الفنان القوميّ بهيج فهد العنداري… الخطّ لديه شعر ونحت وموسيقى

لبيب ناصيف

كلّما نظرت الى اللوحة بخط يد الرفيق الفنان بهيج العنداري، حاملة كلمة سعاده، وهي تزين أي مكان وجدت فيه في مركز الحزب، أنقلها معي من مكتب الى آخر وتعود بي الذاكرة الى الستينات عندما تعرفت الى الرفيق بهيج، ثم مطلع السبعينات عندما توليت إدارة جريدة «البناء»، وكان الرفيق بهيج خطاط الجريدة، ثم أيضاً عندما اقترن من الرفيقة أمال الطرزي، شقيقة الأمين عبد المسيح والرفيق حنا والمواطن الغيور سعيد، فالتصقنا بالمودة أكثر وبات الرفيق بهيج العنداري، ابن العبادية، ابناً لحي المصيطبة ملتحماً قومياً اجتماعياً برفيقة من غير طائفته ومشكلاً معها، لمحيطه ولمحيطها، قدوة في الحياة الواحدة هيهات أن تحصل خارج الحزب السوري القومي الاجتماعي إلاّ لماماً. ومثل عشرات الألوف من أبناء لبنان، دفعت الحرب المجنونة الرفيق بهيج العنداري إلى مغادرة وطنه الى لندن، فهو، كخطاط معروف، تقصده الصحف والمجلات وراغبو تزيين منازلهم ومكاتبهم بلوحات تحمل آيات وكلمات، بمختلف أنواع الخط العربي.

وتلقفته جريدة «الحياة» ومؤسسات إعلامية أخرى، واستقر مرغماً في بلد ما كان يحلم يوماً أنه سيبقى فيه ويفنى.

لعلّ ما كتبه الرفيق الإعلامي غسان الشامي في العدد 26 تاريخ 10/6/2000 في «البناء» يعبّر عما نشعر به نحن رفقاء وأصدقاء الرفيق الرائع بهيج العنداري الذين، لو كتب كل منهم، لما توقفوا.

«بهيج العنداري، سحابة حروف جميلة». تحت هذا العنوان كتب الرفيق غسان الشامي: ما قدرت على رؤيته عندما جاء الى لبنان مؤخراً، ولم تلحّ علي زهرة حمود، لا لأنني غير مشتاق إلى التنادم معه، أو أنني لم أحنّ الى جلسة في مكان هادىء في شارع الحمراء، أو حتى أنني أخشى رؤية مريض. لا، لكن حدساً وتياراً جوّانياً كان يدفعني إلى الاحتفاظ ببهيج العنداري داخل برواز طيفي أحبـّه. هناك على مصطبته الخاصة التي تضجّ بالبسمة والعطاء، وفي فضاء جَلجلة ضحكات الفرح الطفولي ترنّ عقب كل دعابة أرسلها.

لقد كان بهيج يانعاً مثل عينيه اللتين سرحتا ذات جلسة على حافة «شوار الجريد» فوق بسكنتا. عينان حالمتان، صافيتان، لا أثر لأي موت فيهما.

لكنه لم يمهلني كي أتضاحك معه، ولم يشفَ ويعود رافعاً نخب بلاد جاءت إلى انتصارها، وعلى الأصح، خذلني ورحل، كما خذل كل المحبين، مع أنه لم يفعل ذلك طيلة حياته. خذلني ورحل، غادر مسرعاً ولم يلتفت الى أمنياتي وطلباتي المتلاحقة له بالشفاء، غاب دون أن يترك لنا وقتاً لنتحسـس اختياره السريع للمفترق… الموحش.

صعب أن تكتب عمن تحبهم، يا لهذه الطامة القاتلة، أو يا لهذا «الواجب» الذي يقتلني، لأن الكلمات مهما تعمشقت وتطاولت تبدو أقل من قاماتهم، وتصير اللغة مجرد قاموس بارد مرمي في زاوية المكتبة، وتنحسر المفردة كما الزبد أمام عصف الروح، وموج المشاعر الهفهافة، والأكثر دفئاً، وتُحب وقتها أن تتناولهم همساً، وتلتقطهم عطراً، حيث تمدُّ الروح أذرعها الهيولية لتلتف كحرير الصباح حول ابتساماتهم وأحزانهم وصراخهم وخطاياهم الصغيرة، وحيث تربت بجفونها على كلماتهم وحروفهم، وتسبح في بحرها الصغير والأليف، ولذلك تبدو المسافة المطلوبة كي تكتب عنهم قصيّة، نائية نأي الوشوشة عن الأذن، وخصل الشعر عن الجبين، فتحار في انتقاء الكلمات، وما عليك إلا أن تترك القلم يسيل.

العنداري بهيج رحل إذن، هرول الى هناك متأبطاً دواته وريشته، أصابعه ودبكة الحروف الجميلة، حاملاً معه معانداته للكمبيوتر، وخصامه مع الآلة الحديثة، وتحديها حتى اختراع خطوط جديدة تبقي الخط العربي فاتناً في عيون القراء، مشى العنداري تاركاً سحابة من حروف فاتنة.

ما من أحد مرّ في قطار «البناء» إلاّ ويعرف أن خطوط العنداري قد زينت صفحاتها، وأن بهيج كان واحداً من النبلاء الضاحكين، الكرماء… رغم كل الصعاب، وقد انتقلت ضحكاته الى لندن حيث لم يستطع الضباب طمس طيبته، ولا أن تصل البرودة الى حرارة مشاعره وحفاوته وانتمائه الى نهضته، كما لم يستطع الغرب المادي تخفيف حدّة كرمه…

في لندن، كما في بيروت، ما مرّ أحد من الرفقاء إلاّ وعرّج على «مضافة العنداري». وما احتاج رفيق الى مال أو توصية أو كتاب إلاّ وكان بهيج حاضراً… حتى المعاناة، التي قاسمته «أمال» كل خطواتها.

غادر بهيج ريشته واختار المفترق الموحش.. هناك في لندن حيث اجتمع الأصدقاء الطيبون الذين ما نسوا روحه وحفاوته وإبداعه.

رحل العنداري… ولم أره، لأنني كنت لا أصدق أنه سيمضي باكراً على سحابة حروفه، أو… ربما لأنني كنت غير جدير برؤيته.

رحل العنداري، وها إنني أعتذر منه، لأنني لم أره أولاً، ولأن كلماتي لا تطال أنامله المبدعة».

أجرت مجلة «صباح الخير البناء» مقابلة مع الرفيق بهيج العنداري نشرتها في عددها بتاريخ 17/10/1981 تحدث فيها عن جمالية التشكيل الفني للحرف والخط العربي. ننقل هنا أبرز ما ورد في المجلة لمزيد من الإضاءة على تميّز الرفيق بهيج، مثل والده الفنان فهد العنداري، في صناعة الخط العربي.

تطور الخط العربي بشكل ملحوظ وأصبح يشكل مادة فنية غنية بالتشكيل الجمالي. وأصبح بالتالي لكل فنان، خطاط، حرية الإبداع والتفنن في تطوير الخط العربي ضمن القواعد الأساسية والفنية لجمالية الحرف.

هذه الجمالية الفنية للحرف والخط العربي، حدثنا عنها الفنان والخطاط بهيج العنداري الذي عاش وترعرع مع تشكيل الحرف من خلال والده الفنان حامل لقب خطاط الجمهورية اللبنانية المرحوم فهد العنداري، الذي أعطى للحرف العربي أبعاداً جمالية تشكيلية، فهو الذي كتب على حبة السمسم أربعة أبيات من الشعر للإمام الشافعي، والذي أجاد كل أنواع الخطوط العربية السلس، النسخ، الأسلوب الفارسي أو ما يسمى بالمشق، الكوفي، الرقعي، الديواني والهمايوني والتي يجيدها كلها باتقان وبأسلوب رائع جميل. ومع أنه لم يترك لوحات أثرية لضيق الوقت ربما، لكنه ترك بعض الأثر في تشكيل الحرف العربي وتكوين جمالياته.

في هذا الجو الفني للخط العربي، نشأ الفنان والخطاط بهيج العنداري وحدثنا عن والده وعن رحلته مع الحرف قائلاً:

كان لوالدي بالإضافة لولعه بالخط العربي حبه للموسيقى والرسم، فقد درس الرسم على يد الفنان حبيب سرور سنة 1925، ثم اتجه الى تعلم الخط على يد الخطاط المشهور الشيخ نسيب مكارم. ومن أعماله أنه كان خبيراً في كتابة الخطوط في المحاكم اللبنانية.

بخط الرفيق بهيج القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره

في هذا الجو تتلمذت على يده وبدأت مزاولة هذا الفن تقريباً في أوائل الستينات، وخضت رحلتي في عالم الحرف والخط العربي الجميل في عدة صحف ومجلات، بدأتها مع جريدة الحزب السوري القومي الاجتماعي «البناء»، واكتسبت الكثير لقيمة الفن، من خلال مفهوم النهضة السورية القومية الاجتماعية ونظرتها الشمولية إلى الفن والكون والجمال.

ثم عملت في مجلة «الديار» الى جانب «البناء» خلال الحوادث اللبنانية، ثم سافرت الى لندن للبحث عن كيفية صناعة الخطوط العربية الجاهزة. فصممت مجموعة حروف، أحد الحروف استعمل في مجلة «المجلة» الذي يعطي الشكل الجمالي للصفحة مع المحافظة على جمالية الحرف العربي، في تغطية المساحة المطلوبة في «الماكيت» الجديد. هذا الحرف يبقى محافظاً على روحيته وجماليته، ويعتبر الأقرب الى الحروف العربية، المستعملة في الجرائد والمجلات، وهناك عدة حروف مصممة لم تستعمل بعد. وفي لندن اشتغلت في مجلة «الحوادث» وفي مجلة «المجلة».

بالنسبة إلى جمالية الحرف العربي قال الفنان العنداري: «إن جمالية الحرف العربي تكمن في أن له أسساً وخصائص، مثلاً: حرف «الألف» له ارتفاع يوازي حرف الـ «الجيم» وأحجام الأحرف قريبة من بعضها، ومن بعض الأحرف نستطيع تشكيل الأحرف الأبجدية كلها. فحرف الياء بالخط الفارسي هو نفسه حرف النون والعين والجيم وكأس السين والصاد. وبالنسبة إلى الذين كتبوا الحرف العربي، بعضهم ابتعد كثيراً عن قواعد وأسس جمالية الحرف العربي، وأعطوه أبعاداً بحسب مزاجيتهم، أضافوا الى اللوحات بعض الألوان، فاعتبروها لوحة فنية، فلم يعطوا الحرف العربي قيمته الفنية الجمالية، كقاعدة تدرس. بالإضافة الى أنهم أساؤوا إليه، فحوّلوا الحرف من عمل فني له أصول وقواعد الى عمل تجاري له متطلبات. بحسب الآلة الغربية يأتي القالب الغربي، ونركب عليه الحرف العربي متناسين 1400 سنة من تاريخ وتطور وجمالية هذا الحرف، الذي له رونق وتشكيل جمالي غير موجود في غيره من الحروف.

وقال ختاماً: هناك خطاطون أعطوا الحرف قيمته، بينهم محمود البرجاوي، البابا، محسن الفتوني، برهان كباره وآسف إذا غاب الآن عن فكري أحدهم… إنهم أعطوا وأبدعوا مع الخط العربي، فقيمة الحرف العربي تكمن في كتابته باليد ليأخذ شكله الجمالي الفني التاريخي.

نشكر الرفيقة أمال طرزي العنداري التي زوّدتنا بهذه النبذة التعريفية الجيدة عن الرفيق بهيج:

ولد بهيج عنداري في قرية العبادية قضاء بعبدا في 11 حزيران 1948.

درس فن الخط العربي على يد والده فهد العنداري. وفي أوائل السبعينات افتتح الشاب العشريني مكتبه الخاص في ساحة رياض الصلح في الوسط التجاري في بيروت.

كان بهيج يوقع كتاباته باسم «بهيج» وبعد وفاة والده اعتمد توقيع خطوطه باسم «عنداري».

انخرط في العمل الحزبي في سن باكرة، سائراً على خطى خاله الذي كان من الجيل الرائد في الحزب وأحد أركان الحرب في أميركا اللاتينية.

عام 1971 أصيب بطلقات نارية في رجله وركبته أقعدته بضعة أشهر عندما هاجم عناصر من حزب الكتائب اجتماعاً حزبياً في فرن الشباك كان مشاركاً فيه 1 .

حمل مسؤوليات حزبية لسنوات في لبنان وفي بريطانيا التي انتقل إليها عام 1978.

مع توافد الصحافة العربية الى العاصمة البريطانية كانت ريشته تزيّن كبريات الصحف بأسلوب مميز بخطوط النسخ والفارسي والديواني، فقد كانت العناوين الرئيسية وحتى الإعلانات التجارية تكتب بخط اليد وتصور وتطبع. وكان يمضي الساعات الطوال ليلبي حاجات المطبوعات وشركات الإعلان العربية والعالمية التي تتهافت على فنه وتقصده ليصمم لها العلامات التجارية والجداريات الإسلامية وجوازات السفر وأغلفة الكتب وبطاقات الأفراح والمعايدة.

من الصحف التي تعاون معها «الحياة» و«الشرق الأوسط» ومجلات «المجلة»، «سيدتي»، «الوسط»، و»فنون عربية» التي كان يدير تحريرها الشاعر العراقي بلند الحيدري.

في منتصف الثمانينات بدأت سطوة الكمبيوتر على سوق النشر العربية فطوّع بهيج خبرته في الخط العربي ليدخل مجال الكتابة الرقمية وكانت الباكورة الحروف التي صممها ببراعة لجريدة «الحياة» اللندنية والتي ما زالت تتميّز بأناقتها. ويميز حروف بهيج أنه كان يكتب خطوطه بقلم القصب ويرسمها بنفسه على الكمبيوتر فيخرج الحرف الإلكتروني أقرب ما يكون الى الخط المكتوب باليد.

من الصحف التي صمم خطوطها صحيفة «السياسة» الكويتية «القدس العربي» اللندنية وصحيفة «النهار» قبل التحول الى شكلها الحالي وغيرها. ولم يكتف بالخط العربي فصمّم أيضاً حروفاً آرامية لمجلة «آرام» الصادرة عن «مركز آرام لدراسة الحضارات السامية» في جامعة أكسفورد في بريطانيا.

لا تزال خطوط بهيج بعد رحيله تزيّن آلاف أغلفة الكتب والمجلات واللافتات التجارية.

توفى الرفيق بهيج في 2 حزيران عام 2000.

فهد العنداري

خطاط الجمهورية اللبنانية

لا يصح أن نكتب عن الرفيق بهيج العنداري، إلا ونذكر بكثير من التنويه والده فهد العنداري الذي كان منحه الرئيس حبيب باشا السعد عام 1934 لقب خطاط الجمهورية اللبنانية 2 .

في عددها رقم 575 أيار 1973 خصصت مجلة «البيدر» غلافها الخارجي وعدداً جيداً من صفحاتها للحديث عن الخطاط «نابغة الخط العربي» كما وصفته «البيدر»، نختار منها المقاطع الآتية:

مولده ونشأته ولمحة مجملة عنه:

ولد فهد قاسم العنداري في بلدة العبادية سنة 1903، ونشأ في بيت جفته المادة، ولكن هذا لم يحل بينه وبين طموحه وما خلقه الله له والموهبة كامنة فيه منذ نشأته تنتظر ساعة بروزها.

تعلم في مدرسة البلدة، وكان مجلّياً في دروسه، خاصة في الرياضيات والرسم والتصوير، فكان يلتقط الرسم بريشته بسرعة مذهلة في مرحلة الطفولة فتكتمل ملامحه بين أنامله بصورة واضحة.

توقف عن الدرس أثناء حرب 1914 1918 وتوجه الى جبل الدروز حيث مارس مهنة التدريس في بعض قراه، وعلم بعض التلاميذ الخط.

عاد الى لبنان ففتح مكتباً للخطوط في عاليه سنة 1927، وبعد فترة توجه الى العراق حيث أسس مكتباً في مدينة البصرة عمل فيه لمدة تزيد على سنة، ثم عاد الى لبنان حيث استقر نهائياً وأسس مكتبه في بيروت.

في الثلث الأول من تموز 1938 تزوج مهيبه محمد العنداري ورزقا: عفيف توفى ورفيق ونزيه وبهيج، ونجاة ولمياء وشوقي وخالد وهيفاء وبسام.

بتعبه وجهاده المتواصلين ربّى عائلته، وبلغ مركزاً اجتماعياً مرموقاً، ورمم بيته القديم في العبادية، وبنى منزلين كبيرين في ضهور العبادية حيث سكن أحدهما مع أسرته.

صفاته:

الى جانب موهبته الفائقة في الخط وهبه الله ذكاءً حاداً وبصراً دقيقاً وبصيرة مميزة وخفة روح نادرة ونكتة مبهجة وصفاء قلب ووفاء خالصاً ومحبة غامرة.

وفاؤه لأصدقائه مضرب للمثل، إذ لم يفقد واحدة من صداقاته طوال حياته، بل كان كل يوم يكسب واحدة جديدة، وشملت صداقاته الحميمة طبقات المجتمع كلها.

كانت البساطة من أبرز صفاته، فهو لم يعرف التصنع والتكلف ولم يدفعه المركز المرموق الذي بلغه الى الغرور والكبرياء والتعالي، بل بقي ذلك الإنسان المتواضع الطلق المحيا الذي لم يعرف وجهه العبوس ولم يجد الحقد مجالاً له في قلبه.

التواريخ الأبجدية واللوحات الفنية:

بخط فهد العنداري

التواريخ الأبجدية واللوحات الفنية التي خرجت من بين يدي فهد العنداري تعد بالألوف، فمنازل الملوك ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزارات والوزراء والنواب والقضاة وسواهم من مختلف الطبقات مزينة بهذه التواريخ واللوحات التي كانت أثمن هدايا المناسبات لكونها قيّمة وباقية. وكان يتفنن في رسم الإطار المحيط بها وفي خطوطها.

أربعة أبيات على حبة سمسم بخط فهد العنداري

الأوسمة:

الى منحه لقب «خطاط الجمهورية اللبنانية»، منح الفنان فهد العنداري هذين الوسامين:

وسام المعارف من الدرجة الثانية، وورد في المادة الاولى منه: خطاط حاذق قضى الشطر الأكبر من عمره وهو دائب على إتقان هذا الفن فاستحق التقدير.

حمل المرسوم رقم 73 والتاريخ 29 تموز 1952، التواقيع: رئيس الجمهورية بشارة الخوري، رئيس مجلس الوزراء سامي الصلح، وزير التربية الوطنية أنطوان اسطفان.

وسام الاستحقاق اللبناني الفضي:

المرسوم رقم 582 تاريخ 13/03/1954، التواقيع: رئبس الجمهورية كميل شمعون، رئيس مجلس الوزراء عبدالله اليافي، وزير الخارجية والمغتربين ألفرد نقاش.

وافت المنية الخطاط فهد العنداري عام 1973 فشهدت «العبادية» أحد اضخم مآتم التشييع، ننشرت «البيدر في عددها المشار اليه آنفاً نص الكلمة التي ألقاها كل من رئيس بلدية العبادية الدكتور يوسف سلامة، والأستاذ سليمان أبو نصار، وقصائد للشعراء، الرفيق قاسم نجد 3 الرفيق سليمان العنداري 4 وجميل أبوعز الدين 5 .

خير خلف للخطاط السلف:

في ختام الفصل الخاص برحيل خطاط الجمهورية اللبنانية فهد العنداري أوردت «البيدر» الآتي:

إن الخطاط فهد العنداري اذ يغيب يبقى مستمراً في ولده بهيج الخطاط البارع المبدع المتفنن الذي شهد له والده النابغة بالنبوغ وجودة الخط منذ سنوات طويلة، وهو، المولود سنة 1948، في الخامسة والعشرين من سني حياته، وفي مطلع ربيع الشباب، تسلم الأمانة من والده ويتابع رسالته الفنية بجدارة وأهلية، وقد صقل والده موهبته ودرّبه على أصول الخط وقواعده. وها هو يبعث الحياة في مكتب والده الذي لم تفارقه الحياة، ويلقي على عاتقه مسؤولية العمل والجهاد في المضمار الذي خاض والده غمراته مكللاً بغار النصر، وقد أضفى عليه كل جديد وحديث في مجالات الفن. وعزاؤنا الكبير أن بهيج فهد العنداري يملأ الآن مركز فهد العنداري، وأن خطوطه وروائعه التي كان يوقع عليها باسم بهيج يوقع عليها الان باسم عنداري وهو توقيع والده المشهور. وروح فهد العنداري ستقبل باقتناع ورضى تام بهذا التوقيع الذي انتقل من خير سلف الى خير خلف، فبهيج فهد العنداري الموهوب كأبيه سيحافظ بنبوغه على هذا الإمضاء الذي لطالما تذيلت به روائع الخطوط. وهكذا يصبح بهيج فهد العنداري خليفة فهد العنداري عن جدارة واستحقاق.

كتب رئيس تحرير «الحياة» جهاد الخازن عن الرفيق بهيج العنداري مرتين، أولى بتاريخ 23/06/2000، قائلاً:

«على نطاق شخصي فقد توفى الزميل بهيج عنداري بعد أن أصيب بمرض نادر جداً في الأعصاب يصيب واحداً في أكثر من مئة ألف. وكان بهيج عنداري خطاطاً، له طموحات صحافية وسياسية، إلا أن التكنولوجيا سبقته في السنوات الأخيرة، فلم تعد الصحف تستعمل خطاطاً مقيماً، وإنما أصبح الكمبيوتر يقوم بالمهمة، وكلفته رسم خط «الحياة» هذا، فأنجز العمل في فترة قياسية، وأصبحت صحف عربية كثيرة تستعمل الخط الذي أبدعه بهيج عنداري وحسّنه، حتى أصبح الخط الأكثر شيوعاً في الصحافة العربية.

عدت من سفر فقال لي أصدقاء مشتركون إن بهيج عنداري راح ضحية مرض لا يصيب إلا نادراً جداً أو ما يعادل ندرة بهيج كخطاط وإنسان، رحمه الله «.

ثم بتاريخ 12/03/2013:

« الحرف الذي استعملناه رسمه خطاط جريدتنا الراحل بهيج عنداري، والصحف العربية التي تبعت «الحياة» في الطباعة الإلكترونية استعملت خط بهيج، فكان هذا إرثه للصحافة العربية ».

هوامش:

1 شارك فيه عدد من الرفقاء، منهم الرفيق جوزف رزق من عيتنيت، ومقيم حالياً في كليفلند الذي أصيب في قدمه، ما أوجب نقله الى المستشفى لمدة غير قصيرة.

2 وجه رئيس الجمهورية اللبنانية حبيب باشا السعد، بتاريخ 23 أيار 1934 الرسالة الآتية:

« حضرة الخطاط البارع الأستاذ فهد العنداري المحترم

اطلعت على عريضتك ووقفت على خطك الجميل فرأيت أن أجيز تلقيبك «بخطاط الجمهورية اللبنانية» اعترافاً بحذقك وبراعتك وتشجيعاً لك في سبيل الإتقان والإجادة، وفقك الله ».

3 شاعر معروف. من مؤسّسي العمل الحزبي في «العبادية»، سنكتب عنه لاحقاً.

4 شاعر معروف أيضاً. سنكتب عنه وعن شقيقه الرفيق الشاعر أمين العنداري الذي كان مهاجراً في التيغري- فنزويلا، ومسؤولاً حزبياً فيها.

5 من العبادية أيضاً. وكان شاعراً شعبياً معروفاً.

رئيس لجنة تاريخ الحزب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى