قنديل: الرئاسة للمنتصرين وستكون شبيهة بتضحيات الشهداء النابلسي: الوحدة رصيدنا في مواجهة مشاريع التقسيم
أقام منتدى الثقافة والفكر في صيدا حفل إصدار كتاب «مهام ملحة» لسماحة العلامة الشيخ عفيف النابلسي،
حضره حشد من المثقفين والأدباء والسياسيين.
بداية، تحدث رئيس تحرير جريدة «البناء» النائب السابق ناصر قنديل، فقال: «لا بدّ من كلمتين في هذه المناسبة. الكلمة الأولى هي عن واقعنا اللبناني هذا الواقع المريض هذا الواقع القائم على النفاق والقائم على الأكاذيب ومنها ما نعيشه اليوم في أكذوبة الاتصالات وقبلها في فساد أزمة النفايات والله أعلم ماذا تخبّئ لنا الأيام من حكايات وحكايات».
وأضاف: «إنّ القضية التي يتطلع إليها اللبنانيون بسؤال دائم عن موعد الإنجاز والخلاص منها، هي رئاسة الجمهورية. وفي الرئاسة أريد أن أقول مما أعلم ومما أتابع أنّ اللبنانيين الذين يملكون قدرة الحلّ والربط عطلوا فرصة الوفاق الداخلي عندما مدّ سيد المقاومة يده لفصل رئاسة لبنان عمّا يجري في المنطقة. أصرّوا على الربط وهم يحلمون بيوم تسقط فيه سورية فيكون لبنان هو الجائزة الكبرى، لأنهم فعلوا هذا فقط تمّ هذا. وما عاد ممكناً فصل ما يجري في لبنان عما يجري في المنطقة. وعليهم أن يرتضوا سلفاً أن لا رئاسة في لبنان إلا بعد أن تُحسم في سورية واليمن وعندما تحسم في سورية واليمن لا كلمة لهم في الرئاسة. الرئاسة للمنتصرين وستكون هذه الرئاسة هذه المرة تشبه تضحيات الشهداء وأحلام الشهداء ويثق بها المقاومون».
وتابع قنديل: «أما في المنطقة، فإنّ يجري هو مسألة زمن. لم يعد للحاكم السعودي فرصة أن يملك قراراً ولا أن ينتظر انتصاراً ،لا مكان له في مستقبل المنطقة إلا ضمن حدود الخضوع للمعادلات الجديدة وها هو يخضع. بداية الخضوع في سورية سيحملها إليه كيري من موسكو وتاليها في اليمن وثالثها في لبنان، وستكون المنطقة لأبنائنا. قد يأخذ الأمر وقتاً لكنّ الأميركي سيتكفل بأن يعيد فكّ وتركيب الإمارات والمشايخ والممالك التي ركبها على قاعدة أمن إسرائيل، وأمن إسرائيل صار بيد المقاومين. ولم يعد لشيوخ النفط قدرة ولا فعل ولا إمكانية ولا أفق. أمن إسرائيل صنعه الإسرائيليون وفقاً لمعادلة أنهم كلّما خزنوا أكثر أطالوا في أمد الحرب، وهم يعرفون أن لا جغرافيا تساعدهم على عمق أمن».
وختم قنديل: «عرفت المقاومة، درست المقاومة، استعدت المقاومة، حتى وضع لهم سيد المقاومة معادلة أمنهم. كلما قصرتم زمن الحرب باختصار مخزونكم من الوقود والذخيرة والغازات والأمونيا والمفاعلات النووية كان النصر علينا أسهل، وكلما خزنتم أكثر صرتم برميل بارود وبيدنا عود ثقاب».
وكانت كلمة للعلامة النابلسي قال فيها: «هذا الكتاب أيها الأحبة يميلُ ليتحدث عن الروع الذي يملأ ساحاتِنا وإلى الموقف الذي يجب أن ينطلق من كلّ إنسان رسالي يستيقظُ وينامُ مهموماً بما يجري وما يحدث على أمته. فبتنا نستشعرُ نزعةً نادرةً إلى الخير ومتفشيةً إلى الشر وبات الأمر يتطلبُ منّا أنْ نعيدَ تصويبَ المفاهيم وتصحيحَ المساراتْ والقول إنّ هناك مهام مُلِّحة على كل إنسان مؤمن حرٍ شريفٍ يريدُ أن يحيا كريماً ويموت عزيزاً. ففي الإسلام قلنا إنْ لا قيمة للإسلام إذا انفصل عن مبادئ الرحمةِ والعدلِ والاحترامِ والعقلانيةِ والمنطق لذلك نحن نحتاجُ إلى سياسةٍ تعيدُ تقديمَ الإسلام بأنقى صورة لأنّنا نريد للبشرية كلّ البشريةِ أنْ تعودَ إلى فطرتِها وأصالتها فيجتمعُ الأسودُ والأبيضُ والأصفرُ والأحمرُ على الأخوةِ الإنسانية بلا تمييز وفصل الإسلامُ هو دين الحياة نعم هو دين من أجل الحياة لا من أجل تدمير الحياة».
وأضاف: «في الثورة قلنا إنّ الثورة هي دعوة لاستنهاض الحقّ ونصرةِ المظلوم وإصلاح المجتمع. الثورة ملحمةٌ إنسانيةٌ تختزن كلّ معاني الفداء والشهامة والرحمة، لا فتنةٌ تستثير الدم وتحتقرُ الإنسان هي بالتأكيد ليست فقراً ورجوعاً إلى الوراء وهمجيةً وطائفيةً ومذهبيةً وأحقادً مجنونة بل هي بكلّ بساطة إصلاحٌ وتقدمٌ واستقامة. وفي إرهابيي داعش والنصرة قلنا هؤلاء الجهلة جعلوا الإسلام غلواً وتطرفاً فكرياً وحولوه إلى مجموعة من الأحكام الثأرية والانتقامية. نعم، يجب أن نعترف بكلّ جرأة أنّ هذه الجماعات هي نتاج الثقافة الإسلامية السائدة منذ قرون والفقه الإسلامي الذي اخترقته الأفكار الرجعية البائسة. وفي الحالة اللبنانية قلنا إنّ الأزمةَ العامةَ التي يعاني منها الشعب اللبناني لا ترتبط بالتناقضاتِ السياسية فحسب، وإنّما بعدم الانسجام البنيوي بين مختلف المكونات والمؤسسات حتى وصلنا إلى مرحلة الفشلْ وصارتْ دولتنا من الدول الفاشلة ، كما أنّ الطائفُ أوصلنا إلى نظام برؤوس كثيرة وجعل من عملية الإصلاح والتطوير مهمةً شبه مستحيلة».
وتابع النابلسي: «في الحالة الرئاسية قلنا إنّنا بحاجة إلى ذهنيةٍ قياديةٍ وطنيةٍ لا تصرف أي موقفٍ من مواقفها في إطار المصالح الشخصية وإنّما في سياقِ تحصين البلدِ من الاختراق والاستغلال والفساد ونحن بحاجة إلى من يحفظ وحدة البلد، التي هي رصيد كلّ الشعب لمواجهةِ مسلسلِ التقسيمِ والتجزئةِ والخرابِ الحاصلِ في المنطقة. وعن لبنان قلنا لبنان الذي نريده هو بلَدُ التعايش التي تشكل فيه الطوائف فروعاً إنسانية وثقافية تعلو على العنصرية والتصنيف. إنّ لبنان الذي نريد يقع على نقطةِ التقاء المجرى الديني بالإنساني بالحضاري وهو في مكانٍ تجتمعُ فيه فضائلُ الدين وفكرُ الإنسان وثقافةُ المجتمع. وتلتقي فيه قوةُ المقاومةِ وقوةُ الشعب وقوةُ الجيش لتجعلَه بلدَ العزةِ والشموخ. وفي فلسطين قلنا من فلسطين بدأ الصراع الحقيقي مع الاستكبار ومن هناك يجب أن ينتهي نصراً لهذه الأمة وزوالاً لكيان «إسرائيل». فلسطين لا يمكن إسقاطها لا بالتسويات ولا المؤامرات كما أنّه لا طريقَ لاستعادتها من البحر إلى النهر غير المقاومة».
ولفت إلى أنّ إيرانُ عملت «على تفجير الطاقة الحيوية في الأمة فكان حزب الله وكانت المقاومة وكانت كلّ هذه المجاميع الحرة التي تقف في مواجهة مفتوحة مع المستكبرين. إيران هي النموذج الإسلامي الحضاري وهي المستقبل الذي حان أوان بزوغه».
وقال: «ليس لأحدنا إلا أن يقف بإجلال أمام تضحيات المقاومين كلّ المقاومين هؤلاء الذين لم ينفصلوا يوماً عن أرضهم وقضيتهم ووطنهم بل كانوا بكلّ وجودهم يقاومون حتى النصر أو الشهادة لم يتلهوا بالصغائر ولم ينزلقوا إلى ترّهات السياسة وإنما توجهوا نحو المطلق واليقين والطهارة».
وختم العلامة النابلسي: «الكتاب أيها الأحبة يتضمن الكثير من الأفكار عن العراق الجريح وعن اليمن الغريب وعن سورية قلب الأمة وعرين المقاومة وتبقى كلمة أخيرة للحبيب الأستاذ ناصر قنديل الذي أُكبِر فيه الشجاعة الأدبية ومواقفه الصلبة وحماسه الدائم لوطن أفضل. أُكبِّر فيه أمله الدائم بأننا سندخل القدس إن شاء الله آمنين وبأنّ فلسطين بكلّ حقيقتها المقدسة ستعود إلى أهلها. أُكبِر فيه إيمانه العميق بأنّ المقاومة ستجعلُنا أقربُ إلى الأرض وأدنى إلى الله».
وفي الختام، وقّع العلامة النابلسي الكتاب للحضور.