معركة حلب

ناصر قنديل

– كانت المعارك التي خاضها الجيش السوري وحلفاؤه في أرياف حلب الشرقية والغربية والجنوبية وتلاقت مع المعارك التي تشبهها في السياق والنتائج في ريف اللاذقية، تقول مجتمعة إنّ خط النصر محسوم، وفقاً للخط البياني لسير العمليات، والوجهة الواحدة لضفة المنتصر فيها، والزمن اللازم للفوز بها المتضائل من جولة إلى جولة ومن معركة إلى معركة ما يؤكد انهيار الحال المعنوية للجماعات المسلحة التي تقودها «جبهة النصرة» في كلّ تلك الجبهات وتشكل تركيا خلفيتها المعلنة والواضحة.

– كانت وجهة تلك المعارك تطرح بقوة استحقاق معركة حلب، ولذلك كانت استعادة خناصر في معركة مكلفة مع جماعات «داعش»، ومثلها معارك الريف الشرقي لحلب التي كان القتال فيها ضدّ «داعش» يحقق الانتصارات حتى صارت طريق حلب الرقة الرئيسية وطريق حلب الباب الحيويتان بالنسبة لـ»داعش» في قبضة الجيش السوري والحلفاء، وكان كلّ شيء يقول إنّ معركة تحرير أحياء حلب الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة تقترب، فحلب يجب أن تكون الحلقة التالية، وبعد فك الحصار عن نبّل والزهراء من جهة، والإمساك بجبهة مارع وصولاً إلى أبواب أعزاز صار خط الإمداد من تركيا مقطوعاً عن الجماعات المسلحة، وكان واضحاً للمحللين العسكريين أنّ معركة إدلب ستكون أقلّ كلفة إذا استبقتها عملية استكمال حرية حلب، لأنه بعد إغلاق الحدود مع تركيا وحسم حلب وتنظيف أرياف اللاذقية، بالتوازي مع إمساك الجيش بطريق حلب حماة الدولي في نقاط متعدّدة، وتقدّمه في أرياف حمص وحماة، ستصبح معركة إدلب بما هي معركة القضاء على «جبهة النصرة» أقلّ كلفة.

– جاءت الهدنة التي رسم إطارها التفاهم الأميركي الروسي وصدرت بقرار عن مجلس الأمن، لتمنح الجيش السوري فرصة حشد قواته وتجميعها، لخوص معركة تدمر، وقد حقق فيها إنجازاً تاريخياً يشكل نصف الحرب على «داعش»، وما كان ممكناً خوضها دون الهدنة، لكن الهدنة منحت «جبهة النصرة» فرصة اللعب بقناع جماعة الرياض، وضمّ مناطق سيطرتها في أرياف حلب لأحكام الهدنة، باعتبارها مناطق ترفع يافطة ما يسمّى بـ«الجيش الحر»، ما جعل استحقاق معركة حلب مؤجلاً، واستحقاق تدمر يتقدّم عليه، وكان الإنجاز الكبير المفاجئ والانهيار السريع غير المتوقع لـ»داعش» في تدمر بالنسبة لجماعة «النصرة» التي قرأت فيه، في ظلّ معادلة أرياف حلب والهدنة، إيذاناً باقتراب معركة إدلب التي لا يمكن الاختباء فيها وراء جماعة الرياض والتي تشكل معقل «النصرة» الأخير، ما استدعى نزع القناع في أرياف حلب وخرق الهدنة، على قاعدة وضع الجماعات التابعة للرياض أمام مصيرها بعدما استعملتها ما يكفي، وصارت حماية «النصرة» في إدلب أهمّ من التزام الهدنة.

– ما فعله تذاكي «النصرة» وجماعة الرياض في أرياف حلب أنه منح الجيش السوري وحلفاءه فرص اقتناص تدمر والقريتين، والعودة إلى استحقاق حلب، وبعد حلب إدلب تنتظر الحرية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى