أليس هذا هو «الهولوكست» أيّها الغرب المجرم؟!

راسم عبيدات ـ القدس المحتلة

لم يكتفِ الاحتلال بجريمة خطف وتعذيب وحرق الفتى المقدسي محمد أبو خضير، فهو تعوّد مثل هذه المجازر والجرائم. ولعلّ مجازر صبرا وشاتيلا شاهد على ذلك، ولن تمحى من ذاكرة شعبنا الفلسطيني هم يذرفون دوماً الدموع ويستعطفون الرأي العام العالمي ويجيدون ذرف دموع التماسيح، والعالم الغربي «معهّر» جميع القيم والمعايير والمبادئ والقوانين الدولية يوفر لهم مختلف أشكال الدعم والحماية في المؤسسات الدولية لمنع صدور أي قرارات او عقوبات دولية قد ُتتخذ في حقهم أو ُتفرض عليهم، مستغلاً ما يسمى بـ»الهولوكست» أو المحرقة، للتدليل على ما لحق بهم من ظلم واضطهاد وقتل على يد النازية، وبدلاً من أن يكون ذلك درساً وعبرة لهم لكي يحترموا القيم والمبادئ الإنسانية ويقفوا ضد الظلم والاضطهاد والقتل، نراهم يطوّرون «الهولوكست» ويزيدون عليه، كي يرتكبوا جرائم ومجازر في حق شعبنا تفوق «الهولوكوست» عشرات المرات، إذ يحرق لحم أطفالنا أحياء. والغريب واللافت هذا الغرب الاستعماري المجرم وفي مقدمه أميركا، الذي زرع الكيان المجرم وأمدّه بسائر مقومات الوجود والقوة في وطننا. والمسؤولون المباشرون عن جرائمه وما يلحق بشعبنا من قتل وتدمير يناصرونه ويدافعون عنه ويوفرون الغطاء باستمرار لجرائمه، كأن لحم أطفال الشجاعية وخان يونس المسفوك والملقى بالشوارع حرقاً بصواريخ طائرات الاحتلال لا يستحق الإدانة والتنديد، بل يناصرون الجلاد ضدّ الضحية قائلين إن ذلك حقه المشروع بالدفاع عن نفسه! هذه المجازر والمذابح ما كان لها أن تحصل لو كانت هناك ذرة نخوة لدى من نبحوا وزعقوا ونعقوا في طلب يد العون من الغرب المجرم لاستباحة بلدانهم واحتلالها، وانتهاك أعراضهم، فالاحتلال يجد في ذلك مبرراً لجرائمه ومجازره. ما يحدث لشعبنا في قطاع غزة أكبر من «هولوكست» يا شيوخ النفط والكاز، ويا دعاة «جهاد النكاح» و«الحور العين»، ويا من تغلقون الحدود والمعابر، ويا من تفاخرون علناً باستعدادكم لتمويل الحرب ضد شعبنا في القطاع.

ما يرتكب في القطاع في حق شعبنا جرائم حرب يا خصيان العرب. جرائم حرب أنتم شركاء فيها، فكل من يقف ضد المقاومة أيا يكن، هو شريك في الجريمة… كما أنه شريك في ما يرتكب في حق أبناء شعبنا العربي العراقي المسيحي من عمليات إبادة وتطهير عرقي وتهجير على يد عصابات «داعش» في الموصل وغيرها من المدن العراقية والسورية. هؤلاء القتلة والمجرمون والإرهابون، هناك من يوفر لهم الدفيئات والحواضن ويمدهم بالفتاوى والمال والسلاح، ليس لأجل أن يحرروا البلدان المغتصبة أو يقيموا دولة الحق والعدل دولة الخلافة بل هم ليسيئوا الى الدين الإسلامي والخلافة معاً. يمارسون القتل على الهوية والتطهير العرقي، ويدمرون النسيج المجتمعي.

القانون الدولي «يعهّر» و«إسرائيل» تضرب بعرض الحائط جميع الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، وما يسمى بمؤسسات حقوق الإنسان المتشدقة بقيم الحرية والديمقراطية والإنسانية، فمعاييرها الانتقائية لم تعد خافية على أحد، بمجرد رد المقاومة بصلية صواريخ على جرائم الإحتلال، تخرج علينا ثائرة هادرة محتجة على قصف المدنيين، في حين تسيل دماء غزيرة تسيل و تحرق أجساد الأطفال ولا تحرك «ضمير» تلك المؤسسات، ما يؤكد انحيازها إلى الطرف المعادي على حساب الضحية.

بعد مجزرة الشجاعية لم يعد هناك أي عذر للسلطة الفلسطينية في التلكؤ استكمال عضويتها في المؤسسات الدولية، وتحديداً إعلان روما ومحكمة الجنايات الدولية، فمن غير الجائز أن ترتكب الجرائم في حق شعبنا في القطاع ولا نشرع في تقديم طلبات العضوية الى محكمة الجنايات الدولية، قادة حكومة الإحتلال المسؤولين، عسكريين وسياسيين وأجهزة الاستخبارات لمحاكمتهم عن تلك الجرائم. إن عدم التقدم بذلك ضارّ وخطير ويرسم الكثير من علامات الاستفهام، ويساهم في تعميق الخلاف في ساحتنا الفلسطينية.

بل علينا أن نجند جميع سفارتنا وممثلياتنا وجالياتنا وأصدقائنا في الخارج، لفضح وتعرية الاحتلال من خلال تلك المجازر وتعميمها عبر جميع الوسائل من إعلام مرئي ومسموع ومقروء ومواقع تواصل اجتماعي ولقاءات رسمية وشعبية، فمعاركنا في المجال السياسي والإعلامي وكسب الرأي العام العالمي هي معارك مهمة جداً، ويجب أن يتجند لها أناس محترفون ومؤمنون بقضايا شعبهم.

يجب ان توحدنا غزة جميعاً، على اختلاف مشاربنا السياسية ومنابتنا الفكرية، ويجب أن نلتف جميعاً خلف المقاومة ومطالبها المحقة، ويجب أن تكون مصلحة شعبنا الفلسطيني فوق أي مصالح فئوية أو حزبية، فالقتل يستهدفنا كمجموع فلسطيني وليس كفصيل دون آخر، ويجب أن تتوقف أيّ اصوات تغرد خارج السرب طاعنة أو مشككة في المقاومة وجدواها.

تحميل المسؤولية عن تلك المجازر بالضرورة لا يكون للعدو وحده، بل لمن برروا له أفعاله ومجازره وفي مقدمهم أميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، فهم شركاء في الجرائم والمجازر، كذلك من وقف معهم من العرب العاربة والمستعربة وشجع على العدوان.

في كل مرة ترتكب «إسرائيل» مجزرة أو حتى تستخدم أسلحة محرمة دولياً، تقف أيها الغرب المجرم ضد إدانتها ومعاقبتها، كأن الدم الإنساني فئات وطبقات وأرخصه في عرفكم دمنا العربي والفلسطيني الذي لا يستحق معاقبة مُريقيه. لكن لا بأس، قد تجدون أعذاركم في ما نحن فيه من ذلّ وانهيار، وفي ما تقوم به عصابات القتل والإجرام من قتل وتدمير في أكثر من بلد عربي خدمة لأهدافكم ومصالحكم، إنما ستبقى لعنة الشعوب تطاردكم، ومهما طال الزمن لن نغفر لكم جرائمكم في حق شعوبنا. عانينا نحن الفلسطينيين ونعاني كثيراً من هذه الجرائم، حتى أنكم تنكرون علينا حقنا في العيش بحرية وكرامة ومن غير احتلال، فكم «هولوكست» سترتكب «إسرائيل» في حقنا حتى تصحو ضمائركم؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى