2017 لن يكون عام عيد لـ«إسرائيل»!
كتب آري شبيط في صحيفة «هاآرتس» العبرية:
السنة المقبلة يفترض أن تكون سنة عيد. في نهاية آب 2017 ستكون قد مرت 120 سنة على انشاء اللوبي الصهيوني الأول. وفي بداية كانون الاول 2017 ستكون قد مرت على وعد بلفور 100 سنة. وفي نهاية كانون الثاني 2017 ستكون قد مرت 70 سنة على قرار الامم المتحدة إقامة دولة يهودية في أرض «إسرائيل».
لكن بالنسبة إلى الصهيونية لن تكون السنة المقبلة سنة عيد. بل على العكس. إن حقيقة مرور خمسين سنة على الاحتلال في بداية حزيران 2017 ستلقي بظل ثقيل على يوبيل هرتزل وعلى يوبيل بلفور. الفلسطينيون سيقولون نصف قرن، المجتمع الدولي سيقول نصف قرن، ونحن لن يكون لنا خيار إلا النظر في الرزنامة وفي المرآة والاعتراف بأنه قد مر نصف قرن.
تدبّرنا وسارت أمورنا في نصف القرن الماضي من يوم إلى يوم ومن اسبوع إلى اسبوع ومن شهر إلى شهر. ولكن في نهاية خمسين سنة، سيكون من الواضح ما كان خيارنا: لقد غلّبنا «أرض إسرائيل» على «دولة إسرائيل»، ولم نستمع إلى نبوءات الغضب ليشعياهو ليفوفيتش، ولم نسمع التحذيرات الصريحة لأوري افنيري وعاموس عوز ولوبا الياف، ومن دون تفكير سمحنا لـ«الجمهورية الإسرائيلية» الفتية والمتواضعة صاحبة العضلات أن تتحول إلى امبراطورية مع لحم سميك. ومن دون تفكير حوّلنا الوضع من غالبية يهودية واضحة إلى غالبية يهودية آخذة في التناقص. وبأيدينا قمنا بإضعاف الانجاز الذي هو شبه توراتي والذي حققناه في سنة 1948. الادمان على البلاد تسبب في إضعاف سيادتنا.
في نصف القرن الماضي انتقلنا مرة اخرى من الحرب إلى السلام، ومن السلام إلى الحرب. ولكن مع مرور خمسين سنة سيكون من الواضح ما كان اختيارنا: تفضيل «أرض إسرائيل» على «شعب إسرائيل». غالبية اليهود في العالم ما زالوا يعيشون في الشتات. وغالبيتهم الساحقة تلتزم بالقيم الديمقراطية والليبرالية. وقسم كبير من اليهود في «إسرائيل» ما زالوا ملتزمين بتلك القيم. ومعنى ذلك أن ثلثي اليهود ليسوا مستعدّين للتسليم باستمرار السيطرة على شعب آخر وسلب حقوقه القومية والمدنية والانسانية.
الغالبية اليهودية الصامتة والتي تضبط نفسها، لا تقوم بالصراخ أو بقلب الطاولة. فـ«إسرائيل» غالية على قلبها وهي لا تريد ادارة الظهر لها. ولكن رويداً رويداً، وبهدوء، الغالبية الديمقراطية في أوساط الشعب اليهودي آخذة في التآكل والتعب. والتصميم على البلاد يعمل على انقسام الشعب ويضعفه ويبعده.
لقد عشنا حالات صعود وهبوط خلال نصف القرن الاخير على المستوى الاخلاقي أيضاً. فقد كانت عقود زاد فيها ادراكنا لحقوق الانسان وحقوق من يعيش عندنا رغم الاحتلال. لكن بهيمية السنوات الاخيرة تثبت إلى مدى أفسدتنا السيطرة على الآخرين. ومع مرور خمسين سنة سيكون واضحاً ما كان اختيارنا: تفضيل «أرض إسرائيل» على «قيم إسرائيل». الالتصاق بالمواقع التي مرّ فيها الأنبياء أدى إلى ضياع ملامستنا أحلام الأنبياء. الاصولية للجبال والتلال ومواقع «أرض إسرائيل» جعلتنا نترك «إرث إسرائيل». تقديس الارض وتقديس القبيلة أدّيا إلى تآكل الالتزام الانساني العالمي الذي كان حجر الزاوية في ثقافتنا. لقد أعمت البلاد أعيننا وشلّت حواسنا وجعلتنا نخون أنفسنا.
إن نصف قرن علامة فارقة. وهو أيضاً بدء للصحوة. ليس هناك المزيد من المبرّرات، ولا يوجد «غداً صباحاً». ثبات الاحتلال وديمومته سيصبحان جزءاً لا يتجزّأ من حياتنا وهويتنا. وهذا هو الخطر الذي يهدّد «دولة إسرائيل وشعب إسرائيل وإرث إسرائيل». وقبل خروج الفلسطينيين في انتفاضة الـ 50 وقبل أن يفرض المجتمع الدولي المقاطعة الـ 50 علينا، يجب علينا ايجاد الجرأة وانهاء اللعنة التي نزلت علينا.