الأسد… ومعركة «داعش» الأخيرة
د. خيام الزعبي
رغم شدة المعارك التى تخوضها سورية هذه الأيام ضدّ داعش وعناصره الإرهابية وضغوط الفترة التى قد يستغرقها الحسم العسكري في هذه المواجهات المفتوحة لإعتبارات عديدة، منها دعم الدول الغربية ومساندتها لداعش ومواقفها المناوئة للإرهاب، رغم ذلك فإنّ الرئيس الأسد بدا واثقاً بأنّ بلاده قادرة على كسب هذه المعركة وتحقيق الانتصار على عناصر الإرهاب والتطرف التى قال إنها من توافدت على سورية من مختلف بلدان العالم، مؤكداً على أنّ أكبر خطر تتعرّض له سورية هو تنظيم «القاعدة»، خصوصاً بعد أن اتجه هذا التنظيم الى تغيير استراتيجيته وتصعيد عملياته عن طريق الاغتيالات والتفجيرات المفخخة.
فعلى وقع أصداء نجاح الجيش السوري بدعم جوي روسي فى تحرير مدينة تدمر من قبضة تنظيم داعش، فقد أعلن الرئيس الاسد أنّ الخطوة المقبلة هى تحرير دير الزور والرقة معقلي التنظيم الرئيسيّين فى سورية، وسط أحاديث عن تنسيق عسكرى «روسي- أميريكي» لدعم العمليات، فالذي حدث في تدمر، يمثل تحوّلاً استراتيجياً كبيراً في المنطقة، ولعلي لا أبالغ، إذ أقول إنّ تحرير هذه المدينة، سيتحوّل إلى لحظة نؤرّخ بها التحوّلات في المنطقة، فالإرهاب الذي زحف من مختلف المناطق السورية، هذا التمدّد «الداعشي»، ستكون مدينة الرقة نقطة النهاية بالنسبة له، لأسباب عدة منها، صور القتلى من الدواعش وهي مكدّسة على العربات أو في المستشفيات، وصور المعتقلين منهم، بالإضافة الى فرار قادتهم الى المناطق الأخرى، في إطار ذلك يمكن استخلاص أمرين في غاية الأهمية من العملية، أولهما، أنّ المناطق التي كان من الصعب على الجيش السوري الدخول فيها والمواجهة المباشرة والاكتفاء بضربات الطيران، أصبحت لديه القدرة على الدخول والمواجهة ما يعني سيطرته القوية على التنظيم وضعف «داعش»، والأمر الثاني هو تغيّر استراتيجية الجيش واعتماده على الكمائن المتحرّكة خاصة التي يتمّ وضعها في المناطق التي تمّ تحريرها والسيطرة عليها، ما يعني نقاط قوة جديدة في مواجهة التنظيمات الإرهابية والقوى المتطرفة في مختلف المناطق السورية.
في ذات السياق يمكن القول إنّ داعش ستنتهي بمعركة قريبة في مدينة الرقة، خاصة بعد أن حسم الجيش السوري معركة مدينة تدمر والمناطق المجاورة ذات الأهمية الاستراتيجية، ليس لرمزيتها التاريخية فقط، وانما لكونها مركز البادية السورية، أهمّ معاقل داعش، فالجيش السوري يتقدّم شرقاً إلى دير الزور، لقطع إمدادات داعش في الرقة، والقضاء على أهمّ تجمّعاته، والتي تتيح للجيش السوري السيطرة على مجمل مساحة البادية التى تشكل ثلث الأراضي السورية، ومن ثم الالتفاف تجاه إدلب الواقعة بين حلب والحدود التركية، ليعلن الانتصار الكامل على الإرهاب وإنهاء مخطط إنشاء دولة داعش في المنطقة، بعد ان فقد مساحات واسعة من الأرض كان يسيطر عليها، وهذه الأماكن تحتوي على موارد نفطية هائلة، إضافة الى الموارد الأخرى، بعد ان تمّ قطع الإمدادات بين العراق وسورية وبين سورية وتركيا وتشديد الحصار عليه من قبل الجيش السوري، فهو يعاني الآن من حصار خانق وقلة موارد وقطع طرق الإمدادات العسكرية والنفطية.
إنّ معارك داعش الأخيرة وإصراره على فتح جبهات كثيرة وواسعة في وقت واحد، دليل واضح على أنّ داعش يخسر معاركه كما خسر موارده، وأنّ بقاءه في المدن هو مسألة وقت لا أكثر، وبالتالي أرى انّ معركة الرقة هي بيضة القبان التي ستقرّر مصير داعش في سورية والمنطقة بأكملها، لأنها معركة مصيرية للإقليم، وهي الاستراتيجية التي أعلنها مؤخراً الرئيس الأسد، لذلك فإنّ اقتحام الرقة من عدة محاور بعد تطويق المدينة لأشهر مضت، يعدّ إنجازاً كبيراً للجيش السوري وحلفائه، لذلك فإنّ الذي يدور على الارض يجعلني متاكداً أنّ حسم المعركة لم يعد إلا مسألة وقت ليس أكثر…
وأختم بالقول إنّ مشروع الإرهاب سيسقط لا محالة فيما ستبقى أوطاننا صامدة رغم التآمر على سورية، وستبقى سورية صخرة تنكسر فيها وعليها كلّ أحلام الغزاة….
Khaym1979 yahoo.com