لهذه الأسباب يسعون إلى تغييب صوت المنار…

هشام الهبيشان

تزامناً مع قرار شركة «نايل سات» بوقف بث قناة «المنار» الفضائية على أقمارها الصناعية، لا أعرف بالتحديد ما هو سقف الغباء والعقلية الهمجية والعنجهية الجاهلية في مثل هذه التصرفات، وما هو المبرّر المقنع لبعض القوى العربية، عندما تقوم بمثل هذه التصرفات والسلوكيات الرعناء، ولا أعرف إنْ كان هذا الموضوع بالتحديد وتغييب صوت «المنار» سوف يشكل إنجازاً لقوى هذا المحور المرتبطة بالمشروع الصهيو – أميركي.

اليوم لا يمكن إنكار أنّ هناك حرباً إعلامية كبرى تنتهجها بعض الدول والأنظمة العربية، كعقيدة حربية إعلامية، بحربها على قوى ودول محور المقاومة، واتضح للجميع اخيراً انّ هذه الحرب بدأت تأخذ أنماطاً وصوراً مختلفة بطريقة عملها ومفاعيلها ونتائجها، فاليوم تحاول هذه القوى الإقليمية تغييب دور الإعلام العربي المقاوم بشكل شبه كامل، لطمس الحقائق وإضعاف المعنويات، وما عملية الحجب الأخيرة لقناة «المنار» من قمر «نايل سات» وقبله «عربسات»، إلا دليل على إفلاس هذه القوى المرتبطة بالمحور والمشروع الصهيو- أميركي والمنخرطة بالحرب على القوى المقاومة لهذا المشروع بشكل علني.

في الفترة الماضية، كنا نتحدّث عن مجموعة كبيرة من المعارك الإعلامية التي تستهدف قوى المقاومة، والتي قادتها بعض وسائل الإعلام التابعة لقوى إقليمية تابعة ومتحالفة مع المشروع الصهيو ـ أميركي، اما اليوم فقد أصبحنا نتحدّث عن تدخل علني وبشكل ممنهج من قبل هذه القوى بمسار الحرب الإعلامية، فاليوم لا يمكن أبداً وضع ما جرى أخيراً من تعدّ على حرية الإعلام المقاوم إلا في خانة العمالة للمشروع الصهيو- أميركي، فعندما تنتهج هذه القوى والأنظمة نهجاً علنياً وعدائياً وبشكل مباشر على الإعلام العربي المقاوم، فهي تؤكد بما لا يقطع الشك أنها جزء من المشروع الصهيو- أميركي، الذي يستهدف ويضرب المنطقة وبقوة بهذه المرحلة.

بالنسبة لنا نعلم جيداً انّ الحرب على «المنار» بدأت بالتحديد وبشكل ممنهج منذ عام 2006، وبالتحديد بعد هزيمة الكيان الصهيوني وحلفائه في معركة تموز، وإعلان انتصار حزب الله على هذه الغزوة الهمجية التي حملت مجموعة من الأهداف والأجندات الصهيو ـ أميركية التي تستهدف المنطقة، وأسقط بعضها حزب الله بانتصار عام 2006، وقد كان لـ»المنار» دور بارز في هذا الإنجاز عبر تغطيتها الواسعة لتفاصيل الهزيمة الصهيونية، وبعد ذلك استمرّ هذا التصعيد ضدّ «المنار» ومنذ ذلك الحين إلى اليوم، نعيش مع تصعيد ممنهج ضدّ «المنار» من قبل هذه القوى المتحالفة مع المشروع الصهيو ـ أميركي، فالقناة تعاقب اليوم، لأنها وقفت مع سورية، ولأنها تصدت منذ البداية للحرب الإعلامية التي تشنّ ضدّ سورية من قبل هذه القوى منذ أكثر من خمسة أعوام، ولأنها وقفت مع اليمن ومع فلسطين ومع ومع إلخ…، وفضحت حقيقة المشاريع الصهيو – أميركية التي تستهدف المنطقة.

اليوم تحاول بعض هذه القوى بعد تعثر أهداف وأجندات حربها ومجموع معاركها ضدّ قوى المقاومة في المنطقة، إسكات وتغييب صوت هذه القوى المقاومة، كجزء من منهجية الحرب متعدّدة الوجوه والفصول والأنماط التي تشنّ على قوى المقاومة في هذه المرحلة، وهذه المعادلة أصبحت واضحة لجميع المتابعين، فالحرب التي تشنّ اليوم وبشكل مباشر على «المنار» لتغييب صوتها، هي تأكيد صريح لطبيعة ومنهجية الحرب الشرسة التي تشنّ اليوم على قوى المقاومة في المنطقة العربية.

اليوم على جميع هذه القوى والأنظمة التي عملت أخيراً على محاولة تغييب صوت «المنار»، ان تعترف انّ صوت هذه القناة قد هزمها وأسقط عنها ورقة التوت الأخيرة، ونعلم جميعاً انه بعد افتضاح الوجه التآمري الحقيقي لوسائل إعلام هذه القوى المرتبطة بالمشروع الصهيو – أميركي التي موّلت من قبل هذه القوى ولديها موازنات سنوية تعادل موازنات دول بحالها، وتحوّل الكثيرين من المهتمين بالإعلام العربي سواء كانوا مشاهدين ام متابعين لمسار ومهنية هذه الوسائل الإعلامية إلى متابعة قنوات المقاومة العربية، التي شكلت وعلى رغم محدودية مواردها نقلة نوعية في مسار الإعلام العربي المهني إلى حدّ كبير، وهذا ما يزعج اليوم هذه القوى التي صرفت وأنفقت المليارات من الدولارات على إعلامها الذي انكشف وجهه الحقيقي، وبات الجميع يعرف أنه إعلام ناطق باسم المشروع الصهيو – أميركي، وهو بعيد كلّ البعد من طموحات وتطلعات الشعوب العربية، بعكس قنوات ووسائل إعلام المقاومة التي هي في نظر الكثيرين تجسّد مفهوماً حقيقياً لتطلعات وطموحات الشعوب العربية الساعية للتحرّر وهزيمة المشروع الصهيو – أميركي وأدواته، والذي يستهدف الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، ولا يستثني احداً بالمطلق.

ختاماً،على القائمين اليوم على مشروع تغييب وإسكات صوت «المنار»، ان يصحّحوا مسار إعلامهم المفلس، والذي يعكس حقيقة إفلاس مشروع مموّليه المرتبطين بالمشروع الصهيو -أميركي، فهم كلما حاولوا ضرب الإعلام العربي المقاوم ستزيد شعبية هذا الإعلام المقاوم في الشارع العربي، ما سينعكس بشكل مباشر على زيادة حجم القاعدة والجماهير العربية المنخرطة فكراً وسلوكاً بالمشروع المقاوم للمشروع الصهيو – أميركي الذي يستهدف المنطقة كلّ المنطقة اليوم، وبالنسبة لقناة «المنار» فهي ستبقى منارة صامدة رغم المحاولات الظلامية لإخماد صورتها وصوتها.

كاتب وناشط سياسي ـ الاردن

hesham.habeshan yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى