فساد عائلة أردوغان والمافيا المالية
غسان نعمة
يشارك الرئيس التركي رجب أردوغان وأفراد عائلته في كبريات الشركات التركية التي يشرف على عملها أشخاص موكلون وموثوق بهم من قبل العائلة، وتعدّ شركة «تشاليك غروب» أضخم مؤسسة تجلب الربح لأردوغان. فبين عامي 2004 و2013 ربحت هذه الشركة كلّ العقود الحكومية المتعلقة بالبناء والاتصلات وتشييد البنى التحتية للدولة وقطاع الطاقة، ويمتلك هذه الشركة بيرات آلبيراك صهر أردوغان والذي يشغل، في الوقت عينه، منصب وزير الطاقة. وقد نُقلت ملكية هذه الشركة من مؤسسها أحمد تشاليك إلى صهر الرئيس التركي. عام 2007 أصبحت شركة «تشاليك» مالكة لأغلبية أسهم شركة الاتصالات الألبانية ألباتيليكوم وفي عام 2012، ومن دون أي مناقصات، اشتركت «تشاليك» في خصخصة شركة «كوسوفو» للكهرباء وعقد بناء محطة كهربائية حرارية في جورجيا غارباني ، وثلاث محطات في تركمنستان أخال، ليبال، ماري وفي 2011 وقعت «تشاليك» مع حكومة العراق عقداً لبناء محطة حرارية في الموصل والتي تصادف موعد إدخالها في الخدمة مع احتلال «داعش» للموصل، ورغم احتلال التنظيم الإرهابي للمدينة لم يتوقف عمل هذه المحطة بل استمرت في التوريد لـ 400 مستورد في تركيا وكردستان العراق وكان «داعش» يدفع ثمن الكهرباء نفطاً مسروقاً.
تمتلك «تشاليك غروب» أيضاً جريدة «الصباح» وقناة «أ تي في» التلفزيونية ووسائل إعلام أخرى تبلغ قيمتها 1.25 مليار دولار منها 375 مليون حصلت عليها كقرض من مصرف حكومي «بنك خلق» المتورط في قضايا فساد متعلقة بعائلة أردوغان. ومن المعروف أيضاً أنّ لـ»تشاليك غروب» علاقات ممتازة مع السلطات التركمنستانية منذ أيام رئيسها الأول نيازوف الذي بنى معه مؤسس المجموعة علاقات مبنية على الفائدة المتبادلة تدرّ على الطرفين أموالاً هائلة، ومثال على ذلك مشروع بناء معمل نسيج بعقد يفوق قيمته الحقيقية بثلاثة أضعاف حيث حُوِّلت حصة رئيس تركمنستان إلى حسابه الخاص، وبفضل الدعم المالي لحزب العدالة والتنمية الحاكم تمكنت «تشاليك» من تقوية وجودها في السوق التركية والأجنبية وكسب المناقصات المربحة وتمكنت من رفع رأسمالها من مليار دولار عام 2004 إلى 4.4 مليار عام 2007 حتى وصل اليوم إلى 7.5 مليارات.
ويعدّ صهر أردوغان من مروجي نظرية أنّ الاقتصاد العالمي في طريقه إلى الانهيار وهذا يفسح المجال أمام تركيا لتأسيس موديل خاص بها والذي سيساعدها، بدوره، في السيطرة على أسواق المنطقة كلها، ويعتمد حزب العدالة والتنمية هذه النظرية في برنامجه الاقتصادي وقد بدأ تطبيقها منذ فترة طويلة. وتأتي «باور ترانس» في المرتبة الثانية من حيث أهميتها بالنسبة إلى عائلة أردوغان، ففي عام 2011 وقعت هذه الشركة والتي يملكها أيضاً صهر أردوغان مع قيادة كردستان العراق عقداً لشراء وبيع النفط المستخرج بشكل يعارض رأي الحكومة المركزية. شكلياً تعود ملكية «باور ترانس» إلى شركتين مسجلتين في سنغافورة وقد ظهرتا قبل شهرين فقط من تأسيس «باور ترانس» ولم تمارسا أي شكل من أشكال التجارة إلا بيع النفط الكردي وقد بلغ ربح هاتين الشركتين في ثلاث سنوات 700 مليون دولار.
عام 2015 تمّ تفجير خط نقل نفط كركوك ـ جيهان والذي كان يتم نقل نفط كردستان العراق إلى تركيا عن طريقه، وبعد ذلك أصبح النقل يتم بسيارت الشحن التي تملكها عائلة أردوغان وفي الوقت الحالي كذلك يتم نقل النفط المسروق في هذه الشاحنات، خاصة الشاحنات التابعة لشركة «أبكس إمبورت أند إكسبرت ل ت د كو المسجلة في محافظة أوسكودار التي تعتبر مركز استثمارت بلال أردوغان وصهره آلبيراك، وتساهم هذه الشركة بشكل رئيسي في تبييض الأموال، خصوصاً أموال مسعود البرزاني. أما بلال أردوغان فهو يمتلك شركة نقل بحرية بي أم زيد وهي تعتبر شريكاً رسمياً لـ «باور ترانس» وهما تقومان سوية بنقل النفط المسروق من سورية والعراق وبيعه للخارج.
وفي لبنان، استطاع بلال استئجار قسم من مرفأ بيروت على الرغم من الرفض القوي لهذا الأمر من قبل حزب الله وإيران، وتعتبر تقوية الموقع الاقتصادي لتركيا في لبنان مهمّة استراتيجية بهدف تقوية الجناح السني هناك في وجه حزب الله والنفوذ الإيراني في لبنان وسورية.
مع وصول أردوغان إلى السلطة، أصبحت مجموعة «تشينغيز هولدينغ» لصاحبها مخميت تشينغيز وهو من أغنى رجال الأعمال في تركيا تربح كلّ المناقصات الضخمة لبناء المجمّعات السكنية، ففي عام 2011 وصل دخلها إلى 2.9 مليار وعام 2013 أصبحت تعتبر واحدة من أضخم شركات البناء في العالم وشغلت المركز 127 بحجم عقود يقدر بـ 7 مليارات دولار، وفي الوقت الحالي تقوم هذه الشركة ببناء 80 مشروعاً، لاثنين منها أهمية استراتيجية في تركيا وهما مطار في اسطنبول بكلفة 22 مليار دولار ومشروع تجهيز وبناء مبردات مياه بحرية تابعة للمحطة الكهرونووية «أكوي» التي من المقرّر أن تقوم ببنائها شركة «روس آتوم» الروسية، وبسبب العلاقات الحميمة بين تشينغيز وأردوغان تمّ إيقاف الدعوة القضائية ضدّ الشركة المتهمة بأعمال اختلاس.