تدمر التي لا تُقهر.. تحرير الملكة المتوَّجة

نظام مارديني

ستكتسب استعادة تدمر أهمية استراتيجية في محاربة الإرهاب، وهي كشفت عن المرحلة المقبلة من المواجهة مع هذا التنظيم الإرهابي في كل من العراق وسورية، بحيث سيتبع أسلوب «الأوكورديون» لإدخاله وحصره في عنق الزجاجة والقضاء عليه.

بعد استعادة تدمر سيوسّع الجيش السوري نطاق معاركه مع «داعش» والقوى الإرهابية الأخرى وسط سورية وفي المناطق الشرقية، وقد فتح معارك جديدة مع هذا التنظيم في ريف حمص الشرقي في بلدة القريتين الاستراتيجية وتمكّن من إحكام حصاره عليها، بالتزامن مع دفع الجيش حشداً كبيراً من قواته لمعاركه مع التنظيم في دير الزور، والتي حقق فيها تقدماً كبيراً، فالسيطرة على «القريتين» تساعد في عمليات تأمين خطوط الغاز التي تغذّي معمل جنوب المنطقة الوسطى، وبذلك استعادة تدمر فإن السيطرة على القريتين ستفتح باباً جديداً نحو الوصول إلى «السخنة».

إن ما تحقق من تحرير محافظات ومدن في فترة وجيزة يُعَد إنجازاً بكل المقاييس للجيش السوري على عكس ما حصل في دول أخرى مثل أفغانستان، ومن المؤكد أن ارتفاع الروح المعنوية للجيش السوري يفتح الطريق أمام الانطلاق إلى معارك كبرى لمحو «دولة الخلافة» التي أعلنها أبو بكر البغدادي، والتأسيس لبناء سورية الموحَّدة ولمصلحة كل أبنائها.

الرسائل التي أرسلها انتصار الجيش السوري في تدمر إلى العالم أجمع مفادها أن الشعب السوري على موعد مع انطلاق عمليات تحرير كبرى مقبلة وصولاً إلى الحدود التركية التي تمثّل مسرحاً مفتوحاً دموياً للإرهابيين والعتاد والتمويل اللازم لهم بهدف قطع التمويل والعتاد وإغلاق هذه الحدود.

يمكن القول مع استعادة تدمر، إن اللعبة انتهت بالنسبة لأدوات العدوان في سورية بعد أن قرّر حلفاء دمشق قلب الطاولة على الجميع في المنطقة، ولم يعد باستطاعة أحد تحدّي الحلف الذي وضع كل ثقله لضرب الإرهاب والدفاع عن سورية.

باختصار شديد، إن الضريبة التي تدفعها سورية اليوم في بعض مناطقها مؤلمة، وهي مسألة طبيعية في فترة العلاج، لأن الجيش السوري يعمل على فقء الدمامل الإرهابية، وعلى قوى الإرهاب ألا تتوهم الانتصار حين يسقط شهداء من خير أبناء هذه الأرض في المواجهات.

في لحظة ما أردوا قتل تاريخنا وقطع جذورنا، وإبادة أرواحنا التي ارتبطت في مرحلة حضارية مع تدمر «بلد المقاومين» في اللغة العمورية و«البلد الذي لا يُقهر» في اللغة الآرامية السورية القديمة.

والسؤال الذي يُطرح الآن: أين هو صوت «اليونسكو» كمدافع عن التراث الثقافي، الذي لم نسمعه أو يصلنا صوته رغم التدمير الهمجي والمروِّع لكل أوجه الحضارة في «سوراقيا»، بينما كان قوياً وعالياً إثر تدمير تمثال بوذا في هضبة باميان في أفغانستان؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى