الأسد باقٍ والجيش يتقدّم… فما هي خارطة طريق المعارضة؟
ناصر قنديل
– تستطيع جماعات المعارضة السورية أن تتحدّث كما تشاء عن مسؤولية الوفد الرسمي السوري ومرجعيته في دمشق عن عرقلة الحلّ السياسي برفض وضع الرئاسة السورية على مائدة التفاوض، ويستطيع الإعلام المموّل سعودياً أن يتحدّث كما يشاء عن وضع حرج لدمشق ومأزق سياسي ودبلوماسي لعرقلتها المفاوضات، لكن في نهاية المطاف ترسم الحقائق نفسها بطريقة مغايرة، فالموقف الأميركي الذي يتحدّث دائماً عن تمنياته برحيل الرئيس السوري صار ينطلق من اعتبار هذا الأمر شأناً يخصّ السوريين وحدهم، إما عن طريق التفاوض أو عبر صناديق الاقتراع، ما يعني أنّ ثمة موقفاً دولياً موحّداً خارج قاعة التفاوض، يلتقي عليه الروس والأميركيون، ويعبّر عنه داخل المفاوضات المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، يقول لا شأن لنا بقضية مَن يشكّل حكومة موحدة، الرئيس السوري، أم هيئة حكم انتقالي، فهذا شأن سوري سوري، ويمكن للمفاوضات أن تقف عند هذه النقطة وتفشل، أو أن تستمرّ تعيد ذاتها.
– تعرف جماعات المعارضة التي لم تقل كلمة ترحيب واحدة بانتصارات الجيش السوري على «داعش»، أنّ إعلانها الكاذب عن سيطرتها على أرياف حلب قد انكشف بإعلان «جبهة النصرة» قرار التصعيد، وظهور اللعبة التي كانت تقوم على ادّعاء المعارضة بحجم هو ليس لها، وقبول «النصرة» بذلك للإفادة من الهدنة، ونقل الحرب إلى تدمر، أملاً باستنزاف طويل للجيش السوري هناك يبعد كأس الحرب عن معقل «النصرة» في إدلب، ولما تحرّرت تدمر، أجبرت «النصرة» على تفجير أرياف حلب كخط دفاعي لما قبل إدلب، كما تعرف جماعات المعارضة أنّ من يتقدّم لتسلّم مواقع «داعش» على الحدود التركية السورية بإشراف تركي مباشر هي «جبهة النصرة»، وليست وحدات تتبع للمعارضة، وبالتالي وطالما أنّ «النصرة» غير مشمولة بأحكام الهدنة فحرب تحرير أحياء حلب وأريافها، جزء متمّم للهدنة وليست انتهاكاً لأحكامها، ومعلوم سلفاً أنّ نتيجة المواجهة هناك ستكون شبيهة بما جرى في تدمر، ومثلها ما سيجري لاحقاً في إدلب وسائر مناطق سيطرة «النصرة» و«داعش».
– تستطيع المعارضة، خصوصاً جماعة الرياض، البقاء عند الكلام الفارغ الذي تقوله حول تعاون تريده في المفاوضات، يطال الرئاسة، وهي تدعو عملياً لوضع بلدها تحت الفصل السابع ونزع سيادته، وترفض صيغة حلّ تنتهي بالانتخابات لأنها تعرف نتيجة الانتخابات سلفاً، لكن سقف كلام هذه المعارضة سيكون زمنياً في تضاؤل مع التقدّم العسكري للجيش السوري في الميدان وصولاً للصيف، الموعد المتفق عليه دولياً لولادة حكومة موحدة تكون الشريك الذي يتعاون معه الجميع دولياً وإقليمياً في الحرب على الإرهاب، وعندها ستكون الحكومة بمن حضر من المعارضة، وهذا مبرّر وجود وفود معارضة متعدّدة تنتظر في جنيف، كما هو مبرّر التفاهم الأميركي الروسي على دعوة الأكراد.
– ماذا ستفعل جماعة الرياض عندها، ويكون الحلّ اليمني قد بدأ يرسم ملامحه السياسية والأمنية، والحرب على «داعش» في العراق تقترب من المراحل الحاسمة، غير تكرار قول شعارها المعلوم سلفاً والمكرّر دائماً، «ببكي وبروح»؟