«المنار»

بعراضةٍ سياسيةٍ وتكريساً للنوايا العدوانية عَقَدَ رئيسُ وزراءِ العدو بينامين نتياهو جلسةَ حكومتِهِ في الجولانِ المحتل.. ومن هناكَ، أكّدَ نتياهو أوجُهَ الاستفادةِ من استمرارِ الحربِ في سورية وتضرُّرِ كِيانهِ من أيِّ حلٍ سياسيٍّ فيها. هذا الكيانُ الذي داوى وطبَّبَ مئاتِ جرحى الإرهابيينَ وأعادهُم لِقتالِ الجيشِ السوري، ودَعَمَهُم عسكرياً واستخباراتياً وإعلامياً، يضعُ كلَ إمكاناتهِ التخريبيّة أمامَ قِطارِ تسويةِ الأزمةِ السورية، كاشفاً حجمَ التنسيقِ مع جماعاتِ الإرهابِ السياسي من دُولِ المِنطقة.

نتنياهو لا يُريدُ حلّاً على ما سمَّاهُ حسابَ كِيانِه، أمّا سورية فقناعتُها ثابتةٌ: لا حلَّ على حسابِ السيادةِ ولا تنازلَ عن المقاومةِ بوجهِ العدوِ الصِهيونيّ والتكفيري، وهُويّةُ الجولانِ المحتل ثَبَّتَها أبناؤهُ السوريّونَ الثائرونَ المناضلونَ منذُ زمنٍ، هويّةً عربيةً مقاومةً لن يبدِّلَ فيها نتنياهو ولا غيرُهُ صفةً ولا اتّجاهاً.

في لبنانَ، توصيفُ قمّةِ إسطنبول للمقاوَمَة بالإرهابِ، وموقفُ لبنانَ من ذلكَ مطروحٌ على طاولةِ مجلسِ الوزراءِ غداً اليوم إلى جانبِ قضيةِ حجبِ المنارِ عن نايلسات. أمّا اليوم أمس ، فتثبيتُ النزوحِ السوري في أجندةِ اللبنانيينَ للأعوامِ المقبلة هَبَّت رياحُهُ في عدّةِ اتجاهاتٍ خلالَ زيارةِ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. تلكَ الزيارةُ التي لم تَخلُ من التمويهِ بوعودِ الدّعمِ للجيشِ اللبناني، وادّعاءِ انشغالِ البالِ بالشغورِ الرئاسي.

«أن بي أن»

قلب الرئيس الفرنسي على الرئاسة في لبنان، اللبنانيون طلبوا المساعدة الفرنسية في الانتخابات فرمى فرونسوا هولاند الكرة في ملعبهم، الحل الوحيد بالنسبة إليه لبنانيّ والمرشّح الوحيد لفرنسا لبنان ونقطة على السطر.

ثمار الزيارة يقطفها هولاند وحده في حسابات بلاده إزاء ملفّ النّازحين السوريّين، حلق جواً في البقاع واطّلع عن بعد على مساحات تواجد الإرهابيين على الحدود الشرقية، وتفقّد لبضع دقائق مخيّماً للنازحين في الدلهمية وطار من رياق إلى القاهرة في جولة ستقوده بعد مصر إلى عمّان.

في لقاءاته وتصريحاته على مدى يومين أبدى هولاند كل الاهتمام بلبنان، واعداً بالمساهمة في المساعدات العسكرية والإنسانية، مؤكّداً ما هو ثابت، النّازحون سيعودون واللبنانيون لا يريدون توطينهم.

بدتْ مقاربة هولاند للأزمة السورية أكثر دبلوماسية فاكتفى بالإشارة إلى الحل السايسي المطلوب لسورية، غادر هولاند لبنان والاهتمامات عادت تدور حول التفاصيل الداخلية بدءاً ممّا سيحصل غداً اليوم على طاولة مجلس الوزراء، هل تُحلّ أزمة ملف أمن الدولة؟

المعلومات تُفيد بأن لا جديد طرأ على صعيد الحل في ظل ترقّب تصوّر سيطرحه الرئيس تمام سلام المرتكز على مقاربة وطنية لا طائفية بجهاز أمن الدولة، مصادر رئيس الحكومة استبعدت الوصول إلى تفاهم قبل الجلسة، وقالت للـ»أن بي أن» أنّ الأمور متروكة للجلسة كون الملف بنداً أوّلاً على جدول أعمال مجلس الوزراء، وعلمت الـ «أن بي أن» أنّ لا تواصل حصل مع الرئيس سلام خلال عطلة نهاية الأسبوع بعد مشاركته في قمّة إسطنبول وانشغاله أمس بزيارة هولاند، فهل تحلّ الجلسة ملف أمن الدولة غداً اليوم ، أم يتعطّل عمل الحكومة؟ وهل تكون المقاربة وطنية للملف، أم تتكرّر المقاربات الطائفية في موضوع جهاز أمن الدولة؟

أبعد من العناوين الداخلية كانت «إسرائيل» تعقد جلسة لحكومتها في الجولان لتثبيت الاحتلال، الحكومة السورية دانت ورفضت وراسلت الأمم المتحدة طالبة الإدانة وعدم تكرار الحادثة، وأهالي الجولان أكّدوا الثبات على التمسّك بسيادتهم ودولتهم، لكن «إسرائيل» تستغلّ انشغال سورية بأزمتها، وتُقدم على ترسيخ أطماعها في زمن يغرق فيه العرب بمستنقعاتهم الإقليميّة.

«او تي في»

اللاجديد هو عنوان كل الاستحقاقات والمحطات. لا جديد مع هولاند في زيارته الثانية والأخيرة للبنان كرئيس لفرنسا. لا جديد في جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية رغم وعود نيسان. لا جديد في مجلس الوزراء غداً اليوم باستثناء تنفيس أزمة أمن الدولة بتمرير الفرع أي المخصصات، وترحيل البحث بالأصل أي الصلاحيات. الجديد الوحيد الممكن يكمن في مكافحة الفساد إذا صدقوا وتجرّأوا على أصحاب الحصانات والمكانات والحمايات والأسماء الكبيرة المتورّطة والمتفلّتة من الحساب والعقاب. لا جديد في زيارة هولاند. السياحة في لبنان والسياسة في مصر والأردن. جرت العادة أن يهبّ الموارنة في سالف الأزمان وأسلاف البطاركة والمقدمين من قنوبين إلى إهدن ومن إيليج ميفوق إلى كفرحي البترون، وثمّ حدث الجبة إلى الفيدار، أن يهبّوا لاستقبال موفد البابا أو ملك فرنسا ابنة الكنيسة البكر وأم الدنيي عموماً، فصار جمهور مستقبلي فرنسوا هولاند اليوم أمس من النازحين السوريين وليس الرئيس الماروني، ويلتقي البطريرك الماروني في قصر الصنوبر حيث أعلن لبنان الكبير وليس في بكركي التي مجد لبنان أُعطي لها. الملك سلمان يلتقي الرئيس سلام عالواقف، والرئيس الفرنسي يلتقي المسؤولين اللبنانيين عالماشي. صار مخيّم النازحين المتخم بالبائسين والتعسين من السوريّين أهم من قصر بعبدا الخاوي الباحث عن رئيس بنظر هولاند، الذي بات همّه كما الكثير من قادة أوروبا تثبيت النازحين ودمجهم بالمجتمعات التي نزحوا إليها، وعدم انتقالهم إلى أوروبا مطلقين شعار: لا تدعوا النازحين يأتون إلينا. لا جديد في زيارة هولاند بل مفارقة. فرنسوا فرنسا يرفض استقبال اللاجئين، وفرنسيس الفاتيكان يصطحب معه لاجئين مسلمين إلى الفاتيكان في خطوة سابقة تؤكّد أنّ الخير والمحبة والتسامح باقون في أوروبا تخلّت عن دينها في سبيل دنياها، فخسرت الأول وقد تخسر الثانية مثلما حصل في غزوة 13 تشرين الثاني بلد هولاند.

«ام تي في»

زيارة اليومين لهولاند تختصر بموقفين الأول تأييد فرنسا عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم ودعم الموقف اللبناني برفض التوطين، والثاني التشديد الفرنسي على أهميّة انتخاب رئيس، ولا سيّما أنّ الرئيس المسيحي للبنان مهم لكل الشرق الأوسط.

الموقفان ليسا جديدين تماماً، لكن أهميّتهما في وضوحهما وفي صدورهما في لبنان، حيث اكتشف الرئيس هولاند شخصياً وفي بيروت كما في البقاع الخطر الكياني المزدوج المتأتّي من بقاء اللاجئين السوريين ومن عدم انتخاب رئيس.

حكوميّاً، انتظار لجلسة الغد اليوم التي ستبحث في ملف جهاز أمن الدولة، فهل سيفجّر الملف المفخخ طائفياً ما تبقّى من وحدة الحكومة، أم أنّ روح التسوية ستنتصر في اللحظة الأخيرة؟

توازياً، يشتد الضغط على الحكومة لتتّخذ موقفاً من فضائح عبد المنعم يوسف في أوجيرو وفي وزاراة الاتصالات، إذ هل يجوز أن يدخل شريك يوسف توفيق حيسو السجن فيما يستمر هو في مناصبه الحساسة في وزارة الاتصالات وأوجيرو حيث يوزّع فساده بلا حسيب ولا رقيب؟

«ال بي سي»

راحت سكرة الساعات الفرنسية في لبنان وجاءت الفكرة، أقل من 24 ساعة أمضاها الرئيس فرانسوا هولاند في بيروت متنقّلاً بين ساحة النجمة والسراي وقصر الصنوبر، وفي اليوم الثاني زيارة لعاصمة النازحين السوريين في لبنان الدلهمية، في قصر الصنوبر تأكيد على مساعدة متواضعة للجيش اللبناني، وفي الدلهمية إعلان عن اصطحاب عائلة سوريّة نازحة إلى فرنسا، وحديث عن 200 عائلة سورية في خلال السنتين المقبلتين إلى فرنسا أيضاً. إذاً، الزيارة في معناها الحقيقي كانت للنازحين لأنّهم في لبنان، فقد كانت الزيارة للبنان، وبهذا المعنى لم تعدْ فرنسا الأم الحنون للبنان بل الأم الحنون للنازحين.

زيارة هولاند لبيروت، والتي جاءت عشيّة الجلسة 38 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مرّت مرور الكرام على هذا الملف، وأفهم الرئيس هولاند ضيوفه أنّ الانتخاب شأن داخلي وهذا هو المصطلح الدبلوماسي الذي يعكس عدم قدرة فرنسيّة على التأثير في هذا الملف، وعشيّة الجلسة أيضاً لفتتْ زيارة مفاجئة هذا المساء لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وإبراهيم كنعان لمعراب، وغداً اليوم لا يقتصر الانشغال على الجلسة 38، بل إنها جلسة مجلس الوزراء يتوقّع أن تكون ساخنة على خلفية ملف جهاز أمن الدولة الذي يبدو أنّ التسوية في شأنها لم تنضج بعد.

«الجديد»

أنهى الرئيسُ الفرنسيّ يوماً وساعةً في الرُبوعِ اللبنانية بلقاءاتٍ شَمَلتْ طامحينَ إلى الرئاسة أو مُرسلينَ عنهم إضافةً إلى رُسُلٍ عُلمائيةٍ وشخصياتٍ قَصَدتْه للصورةِ التاريخية، وبقاعاً أَمضى فرانسوا هولاند وقتاً معَ النازحينَ السوريين الذين لم تَبدُ على مُحيّاهم مَعالِمُ المفاجأة وصرّحوا أنّهم اعتادوا زياراتِ موفدينَ ورؤساء، وبمجردِ أنْ تَنطفئَ الكاميرات يعودونَ إلى خِيمهم. لا شيءَ يتغيّر، ولا واقعاً يتبدّل حتى العائلةُ التي ذُكِرَ أنّ هولاند سيَصطحبُها معَه إلى فرنسا تعاملتْ معَ الحدث ليسَ بوصفِه «نقلةً نوعية»، فأفرادُها لطالما سَمِعوا وُعوداً مماثلة. وإذا كانتْ مسرحيةُ النازحين «مزحة»، فإنّ السُخريةَ تَكمُنُ في مواقفِ هولاند من انتخابِ الرئيس، فهو خاطبَ النوّابَ والسياسيّينَ اللبنانيين بالأمس وأَعطاهم السيادةَ في قرارِ الانتخاب، وحَملّهم وحدَهم مسؤوليةَ إنجازِ هذا المِلف، لكنّه يُدركُ تماماً أنّ دولتَه الفرنسية أَتمّت عُدّتَها في الدَوران بينَ موسكو وطهران والرياض وبيروت وأَخفقت في جمْعِ خيطِ رئيس، وأنّ مُوفدَها جان فرانسوا جيرو كان يجولُ في العلن وزار إيران إحدى عشْرةَ مرة باعترافِه، وأَبلغوهُ بأنّهم يُفوّضونَ حزبَ الله في هذا الاستحقاق والحزبُ يُفوّضُ العماد ميشال عون في القرار، فعلامَ إذن يَبيعُنا الرئيسُ الفرنسيّ سيادةً واستقلالاً في القرار فالعينُ اللبنانية «ما بتعلا» على الحاجبِ الفرنسي.

«المستقبل»

ربما هو الأحد الأول الذي تملأ حكايات المرشحين واللائحات قرى لبنان وبلداته ومدنه. باتت الانتخابات البلدية والاختيارية شغل اللبنانيين الشّاغل، وقد صدقوا أخيراً أنّ الانتخابات حاصلة في مواعيدها.

هكذا تراجع متوقّعو التأجيل عن توقّعاتهم وتمنّياتهم، وبدؤوا يتحضّرون للمعركة الديمقراطية الأولى التي تجمع اللبنانيين حول قِيَم تداول السلطة، وصناعة التغيير السلمي، واختيار الممثّلين المحليّين.

كل ذلك يأتي بعد ليلة فرنسية طويلة قضاها الرئيس فرنسوا هولاند في قصر الصنوبر يجتمع بأعيان لبنان في محاولة لفك طلاسم الانتخابات الرئيسيّة الموقوتة على الساعة الإيرانية.

وبعد سبت الأحوال الرئاسية طار هولاند الأحد إلى البقاع متفقداً خِيم النازحين السوريّين، مجدّداً وقوف فرنسا إلى جانب لبنان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى