت هذا الدور منذ وقت طويل ونجحت في التقريب بين شعوب كثيرة إلا أنها بوصفها صناعة تعرّضت في السنوات الأخيرة لحالة من التردّي غير المقبول.
وتوقّع عبد العزيز أن يتغير ذلك المشهد في القريب العاجل. وعن المعوقات التي قد تواجهها السينما من أجهزة الرقابة في هذا الشأن، أكد عبد العزيز أن الفن السابع يخاطب الشعوب، وبالتالي لا تضيره كثيراً سياسات الرقابة.
بدوره، وصف الشاعر والصحافي العماني عبد الرزاق الربيعي السينما بالمنصّة المهمة لبثّ الرسائل التي تنقل قيم الجمال والإنسانية والخير، وقال إن اختيار شعار مهرجان مسقط جاء دقيقاً في هذه الظروف الحرجة التي تحتاج إلى أطروحات من هذا النوع.
ويرى المسؤول الإعلامي لمهرجان مسقط السينمائي فائز الكندي أنه بإمكان السينما غرس قيم التسامح بطرحها الحلول الممكنة ورسم صورة جمالية للأراضي التي تعمها الحروب عبر بث الأمل بأنها قابلة للتحول إلى مناطق سلام وتسامح.
وقال الكندي إن الرقابة لم تعد تشكل عائقاً للسينما، وأشار إلى أن هناك أفلاماً كثيرة شاهدها الجمهور رغم وجود الرقابة، بينها أفلام لامست الواقع الحالي.
وتشارك في النسخة الحالية لمهرجان مسقط السينمائي 25 دولة ممثلة من خلال 64 فيلماً بينها 11 فيلماً روائياً طويلاً و13 فيلماً روائياً قصيراً و9 أفلام تسجيلية و12 فيلماً عُمانياً ضمن ملتقى الفيلم العُماني في المهرجان نفسه، إضافة إلى 19 فيلماً خارج المنافسة.
وقد كرّم المهرجان الذي تستمر فعاليته حتى يوم الجمعة المقبل عدداً من الفنانين بينهم الراحل نور الشريف، وسمير صبري وبوسي والفنان كريم عبد العزيز ووالده المخرج محمد عبد العزيز.