«صخب» للتشكيلية شمس درويش… فطرية الخطّ وحوار الألوان
محمد سمير طحان
قدّمت التشكيلية شمس درويش في معرضها الفردي الثاني بعنوان «صخب» الذي افتُتح مؤخراً في المركز الثقافي في أبو رمانة، تجربتها الفنية للمرّة الأولى في مدينة دمشق، وهي القادمة من محافظة اللاذقية حاملة معها حبها الكبير للطبيعة بفطريتها وغناها اللوني.
استطاعت درويش رغم عدم دراستها تلفن التشكيلي بشكل أكاديمي، أن تقدّم لوحة تحمل الكثير من الاجتهاد على صعيد الكتلة واللون والخط بأسلوبية فطرية فيها من روح الطفولة وعفويتها الكثير مع محاولة لإيجاد بعد فكري تاركة للمتلقي أن يسرح بخياله مع خطوطها ومنمنماتها الدقيقة والتي تتطلب الكثير من الصبر والشغف.
ومن خلال ثلاثين عملاً بأحجام مختلفة، قدّمت درويش تقنية الإكريليك مع الأحبار على الورق في احتفالية لونية بالطبيعة التي تنتمي إليها لوحتها مع بعض الإيحاءات الآدمية في بعض الأعمال، ما جعل اللوحات المعروضة متفاوتة من حيث الحالة الانفعالية واللونية.
وتقول التشكيلية درويش: جاءت بدايتي مع الفن التشكيلي مبكرة وبشكل فطري، فتعاملت مع الخط بقلم الحبر على الورق، ثم تلقيت دروساً في مرسمَي الفنانين مازن غانم وسالم سلمان لتتطوّر قدرتي على التعامل مع اللون، وبعدئذ أدخلت الأحبار مع الألوان للوحتي في محاولات وتجارب للوصول إلى أسلوبية خاصة بي.
وتابعت التشكيلية الدارسة هندسة الإلكترونيك: تأتي بعض التجارب التي أقدّمها للناس لرصد ردّ فعلهم تجاهها. وهناك تجارب افتخر بما وصلت إليه من شكل فني. لافتة إلى أن أسلوبيتها تبتعد عن الأكاديمية والمدارس الفنية وتعتمد على التجريب والتجديد، ما ينتج عنه أحياناً اعتراضات من الأكاديميين على ما تقدّمه من أعمال فنية.
وأوضحت درويش أن شغفها الفني ينطلق من حبّها الكبير للطبيعة البكر وتحاول تقديمها بعيداً عن النمط الفني الكلاسيكي من خلال الاهتمام بتفاصيلها وعناصرها وعلاقة مكوّناتها ببعضها، والضوء والظل من خلال الاعتماد على ثنائية البعد وتسطيح المنظور، رغم اقترابها أحياناً من الغرافيك. مبيّنة أنها تحاول الابتعاد عن حرفة الرسم لصالح الاحتفال به كفنّ.
وأشارت ابنة محافظة اللاذقية إلى أن الألوان التي تقدّمها تحمل طاقة للمتلقي، رغم أنها ليست من الألوان الطبيعية. ما يجعل ألوانها لا تقدّم الراحة والاسترخاء للمشاهد، بل الفرح وإنعاش الروح وتحفيزها.
وأعربت درويش عن تقبّلها النقد الفنّي الإيجابي الذي يدفع الفنان إلى تقويم عمله الفنّي، إذ إنها صحّحت الكثير من الأعمال بفضل النقد الذي يحمل معلومة ويفيد في بعض النواحي الفنية بعيداً عن الشخصنة.
وتعهدت الفنانة الشابة أن تحتوي تجربتها الفنية المقبلة عناصر بشرية ما سيتطلب منها تغييراً في أسلوبيتها الفنية من خلال الاقتراب أكثر من الواقعية والتشريح الجسدي، والظل والنور وعلاقة الكتل ببعضها. موضحة أنها لا تضع نهايات مسبقة لأيّ تجربة فنية تخوضها في البدايات، بانتظار ما يمكن أن تؤول إليه.
بدورها، قالت الفنانة التشكيلية رباب أحمد مديرة ثقافة دمشق تكليفاً: أعمال التشكيلية شمس تظهر مدى الاجتهاد الذي بذلته لتطوّر أسلوبيتها الفنية، رغم أنها لم تختصّ في الفنّ التشكيلي بطريقة أكاديمية، وهي تقدّم حالة من الرمزية في اللوحة وتوليفة من الألوان المدروسة، ما يعكس موهبتها الكبيرة.
مضيفة أن الفنانة ابتعدت عن المباشرة في لوحاتها قدر الامكان، مع الاعتماد على الإيحاء لتكوينات بشرية وحالة من التعبيرية اللونية.
أما الشاعر الأردني أكرم صبيحي المقيم في دمشق فقال: هذا المعرض يُظهر ـ وغيره من الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية ـ قوة الشعب السوري رغم كل ما يتعرّض له. والأعمال المعروضة اليوم تعكس الموهبة الكبيرة للفنانة وقدرتها على تقديم أعمال فنية جميلة.