صباحات
في ذكرى حرب تموز، صباح النصر والفجر للمقاومة وسيّدها، وفي قلب حرب غزّة والنداءات الصادقة والملغومة، يبقى لفلسطين طريق واحد يعرف هو موعدها، طريق لا تمرّ من أنقرة ولا من قطر
طريق تمرّ من الشام لمن يريد تحديد مصادر الخطر
طريق يعرفها المقاومون الذين يعرفون طريق العواصم التائهة
ويعرفون أنّ الدرب التي يمشونها تريد قلوباً غير آبهة
فللمقاومة وسيّدها ألف صباح
وألف صباح للسلاح
صباح الخير للسيّد الآتي من الشام إلى مكة إلى القدس الطريق
صباح الخير
صباح الخير لعيتا، بيوتها وادعة، حواكير رائعة، مدّات النظر نحو الجليل شاسعة، تظلّلها مقاومة رادعة، في فيء شمسك الساطعة، ننتظرها أن تطلّ، وها هي تشرق علينا ابتسامتك وتكبيراتنا، كلماتك وانتظاراتنا، عيناك أحلا خياراتنا، وقد حجزنا مقاعدنا بين يديك من الرابعة إلى السابعة لأطول صلاة. جاء الناس يمشون على قلوبهم، والقلوب في محرابك بكلّ الخشوع، ساجدة راكعة، تفعل بها ما تشاء، فلا تستهن بما لديك يا سيّد القوم، إن القوم قد جاؤوك بقلوب خاشعة.
عجينة لخبز حربك، سكارى بخمرة حبك، يتنفّسون النبض من قلبك، ومثلهم أضعاف تسمّروا كأطفال صغار ينتظرون منك أن تعلن، لقد وقعت الواقعة، وأن تقول وما أدراكم ما الواقعة، إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فما خشيناهم، وحزمنا قلوبنا وراءك للرحيل، وربطنا الرموش فوق حملنا والصبر الطويل، وقلنا حسبنا الله ونعم الوكيل، فلا تبخل علينا، نرجوك اليوم أن تطيل.
للموت تأهّبنا وقد بات انتظاراً على المفارق، والرحال وراءك شددنا، لبّيك قلنا ولن نفارق، ترمينا في لجة بحرك، أو في صحراء حرّك، أو تأخذنا إلى حيث قلت تقاتل في الشام، أو حلب أو الرقة أو الحسكة أو مرقد الإمام، فوالله وراؤك وأمامك ومن حولك آلاف مؤلفة وقلوب مؤلفة، فامضِ بنا في حملة العمر لزيارة أضرحة الأئمة والأولياء، نروي ظمأ الحسين من عيوننا الماء، ونغسل عار أجدادنا في الكوفة، وتصعد بنا مدينة جدّك لتوفي نذرك، ونذورنا توفى، وتكمل المسير، تحطّم الأصنام في الكعبة، وتغسلها كجدّك قبل الطواف، وتعلن فينا أهداف حربك، كجدّك، عندئذٍ وعندها فقط ستكون للقدس حرب، وللحرب حزب، وللحزب ملايين الرجال، وعندئذٍ فقط سيكون للقدس حطّ الرحال.
يا سيّدنا عرضت علينا تجارة، أن نؤجّر جماجمنا لله وننال صدق العبارة، ونحن منذ رحيل جدّيك ليس لدينا من يقود بنا رحلة الصيف والشتاء، ولا من يأخذنا إلى برّ الشام وأكنافها، فلا تعتب علينا، لك جاهزون أن نعلن وراءك البيعة والإمارة، وقد سادت عيناك علينا وحلّ في قلوبنا معك السلام، فترأف بنا كي تقبل منّا الصلاة ويستجاب لنا الدعاء.
ها نحن يا سيدنا نعرض عليك التجارة وتجارتك كتجارة جدّك واصلة، أن نبيعك الأرواح والدماء تفعل بها ما تشاء فننال شرف المحاولة.
الموت أصبح في الطرقات وما لنا حق ادّعاء البطولة، نناله شرفاً بين يديك أم تموت فينا الرجولة، وتختنق في بحّة صوتنا صرخة الطفولة.
بايعناك قبل الفجر وقبل العصر وقبل الظهر وقبل الصبح والمساء وفي المنام وقبل العشاء وبعد العشاء.
بايعناك فلا تردّنا خائبين، نقبّل يديك نحن، ونقبّل قدميك نحن، أن تقبلنا جنداً في حملة العمر ورحلة العمر وجهاد البقاء، ونيل الرضا، رضا عينيك ورضا جدّيك، ورضا الموت بين يديك، ورضا الحملة الأولى والثانية والعاشرة، وحملة الحسنين وحملة الرضا، وإلى اسطنبول لنستعيد بعضاً منّا ينتظر هناك، وهم مثلنا والله ينتظرون مثلنا السير وراءك.
خذ بيدنا يا سيدنا فقد طال الانتظار، وطال الليل، ومعك وحدك وعلى خدّك وحدك، يطلع النهار.
قلت ذاهب إلى تجارة جدّك في الشام، ونحن من وقتها لا نعرف النوم ولا ننام، فلا تتركنا ننتظر، نعرف أنها طرق جدّك وقد اتخذت لها أخيار القوم، فلا تخذل فينا الرجاء أننا منهم، فهي الطريق الطريق، الواصلة إلى الصراط المستقيم، وهي الطريق القديمة، لا باب يفتح للقدس إلا من طريق جدّك الآتي من المدينة، وستخوض فينا جبالاً وصحارى بين الشام والكعبة، وتخوض بنا المعارك الصعبة، وسيستشهد منّا الكثير وسيبقى منّا الأكثر، وهناك تعيد تنظيم الصفوف وشحذ السيوف وتستقبل ملايين الضيوف، تجنّد وتنظّم وتدرّب و تعدّ وتستعدّ، فاعلن أنك عازم إلى القدس من مكة وإلى مكة من الشام، واعلن أننا سنذيقهم بعضاً من نارك وبعضاً من الغضب، ونعلمهم من نصل سيوفنا الإسلام والسلام وعندها كبّر
الله أكبر الله أكبر حيّ على الفلاح.
يا سيّدنا ها نحن جيشك والسلاح
يا سيّدنا لا تطل علينا انتظار الصباح
يا سيّدنا ما عاد يطيب صوت إلا صوتك، ونظرة إلا من عينيك، والعشق صار مرادفه إليك، والموت صار أمنية أن تأخذنا بين يديك، فلا تطل إعلان حربك ولا تبخل علينا أننا حزبك، ما عاد فينا طاقة للسهر، ولا السلاح قادر أن ينتظر.
فاعلن طلوع الصباح
فتردّ لابتسامتك القلوب الصباح بزغردة السلاح
صباح الخير يا سيّد.