بري: العرب في المسرح الخلفي والطائفية علة ديمقراطيتنا

أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ «الجيش اللبناني هو المؤسسة وعماد الوطن، وأنّ أي جيش في العالم هو حامي الأوطان، والجيش اللبناني يقوم بدوره خصوصاً على حدودنا الشرقية والشمالية، وأيضاً في مساعدة «يونيفيل» في الجنوب، وبالتالي، هو حامي الحدود اللبنانية، وأهم من ذلك أقول أنّ له دوراً كبيراً، بالإضافة لقوى الأمن الداخلي والأمن العام في حماية الداخل اللبناني ضدّ الإرهاب المتمثل بـ«داعش» وأخواته».

وفي معرض ردّه على أسئلة عدد من مراسلي وسائل الإعلام العربية واللبنانية التي تغطي وقائع أعمال المؤتمر الـ23 للاتحاد البرلماني العربي، تحدث بري عن الملف السياسي، فقال: «لا يمكن أن نحصل على الإصلاح بالقوة، ولا يمكن التغيير بالقوة، لذلك لا بدّ من الحوار خصوصاً عندما تكون الفتن مندلعة داخل البلدان، وهذا الأمر مررنا به في لبنان عام 1975 كما تعلمون وبقينا 14 سنة. وبالنتيجة، ثبت هذا الأمر الذي أقوله، لا أحد يستطيع أن ينتصر على أخيه في بلده».

وفي ما يخصّ العالم العربي، رأى «أنّ هناك مؤامرة كبرى حيكت باسم الديمقراطية وفي الحقيقة هي الفوضى الخلاقة التي وعدنا بها وتحققت رغم إنكار الكثير بأنها لم تتحقق»، لافتاً إلى «أنّ الفتن داخل الطائفة الإسلامية وداخل المجتمعات العربية انطلقت ولا تزال. وأستطيع القول أنّ المؤثر الأول والأكبر في هذا الموضوع هي مقاربة ومصالحة بين الخليج والجمهورية الإسلامية الإيرانية، خصوصاً بين السعودية وإيران. هذا الموقف قلته في لبنان وأقوله الآن المصالحة أو التقارب بين الإيرانيين والسعوديين ليس فقط على المسلمين، بل على الجميع».

وكان الرئيس بري ترأس، بصفته رئيساً للاتحاد البرلماني العربي، أعمال المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد في مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة.

وأكد في كلمة ألقاها خلال جلسة الافتتاح «أنّ استقرار أنظمتنا السياسية القطرية والعربية الشاملة يجب أن يعتمد الحوار وإقـرار الحلول السياسية».

لإعادة نسج حوار بين السعودية وإيران

وقال: «يجب جعل الحوار نهج حياة لا مجرد عملية سياسية يفتح الباب لحلّ القضايا القطرية والعابرة للحدود. إنني أرى أنّ أم الحلول تكمن في إعادة نسج حوار بين الدول العربية الخليجية والمملكة العربية السعودية خصوصاً ودول الإقليم بما فيها إيران».

أضاف: «إننا في إطار عملية الحوار لحلّ المسائل السورية واليمنية والليبية وغيرها نتطلع بإيجابية إلى الديبلوماسية الأممية الجارية في جنيف والديبلوماسية الكويتية برئاسة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من أجل جمع الأطراف اليمنية كما نتطلع بأمل إلى الأدوار العمانية لإرساء حلول قطرية والتوصل الى تفاهمات إقليمية، وأوجه عناية الأشقاء جميعاً إلى أنّ المحيط الإسلامي وأقصد الإيراني والتركي والباكستاني وقد قطع أشواطاً في تثمير علاقاته على خلفية الاتفاق بين إيران ودول خمسة زائداً واحداً وقد سبقتنا إلى الحصاد الاقتصادي كذلك الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين وأوروبا».

وبالنسبة إلى المسألة السورية، أشار بري إلى «أنّ الآمال والتوقعات المبنية على الحوار الأميركي ـ الروسي ـ الأوروبي وحدها لا تكفي بتجاهل القوى الفعلية القائمة إقليمياً وعربياً. والديمقراطية يا سادة لا تنبت في كروم الرماد».

وقال: «إنني في الإطار نفسه وفي سبيل إخراج الإرهاب من المعادلات الداخلية نؤكد دعمنا للحكومة المركزية في العراق منتظرين ان يكون العام الحالي عام تحقيق الإصلاحات السياسية. إننا نؤكد أيضاً على دعوة الإمام الأكبر للأزهر الشريف والعاهل السعودي في الأمس إلى الوحدة والاعتدال ونبذ التطرف».

مواجهة الإرهاب

أضاف: «إن القضية المركزية بالنسبة لنا هي مواجهة الإرهاب وفي الأساس إرهاب الدولة الذي تمثله إسرائيل ضدّ أشقائنا أبناء الشعب الفلسطيني. وفي مواجهة الوجه الآخر للإرهاب وأقصد الإرهاب التكفيري فإننا على وقع هزائمه وتقليص سيطرته الجغرافية وعلى وقع نشاطه المحموم واستهدافاته في آسيا وافريقيا وأوروبا فإننا نرى أنه لا بدّ من إنشاء غرفة عمليات أُممية برعاية مجلس الأمن تنسق النشاط العسكري والاستخباري وعمليات تجفيف موارد الإرهاب المالية والتسليحية وموارده البشرية وتمنع حركته عبر الحدود».

ولفت إلى «أنّ كلّ بلد من بلداننا يقع على منظار تصويب الإرهاب الذي وصلت شظاياه إلى كلّ بيت عربي في المشرق العربي ، وإلى أنّ الإرهاب يحاول نقل إماراته إلى المغرب العربي عبر ليبيا والجوار الليبي، والضغط كذلك على خاصرة جمهورية مصر العربية من سيناء وعلى الجزائر وتونس وتشاد عبر حدودهم».

وفي الشأن اللبناني، لفت بري إلى «ازدياد قناعة اللبنانيين بأنّ بلدهم يمثل ضرورة عربية»، مؤكداً «أنّ بلدنا يمثل ضرورة دولية وقد عبر عن ذلك الاهتمام الدولي المتزايد ببلدنا من خلال زيارة بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسي البنك الدولي والإسلامي وتحركات بنك الاستثمار الأوروبي لتعزيز الاستثمارات في لبنان. وفي هذا الأسبوع يصل الرئيس الفرنسي ورؤساء أفريقيين».

نرى أملاً بانتخاب رئيس

وتطرق إلى ملف الاستحقاق الرئاسي قائلاً: «إننا في لبنان بدأنا نرى أملاً في آخر النفق نسأل الله أن لا يكون سراباً يحسبه العطشان ماءً في توصل الأطراف اللبنانية الى إنجاز الاستحقاق الدستوري، بانتخاب رئيس الجمهورية. إنّ لبنان اليوم يشقّ طريقه لإنجاز استحقاق الانتخابات البلدية التي ستجري بعد أسابيع الشهر المقبل. إننا من لبنان نوجه عنايتكم إلى أننا نستقبل مليون ونصف مليون من النازحين من أشقائنا السوريين وحوالى نصف مليون من الأشقاء الفلسطينيين جاء بضعة آلاف منهم مؤخراً من مخيمات سورية».

ورأى «أنّ حلّ مشكلة النازحين واللاجئين هي بتعجيل الحلول السورية التي تعيدهم إلى وطنهم وبانتظار أن تستكمل خطوات الحل في هذا الصيف فإننا نستدعي دعماً عربياً إنمائياً تربوياً وصحياً وخدماتياً، وفي مجال الطاقة والبيئة وخاصة دعماً لجيشنا الذي يقدم التضحيات ويتعرض يومياً لهجمات إرهابية على حدوده الشرقية والشمالية وعلى حدود مجتمعه».

المسألة الفلسطينية والتهديدات «الإسرائيلية»

ولفت إلى «أنّ إسرائيل تواصل تهديداتها ومناوراتها ونشر منظوماتها القتالية الحديثة على حدودنا وانتهاكها دائماً لمجالنا الجوي ـ ولا أبلغ إن قلت إنه لا يمر أسبوع من دون أن تحصل انتهاكات كهذه ـ وحدودنا السيادية البرية ومياهنا الإقليمية، ما يستدعي زيادة تمسكنا بوحدة شعبنا وجيشنا ومقاومتنا. إنّ كلّ ما تقدم يستدعي دعمكم ودعم مختلف الأطر البرلمانية الإسلامية والجهوية والقارية واللغوية والدولية لترسيم الحدود البحرية للبنان والضغط على إسرائيل لتنفيذ كامل مندرجات القرار 1701».

واعتبر بري «أنّ التحديات المفروضة على الأمة تستدعي استعادة موقع القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب وإدانة كلّ الإجراءات العنصرية الإسرائيلية وعلى وجه الخصوص عمليات الإعدام التي ينفذها الجنود الصهاينة ضد المواطنين الفلسطينيين وصولاً إلى شطب القوانين التي تشرع قتل الأغيار وتقسيم المسجد الأقصى المبارك مكانياً وزمانياً»، مستعيداً الذكرى 68 لمجزرة دير ياسين، ومحذراً «من تمادي إرهاب الدولة في هذا الكيان الصهيوني».

وقال: «إننا مدعوون إلى تأكيد دعمنا المطلق للقيامة الفلسطينية الراهنة والتي تجاوزت الهبة والانتفاضة، والتي قدمت حتى الآن ما يزيد عن 230 شهيداً وهي تقاتل بصدرها وبقبضاتها العارية والسكاكين والحجارة أعتى قوة إرهابية للجريمة المنظمة في العالم ممثلة بالجيش الإسرائيلي. أثبت هؤلاء الفتية والأطفال والشباب والنساء أنّ المقاومة تذكرة هوية وليست جواز سفر على الإطلاق. هي تذكرة هوية فلسطين، وليست جواز سفر للاستيطان في هذا المكان أو ذاك. إنني باسمكم أرحب بقرار لجنة حقوق الإنسان الدولية التابعة للأمم المتحدة، خصوصاً ما يعنيه إعداد قائمة سوداء بأسماء الشركات الإسرائيلية والدولية العاملة في المستوطنات».

التوصيات

ومن أجل إطلاق فعاليات وأنشطة الاتحاد البرلماني العربي دعا بري المؤتمر إلى تبني التوصيات التالية:

ـ إنشاء لجنة برلمانية دائمة برئاسة الأخ مرزوق الغانم وعضوية رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ومن يرغب من السادة رؤساء البرلمانات العربيه لدعم صمود الشعب الفلسطيني والقيامة الراهنه للشعب الفلسطيني الباسل وصورة حركته السياسيه والديبلوماسية في المحافل الدولية على أن تبدأ هذه اللجنة مهمّاتها بتسجيل البند الطارئ على جدول أعمال الاجتماع مئة وخمسة وثلاثين القادم للاتحاد البرلماني الدولي القادم في جنيف.

ـ إنشاء لجنة برلمانية خاصة تتابع أوضاع ليبيا والجوار الليبي برئاسة دولة الأخ علي عبد العال رئيس مجلس النواب المصري، خصوصاً أنني لا أخفي مخاوفي من أن يكون العام 2016 هو عام ليبي.

ـ إعادة إحياء لجنة السوق العربية المشتركة، خصوصاً أننا نلمس هذه الأيام التوجه لإنشاء السوق الخليجي تكون حافزاً وملهماً لإنشاء السوق العربية المشتركة.

وفي مجال التوصيات فإني أراهن على تنشيط عمل لجنة المرأة في الاتحاد إذ لا يمكن للأمة العربيه أن تشطب نصف طاقتها وإمكانياتها المتمثلة بالمرأة.

أخيراً إنني أطلب إنشاء لجنة خاصة، في إطار الاتحاد، لإلزام الحكومات بشرعة حقوق الإنسان العربي التي أقرتها جامعة الدول العربية وكذلك مبادرة الرلمانات والمجالس الشوروية العربية إلى إقرار خطط وطنية لحقوق الإنسان.

وفي الختام قدم الرئيس بري «التبريكات والتعازي لمصر بشهداء قوتها المسلحة وأجهزتها الأمنية الذين سقطوا في الحرب ضدّ الإرهاب الغادر، وكذلك التعازي لمصر بالنجوم التي التمعت في سمائها وسماء العروبة ورفعت رأسنا عالياً في مجال الدبلوماسية الإعلام والشعر، وأقصد معالي بطرس غالي والأستاذ محمد حسنين هيكل والخال عبد الرحمن الأبنودي».

الغانم والعربي

بعد ذلك، تحدث الرئيس السابق للاتحاد البرلماني العربي مرزوق الغانم فشدّد على «أنّ القضية المركزية تبقى القضية الفلسطينية»، رافضاً جعلها سلاحاً للمزايدة.

ثم ألقى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي كلمة دعا فيها إلى «رؤية عربية مشتركة لمواجهة التحديات وتداعيات الأزمات التي تعصف بعدد من الدول العربية»، وأكد أنّ «الأولوية تبقى في العمل على هزيمة الإرهاب واقتلاعه من جذوره وبيتئه».

وحضر جلسة الافتتاح الوفد البرلماني اللبناني المرافق للرئيس بري الذي ضمّ النواب روبير غانم وميشال موسى وإميل رحمة وقاسم عبدالعزيز، والقائم بأعمال السفارة اللبنانية في القاهرة أنطوان عزام.

واجتمع الرئيس بري بعد الظهر إلى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ودار الحديث على التطورات الراهنة.

رئيس مجلس النواب المصري

وكان بري التقى فور وصوله إلى القاهرة يوم السبت، رئيس مجلس النواب المصري الدكتور علي عبدالعال سيد أحمد في مقرّ المجلس حيث عقد لقاء استهله الرئيس بري شاكراً مصر رئاسة ومجلساً وحكومة على استضافة أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، وأشار إلى أنه حرص منذ انتخابه في المؤتمر الطارىء للاتحاد في جنيف على هامش اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي على أن تكون القاهرة مكان انعقاد أول مؤتمر في ولايته.

وشدّد على دور الديبلوماسية البرلمانية العربية وتفعيلها، وقال: «لم أتخيل أن اقف أو أعيش مثل هذه الفترة المجنونة التي نشهدها، ما يستدعي منا جميعاً العمل بكل إمكاناتنا لمواجهة أخطار الإرهاب والفتنة».

وأضاف: «إنّ لبنان والحمدلله يشهد وضعاً أمنياً جيداً وقد ساهم الحوار الوطني الذي دعونا إليه في تعزيزه، لكنّ لدينا مصيبة منذ الانتداب. هناك علة في ديمقراطيتنا هي علة الطائفية».

وتطرق إلى الوضع في المنطقة، فقال «إنّ هناك إمبراطوريات تتزعم المنطقة، والعرب ويا للأسف في المسرح الخلفي. ونحن نعول على دور مصر في ظلّ قيادتها، ونأمل خيراً. لعلّ الاتحاد البرلماني العربي يستطيع أن يساهم في لمّ الشمل كما فعلنا ولا نزال نفعل في الحوار الوطني في لبنان، حيث أنّ الوضع الأمني مستقر، ونأمل في انتخاب رئيس الجمهورية».

وردّ رئيس مجلس النواب المصري مهنئاً الرئيس بري برئاسته الاتحاد. وقال: «لبنان رغم صغره في المساحة كبير بأبنائه، فأنى ذهبنا نجد اللبنانيين في أعلى المراكز».

ثم وقع الرئيسان بري وعبد العال بروتوكول تعاون بين مجلسي البلدين، وجالا في أرجاء مبنى المجلس، لا سيما متحفه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى