قطب سياسي: عام 2016 لن يكون عام انتخاب الرئيس
هتاف دهام
يقول قطب سياسي بارز إنّ عام 2016 لن يكون عام انتخاب الرئيس، وإنّ موعد تسوية لبنان الرئاسية والانتخابية والحكومية لم يحِن بعد، فالواقع اللبناني يتأثر بالمعطيات الخارجية، والأزمة السورية لا تزال في مرحلة الحلّ المنتظر. لكن مإذا لو راوح الملف الرئاسي مكانه في ظلّ رهان يعتقد تيار المستقبل أنّ حزب الله سرعان ما يذهب إليه؟ لم يتعدّ عدد النواب في الجلسة السابعة والثلاثين لانتخاب الرئيس أمس، 62 نائباً، رغم حضور رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بعدما سجل تدفق لافت لأصحاب السعادة في جلسة الثاني من إذار وصل إلى 72، والزخم الذي أعطاه رئيس التيار الأزرق بحضوره شخصياً الجلسة السابقة، تراجع، وكلّ الدفع الذي انكبّ عليه بضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي منذ عودته السعودية لم يثمر أيّ نتيجة تذكر، سوى خروج عدد من نواب 14 إذار عن طاعته، فمرحلة الرضوخ القواتي لقرارات بيت الوسط التي فرضها تحالف 14 شباط ربما انتهت إلى غير رجعة. وما رشح عن أجواء لقاء مستشار الرئيس الحريري غطاس خوري برئيس حزب القوات سمير جعجع في الملف الرئاسي لم يكن إيجابياً. لم يِعِد قائد معراب خوري بعدم مشاركة القوات في النزول إلى الشارع مع التيار الوطني الحر، ولم يستجب لطلب مَن أوفده بحضور كتلة القوات مجتمعة إلى الجلسة أمس، وترجم ذلك بغياب النواب ستريدا جعجع، إيلي كيروز، شانت جانجنيان، ونائب رئيس حزب القوات جورج عدوان الذي لم يقاطع أيّ جلسة إلا نادراً، فهو وصل إلى ساحة النجمة بعد انتهاء الجلسة ومغادرة النواب، ونغّص على رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة فرصة اللقاء به.
لا جديد على الصعيد الرئاسي إلى أجل غير مسمّى فالمواقف التي أطلقها الحريري بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم تأت بأيّ جديد، فهو مستمرّ بدعم ترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية من منطلق أنّ أيّ خيار جديد إذا لم يُبن على فرصة نجاحه، فستلحق به خسائر أكثر، وتضع تياره في ظروف أكثر تعقيداً. ويبدو أنّ محطة 18 نيسان المقبلة ستحلق بسابقاتها على عكس تمنيات الشيخ سعد بملء الفراغ الرئاسي في شهر نيسان، فليس كلّ ما يتمناه يدركه، والرياح تجري بما لا تشتهيه سفن وادي ابو جميل سياسياً ومالياً.
والسؤال ما هي خيارات القوى السياسية الأساسية؟ هل يقبل بري باعتماد نصاب النصف + واحد؟ لا كلام في النصاب الدستوري للانتخابات الرئاسية، عند رئيس المجلس الذي لم يأت أمس في لقاء الأربعاء على ذكر الملف الرئاسي لا من قريب ولا من بعيد، فهو قطع الطريق على ذلك أمام كلّ مَن فاتحه بالأمر أو بعث اليه برسائل تعتبر انّ هذا النصاب من شأنه ان يوصل فرنجية إلى الرئاسة الاولى.
وبمعزل عن جلسة الأمس، فإنّ خيارات رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون مستمرة طالما أنه مرشح. وهو تبلّغ من حزب الله دعمه في قراراته كلّها. وفيما تتكتم المصادر المقرّبة من الرابية عن هذه الخيارات وتعتبر أنّ قوّتها وفعاليتها مقترنة بعنصر المفاجأة، لكن مصادر نيابية في التيار الوطني الحر تقول لـ«البناء» إنّ هناك خطوات متعدّدة منها تعطيل الدوائر الرسمية، ومنها السياسية والإعلامية ضمن المواقف الحادّة التي يمكن ان تتخذ، لكن يبقى الأهمّ هو اللجوء إلى الشارع في تحرّك مشترك مع القوات ضمن الأطر الديمقراطية عبر الإضرابات والاعتصامات من منطلق انتخاب الرئيس الذي يحظى بحيثية شعبية كبيرة، والمتحرّر من متاهة تعيينه من الخارج. أما الخيار الاستراتيجي الذي يبقيه الجنرال ومعه ضمناً القوات، ورقة بيده ولم يضعه على الطاولة فهو التنصّل من اتفاق الطائف». لكن كلّ ذلك يحتاج إلى دراسة بعناية تعطي مفاعيل ناضجة وتوصل الجنرال إلى قصر بعبدا.
لا تحاكي الرهانات السياسية حقيقة الواقع في الوقت الضائع، فمحاولة بعض القوى المحلية والإقليمية سرقة الاستحقاق الرئاسي عبر خيارات مفاجئة لها مفعول الصدمة ثبت فشلها، والمعادلة الواضحة لإمكانية حدوث خرق في هذا الاستحقاق يتمثل بالتسليم بانتخاب عون رئيساً أو التسليم بفراغ طويل حتى جلاء التطورات السورية والإقليم، فالأزمة اللبنانية مرتبطة بإحكام بالوضع في سورية. ولن يكون هناك أيّ اختراق في الواقع السياسي اللبناني بمعزل عن اتجاه الحلّ السوري، فضلاً عن أنّ الحوار السعودي الإيراني ليس أفقه واضحاً في المدى المنظور، فالردّ السعودي من رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير تركي الفيصل كان سلبياً على طرح الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وأمام ذلك، تتخوّف قوى سياسية من حدوث اضطراب أمني يسرع من انتخاب رئيس وسطي، والسؤال هل لا تزال السعودية مع سياسة الاستقرار أم أنها لم تعد مكترثة؟ إنّ سيناريو تدهور الوضع الأمني سلاح ذو حدّين ووسيلة للتهويل، فالسعودية تمتلك الرغبة وتسعى إليها، لكنها لا تمتلك القدرة، فالموقف الأميركي جازم بالمحافظة على الاستقرار وبعدم التصعيد مع حزب الله، والرياض تتجه إلى موقف أكثر صعوبة على ضوء ما حدث في عاصمة الاتحاد الأوروبي، وستتعرّض لضغوط وتنازلات أكثر، لا سيما أنّ هناك من يقول بخبث إنّ ما تعرّضت له بروكسل هو ردّ سعودي على القرار التوصية الذي صدر عن برلمان الاتحاد الأوروبي بحظر إرسال السلاح إلى المملكة.