غزة: استعصاء الـ1701 الفلسطيني لبنان: عيون على الحراك الجنبلاطي

كتب المحرر السياسي

لم يشفع العيد لأطفال غزة أمام حرب الإبادة الإجرامية التي تعصف براً وبحراً وجواً، فاليوم الثالث والعشرون، كان من أشدّ الأيام قسوة ووحشية على الفلسطينيين في بيوتهم وشوارعهم، ولم تنج المدارس ولا المستشفيات من العدوان المتواصل كحرب إبادة منهجية لضرب كلّ مناحي الحياة الفلسطينية، وذهاب حكومة نتنياهو إلى معادلة قوامها، طالما الشعب يحضن المقاومة وطالما الاستخبارات فشلت في كشف مخابئ المقاومين وأنفاقهم وصواريخهم، فقتل الناس وإبادة الشعب أقصر الطرق للنيل من المقاومة.

في موازاة حرب الإبادة، ثبات المقاومة وصمود الشعب، والمزيد من العمليات النوعية للمقاومين، سواء كتائب القسام أو سرايا الجهاد، مع الكمائن النوعية أو الصواريخ المسدّدة للعمق الإسرائيلي على رغم القبة الحديدية وراداراتها.

قيادة المقاومة تستعدّ لمرحلة جديدة بشّر بها قائد كتائب القسام محمد ضيف في شريطه المسجل وشكلت عمليات الأمس فاتحتها، والمتوقع وفقاً لمصادر قيادة المقاومة، أن تشهد الساعات المقبلة تصعيداً نوعياً نحو أهداف مؤلمة لكيان العدو، رداً على حرب الإبادة، سيتغيّر معها الكثير من شروط التفاوض.

الإطار التفاوضي لا يزال يراوح مكانه، على رغم مؤشرات التحضير لانتقال الوفود الفلسطينية والإسرائيلية إلى القاهرة، وعلى رغم بدء الحديث عن تعديل للمبادرة المصرية بما يحتوي شروط المقاومة لقبول وقف النار.

تمّ تشكيل وفد مفاوض تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية بثلاثية قوامها حركات فتح وحماس والجهاد، وهذه الخطوة الأولى ليس باتجاه القاهرة فقط، بل باتجاه مشروع وقف النار الذي بات ثابتاً أنّ الأفق الوحيد نحوه هو الاستناد إلى القرار 1701، الذي شكل نهاية حرب تموز على لبنان عام 2006، لمحاولة بناء نسخة فلسطينية منه.

استعصاء النسخة الفلسطينية من القرار 1701 يدور حول كيفية التوفيق بين أربعة محاور، فك فوري للحصار، ونص سياسي غامض عن غزة بلا صواريخ ولا أنفاق، وحصر المسؤولية الأمنية في القطاع بيد السلطة الفلسطينية ومؤسساتها، وربط فتح المعابر خصوصاً مع الجانب الإسرائيلي ومثلها لاحقاً المطار والمرفأ بتسلمها من السلطة الفلسطينية وشكل من الرقابة الدولية.

الاستعصاء ليس في العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية التي باتت ممهّدة لاحتواء مندرجات ما قد يتضمّنه القرار، الذي تسعى واشنطن لاستصداره عن مجلس الأمن بعد تبلور بنوده في مفاوضات القاهرة، بل في كيفية ضمان حكومة نتنياهو لتحمّل نتائج الفشل الذي لن تخفيه عبارات من نوع ضمان أمن المدنيين الفلسطينيين و«الإسرائيليين» من أيّ تهديد، ولا عبارات من نوع المسؤولية الحصرية للسلطة الفلسطينية عن كلّ ما يتصل بالسيادة في قطاع غزة.

حرب الموت المفتوح، تصير وحدها طريق نتنياهو وحكومته للبقاء خارج المساءلة، ما لم تجبره تطورات الأيام والساعات المقبلة على الرضوخ.

لبنان ككلّ شعوب ودول المنطقة، معاناة غزة وبشاعة جرائم العدو وبسالة المقاومة وصمود الشعب وراءها، عناوين حياة يومية، وتفرض توقيتها بالمزيد من التحصين الداخلي للتداعيات المتوقعة للحرب، كما لكلّ حروب المنطقة المتداخلة، لذلك تواكب عيون اللبنانيين الحراك الذي بدأه رئيس جبهة النضال النيابية وليد جنبلاط، بعد لقائه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.

حركة داخلية نشطة تبدأ اليوم

في الشأن الداخلي، ينتظر أن تعود حركة الاتصالات والمشاورات اعتباراً من اليوم بعد انتهاء عطلة الفطر، وإن كانت هذه العطلة خرقت بزيارتين لافتتين قام بهما النائب وليد جنبلاط إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الأحد الماضي، سعياً إلى فتح أبواب الحوار بين 8 و14 آذار حول بعض الاستحقاقات الداهمة بدءاً من الانتخابات النيابية التي أصبحت على الأبواب إلى ملف سلسلة الرتب والرواتب وانتهاء بالموضوع الرئاسي.

لقاء بري ـ جنبلاط

وأشارت مصادر قريبة من لقاء بري ـ جنبلاط إلى أنّ النقاش الأساسي تمحور حول الاستقرار الداخلي، خصوصاً أن لدى كل من بري وجنبلاط قلقاً وهواجس جدية إزاء الوضع الأمني في ضوء ما يحصل في المنطقة، كما تمحور الحديث حول كيفية إيجاد مخارج لملف السلسلة. وأوضحت أن الوزيرين علي حسن خليل ووائل أبو فاعور سيتحركان في الساعات المقبلة باتجاه كتلة المستقبل في سبيل الوصول إلى مخارج للعُقد التي أدت إلى تأخير إقرار السلسلة، ورجحت المصادر أن يصار إلى خفض أرقام السلسلة بحدود العشرة في المئة، لكن المشكلة الأساسية تبقى في مطالبة «المستقبل» برفع ضريبة القيمة المضافة.

تحريك ملف السلسلة

وبدورها، رجحت مصادر سياسية أن تنشط الاتصالات اعتباراً من اليوم حول ملف السلسلة وقالت: «إن التوافق الذي أعاد النشاط إلى عمل مجلس الوزراء وأنتج توافقاً على أزمة الأجور وملف الجامعة اللبنانية من شأنه أن يفتح الأفق نحو الحوار بين القوى السياسية». وأضافت: إن هذه الاتصالات يُرجح أن تنسحب على إعادة تحريك عمل مجلس النواب من أجل عقد جلسة تشريعية لبتّ ملف السلسلة، خصوصاً أن انعقاد جلسة للتمديد مرتبط بإقرار السلسلة، على اعتبار أن الرئيس بري كان ترك آخر جلسة تشريعية لإقرار السلسلة في حال انعقادها، وهذا يفرض على مجلس النواب البحث فيها قبل بتّ التمديد للمجلس.

التمديد على نار حامية

وفي الشأن السياسي، يقول مصدر وزاري: «إن الاتصالات بدأت فعلياً من أجل إخراج عملية التمديد لمجلس النواب»، وأوضحت أن «تيار المستقبل بات يميل إلى التمديد بل يعمل له لأنه يدرك الصعوبات التي تواجهه لخوض معركة انتخابية تمكّنه من إبقاء كتلته الحالية أو حتى كتلة نيابية أقل من العدد الحالي، خصوصاً أن لا مؤشرات لحصوله على دعم مالي من السعودية لتمويل العملية الانتخابية.

وتشير المصادر إلى أن «الاتصالات تتركز حول مسألتين تتعلق بالتمديد، الأول إعداد الأسباب الموجبة لذلك، والثاني مدة التمديد، حيث أن البحث يتمحور حول التمديد لسنة ونصف السنة على الأرجح، وإن كان هناك مَن يقترح التمديد لسنتين إفساحاً في المجال أمام إعداد ظروف مواتية، بدءاً من إجراء الانتخابات الرئاسية وتضيف إنه بعد جلسة الانتخابات الرئاسية التي كان حددها الرئيس بري في 12 الشهر المقبل سيصبح موضوع التمديد أولوية أمام الانتخابات الرئاسية.

تباينات داخل 14 آذار حول الملف الرئاسي

وفي موازاة ذلك، تقول مصادر في 14 آذار إن تباينات كبيرة برزت في الفترة الأخيرة بين أطراف 14 آذار خصوصاً بين المستقبل ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع من جهة وبين هذين الطرفين وحزب الكتائب من جهة أخرى.

وتشير المصادر إلى أن «المستقبل» يعتقد أن هناك مصلحة بالسعي إلى التوافق على مرشح من خارج الأقطاب الموارنة الأربعة، لأن هناك صعوبة بحصول توافق حول أحدهم، ولذلك يرى أن على جعجع أن يكون مستعداً للتخلي عن ترشيحه عندما تكون هناك ظروف ومعطيات تسمح بالحوار الجدي حول أحد الأسماء التوافقية من خارج الأقطاب الأربعة.

وتضيف أن خلاف الكتائب مع المستقبل والقوات مردّه إلى أن رئيس حزب الكتائب أمين الجميل يعتقد أن الأوان بات ناضجاً للذهاب نحو ما يسمى «الخطة ب» من جانب 14 آذار في ما يتعلق بالتعاطي مع الاستحقاق الرئاسي» ويرى أن هذه الخطة تنطلق من تبني الفريق الذي ينتمي إليه لترشحه لرئاسة الجمهورية في مقابل اعتراف سمير جعجع بأنه أصبح خارج السباق للرئاسة، وأنه يفسح المجال أمام رئيس «الكتائب» لمحاولة التوافق حوله. وتوضح المصادر أن الجميل يرى أن هناك فرصة لحصول توافق حوله من بعض القوى الوسطية، وحتى من جانب بعض قوى 8 آذار، بينما يرى حلفاؤه في 14 آذار أن هذا الترشيح لن يقدم شيئاً في حلّ أزمة الرئاسة، خصوصاً أن العماد عون أو النائب جنبلاط أو مكونات 8 آذار لن يسيروا بترشحه كمرشح توافقي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى