وأهلكنا المسرفين
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
يتحدّث بعض أركان آل سعود عن قرب انتهاء العدوان على اليمن. العدوان الذي أسموه عاصفة الحزم ولم يكن في الحقيقة إلا استعادة لجاهلية دموية تطحن الإنسان والعمران والمؤسسات.
لقد ظنّ آل سعود أن الحرب مجرد حقلٍ لاستعمال أحدث أسلحتهم التي استوردوها من الغرب، والانتصار فيها هي بمقدار ما ترتفع نسبة القتل والدمار، ولكن مع الوقت خرج لهم من يقول: إنّ الحرب ليست في امتلاك القوة، والانتصار فيها لا يكون بمجرد التوقف عن إطلاق النار. ذلك أنّ منطق البدايات في الحروب لا يوافق على نحو دائم مآل النهايات. فمن يقف على سوء أحوال السعوديين الذين يتكبّدون الخسائر الكبيرة يعرف أنّ عاصفة الحزم هذه ليست سوى هزائم متتالية. لكن المكابرة هي السبب الرئيس في تأخر وقف الحرب، وما توسل المحاورات مع حركة أنصار الله إلا الدليل على أنّ عبثية الحرب وصلت إلى خواتيمها، وأنّ المطلوب هو إخراج إعلامي وسياسي كنوع من التغطية على مآزق الرؤوس الحامية في عائلة آل سعود التي سبّبت للشعب اليمني المظلوم كل هذه الآلام والمآسي وحتى لا يكون لنتائج العدوان تداعيات كيانية أو خفوت في مستوى نفوذهم في العالم العربي.
لقد أباح آل سعود لأنفسهم منذ عام وحتى اليوم استعمال كل وسيلة لتحطيم وتخريب اليمن، وقاموا بإنشاء تحالفات بفعل خُيلاء لا حدّ لها، لكن، هل استطاعوا تغيير الواقع في اليمن لصالحهم، أم غيّروه لصالح اليمنيين الذين أصبحوا أكثر وعياً والتحاماً وتماسكاً وإصراراً على دحر العدوان؟
لقد أثبت الشعب اليمني الأبي لآل سعود أن المرحلة التي كانوا فيها أسياداً قد ولّت واضمحلت وأن المرحلة المقبلة هي للمستضعَفين والمظلومين الذين دعوا الله لينصرهم، كما دعا نوح ربه أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ فانتصر الله لتضحياتهم وصبرهم وجهادهم.
بالتأكيد، التراجع السعودي لن يكون أمراً عادياً، فمثلما تسبب العدوان الصهيوني على لبنان في تموز عام 2006 بانكسارات وارتدادات سياسية هائلة داخل الكيان الصهيوني، فسيكون للعدوان السعودي الارتدادات نفسها، وربما أخطر منها بكثير.
فالله سبحانه وتعالى يَعِدُ المؤمنين الصابرين بالنصر ويتوعّد الظالمين والمسرفين، كما تعكسه الآية الشريفة ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ .