مَن يَعرف…؟

بلال شرارة

ليس خالد بحاح الذي انقلب عليه عبد ربه منصور هادي آخر الضحايا السياسية للمسألة اليمنية، فبينما ترى مصادر انّ بحاح ذهب ضحية الصراع السعودي الإماراتي على الإمساك بورقة اليمن، ترى مصادر أخرى متابعة للشأن اليمني انّ قرار عبد ربه منصور هادي إقصاء بحاح هو في واقع الأمر توقيع قرار إقصائه بنفسه، حيث سبق لمشاريع الحلول ان طرحت بحاح كشخصية تسوية لإدارة مرحلة انتقالية في اليمن، حيث إنّ من خلفوه اليوم في الموقع ليسوا شخصيات مدنية، بل هم شخصيات استفزازية للخصوم.

كيف ستسير الأمور وكيف ستتجه؟ ترى مراجع متابعة انّ كلّ ما يجري يعطي إشارات تتصل بصورة حركة المكوّنات اليمنية والدول المعنية بمستقبل اليمن، وما استنتجته المصادر يلمح للمستقبل من خلال:

1 ـ تصريح ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حول السياسة الخارجية السعودية الجديدة.

2 ـ الدبلوماسية الكويتية المتصلة بالشأن اليمني.

3 ـ المحادثات السعودية ـ الحوثية.

هذا على الجانب اليمني، أما على الجانب السوري والعراقي فإنه من الواضح على الصعيد العملاني تقلّص مساحة دويلة «داعش» وانحسار نفوذها، وإنه ـ «داعش» ـ تحوّل الى أهداف للرماية الجوية والبرية الحية دون أن يعني ما تقدّم نهاية الأزمات أو طيّ الملفات، رغم الاتجاه الواضح الى انّ المستقبل سيشهد بناء تفاهمات او تعليقاً للحروب وليس للأحداث، حيث ستبقى القوى الدولية والإقليمية المسيطرة تحرّك أشباحها كل ما لزم الأمر لتظهر مدى هشاشة استقرار كلّ نظام في المنطقة.

الشرق سيشهد أنصاف حلول، نصف حبلى ! وستنتقل محاولة زعزعة النظام العام الى المغرب العربي انطلاقاً من ليبيا نحو جوارها، وما تشهده مسقط هذه الأيام ليس إلا جمع للجان تحت عنوان صياغة دستور جديد لليبيا.

المشادة السياسية حول تشريع الحكومة الليبية سوف لا تنتهي. ذلك أنّ وظيفة الحكومة هي تشريع التدخل العسكري، وبالتالي تشريع حماية نظامها. وفي المقابل فإنّ عملية مثالثة ليبيا ستستمرّ لأسباب ليبية عشائرية واجتماعية وستعود ليبيا لتتوزّع على ثلاث يربط بينها او يفصل بينها قاعدة ويلس مخفر بريطاني – أطلسي .

نحن، والحالة هذه، لسنا ذاهبين الى السلام الأهلي في أيّ مكان عربي، ربما لسنا ذاهبين الى الحرب، ولكننا بالتأكيد ذاهبون لنخضع للسيطرة على مواردنا البشرية والطبيعية، اولاً لأنّ الحروب أرهقتنا واستنزفت مواردنا، ثانياً لأننا وقعنا ضحايا التوترات الطائفية والمذهبية والعرقية والعشائرية والجهوية ودائماً السياسية، ثالثاً لأنّ القوى الدولية والإقليمية تخوض حروبها على أساس السيطرة على منابع الغاز والنفط وطرق نقل السلعتين، وليس من أجل ردّنا عن بعضنا البعض.

أنا اعتقد أنه على نقيض التفكير الجاري بإعادة إنتاج المنطقة بما يلائم او لا يلائم الجوار الإقليمي وبعض القوى الكبرى، فإنّ الناس هنا لن تسلّم أمرها كما يُتوقع منها، بل إنها وعلى حين فجأة ستتمكّن من إفشال المشروعات المرسومة.

كيف؟ لا أدري! ولكن ما أعرفه هو أنه لا يمكن لأحد إخضاعنا للتوقعات. ألم تُفشل المنطقة الغزوات الصليبية كلّها؟ ألم تتهاوَ الامبراطوريات على أرضها منذ فجر التاريخ؟ مَن يعرف كيف سيكون الأمر غداً؟ مَن يعرف إذا كان سيكون لنا غدٌ؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى