«الأحزاب»: الصين مستعدّة للتعاون مع لبنان في كل المجالات وإيران لتسليح الجيش بلا شروط لمواجهة الإرهاب
عقد لقاء الأحزاب والقوى والشخصيّات الوطنيّة اللبنانيّة اجتماعه الدوري في مركزيّة التيار الوطني الحر، تخلّله مؤتمر صحافي عرض نتائج الزيارة التي قام بها وفد من هيئة تنسيق اللقاء إلى الصين.
وقبل تلاوة البيان، تطرّق منسّق اللقاء الدكتور بسام الهاشم إلى موضوعي إيقاف بثّ قناة المنار عبر قمر»نايل سات» والاعتداء الأذربيجاني على كراباخ. فعبّر باسم اللقاء عن «إدانته لهما، ودعوته السلطات المصرية إلى ردع «نايل سات» عن الاستمرار في اعتدائها على «المنار» الذي لا شرعيّة قانونية له من جهة، ومن جهةٍ أخرى السّلطات الأذربيجانية إلى وقف الاعتداء على كاراباخ ودعوتها والسلطات الأرمينية إلى تغليب منطق الحوار لحل النّزاع بين الطرفين».
بيان
ثمّ تلا الهاشم بياناً، أشار فيه إلى أنّه، «بدعوة من الجمعية الصينية لدعم التفاهم الدولي، قام وفد قوامه خمسة عشر عضواً من هيئة تنسيق لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية بزيارة رسمية لجمهورية الصين الشعبية. وقد استمرت الزيارة من 22 آذار الماضي إلى 2 نيسان الجاري، وجالَ في أثنائها الوفد تباعاً على مناطق ثلاث، هي: في شرق البلاد، مدينة شنغهاي التي هي في آنٍ واحد عاصمة الصين الاقتصادية والمالية، وفي الغرب مقاطعة سيتشوان وعاصمتها مدينة تشنغدو، وفي الشّمال الشرقي العاصمة بكين. وقد التقى الوفد خلال تجواله بمسؤولين حزبيّين وحكوميّين، سياسيّين واقتصاديين، رفيعي المستوى سواء في الدوائر المناطقية الثلاث أم في الدائرة المركزية الجامعة. وزار إلى ذلك أبرز المواقع والمعالم الاقتصادية والحضارية والتاريخية القائمة في الميدان، بالإضافة إلى مسجد للمسلمين ذي إشعاع معروف في مدينة تشنغدو، وإلى قرى نموذجيّة واقعة في ريف هذه المدينة. وكان ختام الزيارة أخيراً بلقاءات مهمّة جمعت الوفد بمسؤولين كبار في الحزب الشيوعي الحاكم للبلاد».
وأورد الهاشم نتائج الزيارة، فقال: «اطّلع الوفد بصورة مفصّلة على تجربة الحزب الشيوعي في مضمار البناء التنظيمي لذاته في مرحلة ما بعد مؤتمره الوطني الثامن عشر، الذي انعقد سنة 2012، فاتّضح له قيامها على قاعدة فكرية أساسها ما يسمّيه أصحاب الشأن «النظرية الاشتراكية الماركسية، مطوَّرةً ومُعاداً تكييفها بما يتلاءم مع الخصوصيّات الصينيّة». وقد لاحظ، في هذه التجربة، تركيزها على أمرين أساسيين:
– التمسّك الصّارم باستيفاء الأشخاص شروط الالتزام والنشاط والكفاءة، سواء للموافقة على انتسابهم إلى الحزب كأعضاء أم في اختيارهم لتسلّم المسؤوليات على المستويات الحزبية والحكومية كافّة.
ـ التشدّد في مكافحة الفساد على نحو يشمل جميع المواقع من أسفل القاعدة إلى أعلى المراتب في الحزب كما في أجهزة الحكم، والسّعي الدائم إلى تطوير أساليب المكافحة هذه، لما لذلك من علاقة جدليّة بين الحزب الشيوعي والجماهير المنشود التفافها حوله من جهة، وبين عملية البناء الاشتراكي القائمة على التوزيع العادل حسب الجهد والعمل من جهةٍ أخرى».
أضاف: «كان لافتاً للنظر مدى التقدّم الحاصل في جميع المناطق التي شملتها الجولة وفي المجالات كافة، بنتيجة عمليّة الإصلاح والانفتاح الجارية منذ ثمانينات القرن الماضي، والسّاعية أبداً إلى ردم الهوّة أينما برز قيامها ما بين مختلف مقاطعات البلاد، كما بين الأرياف والمدن في داخل كل مقاطعة، توخّياً للارتقاء بمستوى معيشة الشعب بجميع فئاته. ويُذكَر هنا أنّ هذا كلّه يحصل وسط حرص ثابت ومترجم بتدابير وإجراءات ذات صلة في إطار المؤسسات الحزبية والحكومية على احترام حريات القوميات الـ56 والجماعات الدينيّة الخمس الطاوية والبوذية والإسلامية والمسيحية بشقّيها الكاثوليكي والبروتستانتي الدّاخلة في تكوين الشعب الصيني، وضمان حقوقها، فضلاً عن إشراكها جميعاً مشاركة فاعلة ومتوازنة بمعزل عن التفاوت العددي ما بينها في تحقيق النهضة الشاملة هذه».
وتابع: «لمسنا، إلى ذلك، من المسؤولين الذين التقيناهم اعتبارهم أنّ الإنجازات التي تحقّقت حتى الآن ما زالت غير كافية على رغم أهميّتها، وأنّ تحقيق الحياة الرّغيدة فعلاً لجميع الصينيّين ما زال يستدعي الكثير من البذل والجهد».
وقال: «على عكس الانطباع السائد في الخارج، لا تعني عملية الإصلاح والانفتاح، التي أسهمت في تطوير الصين على النحو العظيم والمشهود له، أنّ الحزب الشيوعي الحاكم تخلّى عن الاشتراكية، بل تعني بالعكس، ثباتاً في السّعي إلى تعزيز النظام الاشتراكي بالإفادة من الاستثمارات الخارجية على قاعدة ضمان بقاء غالبية الملكيّة في البلاد ملكيّة عامة».
وأشار إلى أنّ «الوفد لمسَ عند المسؤولين الصينيين اهتماماً استثنائياً بتطوير علاقات بلادهم مع لبنان وتعزيزها في المجالات كافة، مع إشارتهم إلى رغبة عندهم في الاستفادة خصوصاً من خبرات اللبنانيين وقدراتهم في مجالات المال والأعمال والخدمات والمصارف. وكان إلى ذلك لافتاً تشديدهم على توخّي دخول لبنان على خط العلاقة بين الصين والشرق الأوسط بتزخيم هادف لدوره التقليدي المشهود به كهمزة وصل بين هذه المنطقة من العالم والعالم الأوسع، فضلاً عن استعادة لموقع كان له قديماً، منذ أيام الفينيقيين، كمحطّة هامة على «طريق الحرير» الذي تسعى الصين إلى إحيائه، بحلّة متكيّفة مع التحوّلات الاقتصادية المستجدّة، طريقاً للازدهار والتنمية العائدين بفوائدهما على جميع البلدان التي يمر بها الطريق إيّاه. وقد خطا التعبير عن هذا الاهتمام الصيني بلبنان وبتطوير التعاون الاقتصادي معه، خطوة عملية متقدّمة بمسارعة نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مقاطعة سيتشوان السيدة كان زيلان، في اليوم التالي لاجتماعها بالوفد، إلى البعث برسالة إلى رئيس الوفد منسّق لقاء الأحزاب تُعيد فيه تأكيد جهوزيّة حكومة المقاطعة للاستثمار في لبنان بوساطة الشركات الصينية، ولا سيّما تلك المملوكة من الدولة، في مجالات بناء الّسدود والتنقيب عن مخزونات الغاز الطبيعي واستخراجها وتسويقها، وتطوير الأنواع البديلة من الطاقة وسواها من المشاريع ذات الصلة بالبنيات التحتيّة».
ولفتَ الهاشم إلى أنّ زيلان «شدّدت تكراراً، خلال اجتماعها مع الوفد، على تمنّي حكومتها مبادرة الحكومة اللبنانية إلى إنشاء قنصليّة في مدينة تشنغدو تكون هي الحاضنة الشرعية من طرف الدولة اللبنانية للمبادلات المرتقبة، وبالتوازي مع ذلك إنشاء خط نقل جوّي مباشر للركاب والبضائع بين تشنغدو وبيروت، وعقد اتفاقيات ثنائية بين الجهتين لإطلاق حركة سياحية غير مسبوقة حتى الآن وتطويرها ما بينهما».
وقال: «أكّد المسؤولون الصينيّون على اختلاف مواقعهم دعم دولتهم للبنان في مواقفه العادلة الرّامية إلى إعادة بسط سيادته على جميع أراضيه المحتلة، وشجبها للاعتداءات «الإسرائيلية» عليه، كما أعربوا عن تأييد الصين لمقاومته الهادفة إلى ردع المعتدين، مع تثمينها لوقوف لبنان المتواصل حتى الآن إلى جانبها في المحافل الدولية إزاء القضايا التي تعنيها، كقضية التمسّك بعدم انفصال التيبت وتايوان عنها، وتشديدها على توخّي مواصلة هذا التعاون المتميّز بين البلدين».
أضاف: «أعرب المسؤولون الصينيون أيضاً عن استعداد بلادهم للتعاون مع لبنان والدول العربية على مكافحة التطرّف الديني، ولا سيّما بعدما تبيّن قدوم المئات من المسلمين الصينيين إلى سورية ومشاركتهم في القتال إلى جانب تنظيم «داعش» الإرهابي ضدّ الدولة السورية كما كان هناك تشديد من قِبَلهم على ضرورة أن يشمل التعاون الجوانب الثقافيّة والدينيّة وتحقيق التنمية، بما في ذلك تقديم صورة صحيحة عن الدين لمنع تغلغل الأفكار المتطرّفة».
وأشار إلى أنّ الصينيين «أعادوا أيضاً وأيضاً تأكيد دعم الصين لسورية في محاربتها للإرهاب، وكذلك دعمها القضية الفلسطينية، مع تأكيدهم تمسّكها بالمبدأ المعتمد من قبلها في مجال العلاقات الدولية، وهو يقضي بأن تكون علاقات الدول ما بينها مبنيّة على الاحترام المتبادل وحفظ السيادة، فضلاً عن عدم التدخّل في الشؤون الداخلية».
وختم: «لمسنا استعداداً كبيراً لدى الأصدقاء الصينيّين لتعزيز العلاقات مع لبنان وتوطيدها في المجالات كافة، أمّا الحكومة اللبنانية فيبقى عليها ألّا تفوِّت على البلاد انتهاز الفرصة المُتاحة من هنا، وهي على جانب كبير من الأهمية بالنظر إلى ما تمتلكه الصين من خبرات في مجالات الطاقة والكهرباء وبناء السدود وما إليها جميعاً، وإلى ما يمكن أن تحفّزه من سيّاحها الذين يُعدّون بالملايين سنوياً للسياحة في لبنان، مع العلم بأنّ الصين، كما يفترض، لا تشكِّل حساسية لأيّ طرف من الأطراف في لبنان تحول دون قبول التعاون معها والاستفادة من خبراتها لمعالجة البعض المزمن من أزماتنا الخدماتية والاقتصادية».
أحزاب البقاع
بدورها، عقدت الأحزاب الوطنية والقومية في البقاع اجتماعها الدوري في مقرّ الحزب الديمقراطي اللبناني في راشيّا، وجرى تداول المستجدّات على الصّعيدين المحلّي والإقليمي.
ورأى المجتمعون في بيان، أنّ «اهتراء الدولة ومؤسساتها خلال موجة الفضائح المتناسلة التي تجتاحها، يطرح مجدّداً إشكاليّة النظام السياسي الأب الشرعي للتحاصص والفساد، والذي باتَ إصلاحه مطلباً جامعاً، والمدخل الحقيقي لذلك قانون انتخاب يقوم على النسبيّة ولبنان دائرة واحدة».
ودعوا إلى «معاقبة المرتكبين والمتورّطين في ملفّات الفساد ورفع الغطاء عنهم وإنزال أشدّ العقوبات بهم، من خلال تحرير القضاء من الضغوط والمؤثّرات السياسية».
وأكّدوا «ضرورة تعزيز قدرات الجيش اللبناني لمواجهة الإرهاب، وإخراج مسألة تسليح المؤسسة العسكرية من دائرة التجاذب السياسي وعدم تركه في العراء هدفاً لاعتداءات الإرهابيين والبحث عن مصادر تسليح غير مشروط، خصوصاً أنّ هذا الشرط توفّر بالجمهورية الإسلامية الإيرانية».
ودعا المجتمعون «لأن تكون الانتخابات البلديّة فرصة لإيصال أصحاب الكفاءات خدمة للتنمية، لا ساحة تجاذب سياسي وحزبي».
ولفتوا «إلى ضرورة قيام اتّصالات مباشرة بين الحكومتين اللبنانية والسورية لحل أزمة النازحين السوريين، في ظل مؤشّرات عن التوطين بدتْ من خلال مؤتمر لندن وزيارة بان كي مون الغامضة إلى لبنان».
ودانوا «قرار حجب قنوات لبنانيّة عن قمر نايل سات» واعتبروه «اعتداءً على الإعلام اللبناني المقاوم يتكامل مع وصم المقاومة بالإرهاب، خدمةً للمشروع الصهيوني في المنطقة».
ووجّهوا «التحية إلى الجيش العربي السوري وقوى المقاومة بتحرير تدمر من العصابات الإرهابية، كنقطة تحوّل على طريق تحرير واستعادة كامل التراب السوري ودحر مؤامرة تقسيم سورية».
ورفضوا «مَذْهَبَةَ الأمة»، مؤكّدين «ضرورة العودة إلى العروبة الجامعة وفي قلبها قضيّة فلسطين كعنوان أوحد لأي إجماع عربي عبر دعم انتفاضة شعبها ونضاله المستمر».
واعتبر المجتمعون أنّ «كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن ضرب المنشآت النووية في الكيان الصهيوني بمثابة امتلاك سلاح قوة الرّدع، ما يعني توازناً استراتيجياً مع العدو وتجريده من آخر عناصر قوته، وهذا ما عجز العرب عن تحقيقه على مدى سنوات الصراع، وانتصار نوعيّ لخيار المقاومة على منطق الخضوع والتسويات الاستسلامية».
وأدانوا «خرق أذربيجان الهدنة مع أرمينيا، كاستكمال للدور التركي في تأجيج النزاعات في محاولة للضغط على الدور الروسي في القوقاز، والذي كان له الدور المركزي في الحدّ من طموحات الأتراك في سورية والمنطقة».