كتاب «الدليل إلى بونويل» يروي مراحل من حياة أحد ألمع مخرجي القرن العشرين
دمشق ـ كوثر دحدل
يضيء كتاب «دليلك إلى لويس بونويل» الصادر لدى المؤسسة العامة السورية للسينما على مراحل من حياة أحد مخرجي القرن العشرين الذي يعتبر النصف الأول منه أكثر فترات الأزمنة الحديثة إثارة للاهتمام من وجهات النظر التاريخية والثقافية والفنية. والكتاب من تأليف غوين إدواردز، أستاذة اللغة الاسبانية في جامعة ويلز أبيريستويث، وترجمة أكرم الحمصي، يتناول مسيرة بونويل كمخرج عظيم ذي مسيرة طويلة في هذا الفن بدأها بفيلم «كلب أندلسي» عام 1929 واختتمها بفيلم «غرض الرغبة الغامض هذا» عام 1977.
قسمت الكاتبة مراحل حياة بونويل المهنية ثلاثة أقسام، مع التشديد على أن هذه الاقسام لم تكن متشابهة، إذ تتميز أعمال المخرج بأن اهتماماته الشخصية والاجتماعية والدينية تعاود الظهور من عمل الى آخر. وتشير إلى أن الحقبة الأولى هي بين 1929 و1934 وأنجز فيها ثلاثة أفلام لا يمكن للمرء أن يخطىء طابعها السوريالي «كلب أندلسي» و»العصر الذهبي» و»ولاس هورديس» أما الحقبة الثانية فتمتد بين عامي 1946 و1960، وهي الفترة التي أمضى معظمها في المكسيك وحقق خلالها أفلاماً يغلب عليها طابع تجاري وبموازنات منخفضة وزمن إنجاز قصير.
الحقبة الثالثة التي وزع وقته فيها بين المكسيك وفرنسا وإسبانيا شهدت إنجاز الافلام التي عرف بها والتي نعمت بإيرادات مالية وحرية فنية أكبر من تلك التي توافرت له في المكسيك «حسناء النهار» و»سحر البورجوازية الخفي» و»غرض الرغبة الغامض هذا».
تصف الكاتبة أعمال بونويل الأولى بأنها كانت الأكثر انتقاداً إذ كانت في عمر الشباب وصدى للقلق الذي يكمن في قلب الحركة السوريالية. وعبر تحليلها لأفلامه ترى أنها تندرج في سياق هواجسه الشخصية، ويعبر فيها خلافاً للعديد من أقرانه من السينمائيين عن قدر مدهش من الكبت الجنسي الذي يعانيه السورياليون. وإذ تقارن أسلوبه وأفلامه بأفلام اليوم تقول: «إنها بسيطة ومباشرة نسبياً ففي كثير من الأحيان كان بونويل مقيداً بموازنات محددة ومهل تصوير محدودة، كما من الحقبة الثانية أو فترة الأفلام المكسيكية».
وعن أسلوبه في التصوير تقول الكاتبة إن لا خدع في أفلام بونويل بل يعتمد الأسلوب المتواضع، وهي الميزة التي سمحت بتطور السرد القصصي للفيلم من لقطة إلى أخرى من دون تشتت، ما يدل على أن السينمائي يملك زمام مادته، وتحمل أفلام بونويل شيئاً من البساطة وتوحي أننا حيال معلم حقيقي.
ولد لويس بونويل 1900/1983 في قرية كالاندا الإسبانية ونشأ في ظل تعليم يسوعي صارم وخلفية عائلية بورجوازية، فانتفض على كليهما. وفي باريس احتضنته مجموعة أندريه بروتون السوريالية فكانت أفلامه الأولى أكثر هجومية وترويعاً إذ يعتبر مشهد تقطيع العين في كلب أندلسي من أشهر المشاهد في تاريخ السينما، وأفلامه في المكسيك مثل «المنسيون» 1950 و»هو» 1952 تبقى للذكرى، وفي فرنسا وإسبانيا عرف من خلال «فيريديانا» 1961 و»حسناء النهار» 1966 و»تريستانا» 1970 .
أما الترجمة فتتميّز بلغة سلسة، بسيطة، مفهومة وذات بتعابير واضحة للقارئ تجعله قريباً من الموضوع ولا غرابة فيها، رغم أن الكتاب يتحدث عن مجتمع آخر وطريقة مختلفة في فهم الأمور.