ما الذي تحمله الجولة الجديدة من «جنيف 3»؟
حميدي العبدالله
تبدأ في 15 نيسان الحالي الجولة الجديدة من مباحثات «جنيف 3» بين وفد الجمهورية العربية السورية ووفود المعارضة التي لم يتحدّد بعد عددها وشكل مشاركتها، لا سيما أنّ المبعوث الأممي تحدّث عن احتمال أن يتمّ عقد لقاءات مباشرة وأن يتمّ التطرّق إلى قضايا حساسة مثل «الحكم الانتقالي» والدستور.
إذا ما وضعت الجولة الجديدة من «جنيف 3» في السياق العام السياسي والعسكري يمكن الاستنتاج أنّ حظوظ نجاحها أقرب إلى الصفر، ليس فقط لأنّ المعارضة لم تتوحد في إطار وفد واحد كما نصّت على ذلك تفاهمات فيينا وقرار مجلس 2254 ، أو لأنّ «معارضة الرياض» تصرّ على طرح مسألة دور الرئاسة وترفض تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في إطار الدستور الحالي، بل لأنّ هناك مسائل أخرى تميّز السياق العام السياسي والعسكري مقارنةً بسياق الجولة السابقة هي التي ترشح الجولة الجديدة إلى فشلٍ كبير.
الجولة السابقة التي عقدت في نهاية شهر شباط وأوائل شهر آذار توفرت شروط نجاحها على نحو أفضل مما يتوفر للجولة الجديدة. في الجولة السابقة كان ثمة رهان على واقع أنّ التوصل إلى تفاهمات وأسس في مجموعة الاتصال الدولية والإقليمية التي عرفت بتفاهمات فيينا قد حلّت المشاكل الخلافية الحساسة التي عطّلت الوصول إلى حلّ سياسي، والتي رفّعت إلى مستوى قرار في مجلس الأمن، ضيّقت الخلاف وحصرته في مسائل إجرائية يمكن التغلّب عليها في سياق الحوار المباشر بين وفد المعارضة الموحدة وبين وفد الجمهورية العربية السورية. وفي الجولة السابقة كان الاتفاق الأميركي الروسي القاضي بوقف العمليات العسكرية قد صمد في الأيام الأولى وكانت الخروقات محدودة، واستمرّ الالتزام به بشكل عام طيلة فترة الجولة السابقة.
اليوم تغيّرت هذه المعطيات، إذ لم يتمّ احترام تفاهمات فيينا وقرار مجلس الأمن وجرى الالتفاف عليهما من قبل المبعوث الدولي والدول الغربية وحكومات المنطقة، وبسبب هذا الالتفاف لم يدعَ إلى المشاركة رسمياً بالحوار سوى «معارضة الرياض» وجرى التعامل مع المعارضات الأخرى كجماعات استشارية، كما لم يتمّ إشراك الأكراد وهم مكون أساسي من مكونات الأزمة السورية بسبب الاعتراضات التركية وتضامن الدول الغربية مع تركيا، وبات الحوار بين فريق لا يمثّل سوى الدول الداعمة له وبين وفد الجمهورية العربية السورية، في حين أنّ أطراف القتال في سورية باتت خارج هذا الحوار. وبديهي أنّ هذا يجعل من الصعب أولاً انطلاق «جنيف 3» على أسس فيينا وثانياً الوصول إلى أيّ نتيجة إيجابية.
كما أنّ الجولة الجديدة تعقد في ظلّ انهيار قرار وقف العمليات وتحوّله إلى قرار نظري افتراضي في ضوء الخرق الذي مارسته «جبهة النصرة» وتشكيلات مسلحة أخرى، بعضها يشارك في «وفد الرياض» مثل «جيش الإسلام» و«أحرار الشام»، على جبهات حلب واللاذقية وسهل الغاب.
هذه التطوّرات السياسية والميدانية تؤكد أنّ الرهان على نتائج الجولة الجديدة لـ«جنيف 3» هو نوع من أنواع السراب.