خيام المعتصمين تنصب مجدداً وسط بغداد
بعدما أمهل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الساسة العراقيين ثلاثة أيام لحسم خلافاتهم والتصويت على قائمة العبادي الوزارية بعيدا عن المحاصصة، خرجت تظاهرات شارك فيها المئات وسط بغداد دعما له.
وكان استمر البرلمان العراقي منقسما بين اعضاء يؤيدون اقالة رئيسه السابق سليم الجبوري، وآخرين يعتبرون هذه الاقالة «غير دستورية»، ما يهدد بتصعيد الازمة السياسية في العراق حيث يحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي مكافحة الفساد عبر تشكيل حكومة تكنوقراط.
وبدأت الازمة التي دفعت بالنواب الى المطالبة باقالة الجبوري اثر تعليق الاخير جلسة برلمانية كانت منعقدة الثلاثاء بهدف التصويت على لائحة من 14 مرشحا لعضوية الحكومة قدمها العبادي بعد التفاوض عليها مع رؤساء الكتل السياسية.
ورفض عدد كبير من النواب التصويت على اللائحة، مطالبين بالعودة الى لائحة اولى كان عرضها العبادي وتضمنت اسماء 16 مرشحا من تكنوقراط ومستقلين فقط، لكنه اضطر الى تعديلها بضغط من الاحزاب السياسية التي تتمسك بتقديم مرشحيها الى الحكومة.
وردا على تعليق الجبوري للجلسة، اعتصم معارضوه في مقر مجلس النواب وعقدوا جلسة ترأسها اكبر النواب سنا عدنان الجنابي واعلنوا اقالته بناء على طلب وقعه 174 نائبا.
وأول أمس، السبت، حاول النواب العراقيون عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد لهم، لكن النصاب القانوني لم يتأمن مع انسحاب كتلة بدر النيابية التي تضم 23 نائبا.
واكد رئيس الكتلة قاسم الاعرجي في مؤتمر صحافي ان كتلته لن تشارك في الجلسة لان ذلك يقود الى انقسام البرلمان وقد يقود الى تشكيل حكومتين. وقال الاعرجي: «نعتقد ان الاصلاح يبدأ من وحدة الكلمة وليس من تقسيم مجلس النواب … هذا تدمير للبلد».
ورد على انسحاب كتلة بدر، قال النائب كاظم الشمري عضو القائمة الوطنية لفرانس برس: «نتمنى من الاخوة في بدر … ان يحضروا الجلسة التي تجري وفق السياقات القانونية ويشاركوا اخوتهم في كتابة تاريخ جديد للعراق».
ورفض الجبوري اقالته مؤكدا ان الجلسة التي عقدت الخميس تفتقر الى النصاب القانوني 165 نائبا ، داعيا الى تعليق جلسات مجلس النواب حتى التوصل الى اتفاق بين الاطراف السياسيين.
ودعا الجبوري السبت «كل الكتل السياسية والحكماء الحريصين على مستقبل العملية السياسية الى إدامة الحوار خلال الايام القادمة والتوصل الى حلول تخرج البلاد من هذا الاختناق».
واعلن تحالف القوى الذي ينتمي اليه الجبوري وهو مجموعة احزاب «سنية» تمسكه به رئيسا للمجلس.
وناشدت الأمم المتحدة الجمعة المسؤولين في العراق انهاء الازمة السياسية التي تعيق تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط، محذرة من ان استمرار الازمة يهدد بإضعاف بغداد في حربها ضد تنظيم «داعش».
كذلك، رفض التحالف الكردستاني اقالة الجبوري، وقال في بيان السبت ان «الشراكة الوطنية في العراق تقتضي عدم تجاوز المناصب الدستورية والسياسية التي تعبر عن مبادئ الشراكة والتوازن والاستحقاقات الدستورية للمكونات العراقية».
وكان العشرات من أتباع التيار الصدري قد بدأوا أمس نصب الخيام في منطقة ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية دعما لزعيمهم، فيما قطعت القوات الأمنية منطقة الباب الشرقي حيث تقع الساحة وجسر الجمهورية القريب والمؤدي للمنطقة الخضراء.
وقال المتظاهرون في ساحة التحرير إن كثيرين آخرين سينضمون إليهم إذا لم يشكل العبادي حكومة جديدة للتعامل مع الفساد المستشري وتحسين الخدمات.
وطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة تكنوقراط حقيقية بعيدا عن المحاصصة الحزبية والطائفية، فيما طوقت القوات الأمنية موقع التظاهرة وفرضت إجراءات مشددة تحسبا لأي طارئ.
هذا وحاصر العشرات من أتباع الصدر، وزارتي الثقافة والخارجية في بغداد وبدأوا اعتصاما أمام بوابتي وزارة الخارجية في منطقة الصالحية ووزارة الثقافة الواقعة في منطقة شارع حيفا. وذكرت «السومرية نيوز» أن هذا الاعتصام جاء تلبية لدعوة الصدر، من أجل الضغط وإجراء إصلاحات شاملة في جميع مفاصل الدولة.
وتسبب الخلاف حول تشكيل حكومة جديدة والتناحر السياسي والطائفي حول الشخصيات التي يجب ضمها ضمن التشكيل الحكومي بشلل السياسة العراقية.
وكان الصدر دعا السبت الرئاسات الثلاث الجمهورية والوزراء والبرلمان للتنسيق لعقد جلسة برلمان وتقديم الكابينة الوزارية التكنوقراط دون النظر إلى الأصوات المطالبة بالمحاصصة، وطرحها على التصويت فورا وخلال مدة أقصاها 72 ساعة، داعيا إلى الإبقاء على الاعتصام داخل قبة البرلمان وبإسناد شعبي من خلال الاحتجاجات السلمية.
من جهته، قال العبادي إن الفوضى قد تعوق الحرب ضد إرهاب تنظيم «داعش» الذي ما زال يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في العراق بما في ذلك الموصل ثاني أكبر مدينة في البلاد.
وكان الصدر خاض في أواخر شهر آذار اعتصاما داخل المنطقة الخضراء، فيما تجمع آلاف من أنصار التيار الصدري الذي يتزعمه وآخرون وبدأوا اعتصاما منذ أكثر من أسبوع على المداخل الرئيسية للمنطقة المحصنة وسط العاصمة بغداد، للضغط على السلطات لتحقيق مطالبهم الإصلاحية.
وضم التشكيل الوزاري الأول الذي قدمه العبادي بعد اعتصام الصدر في 31 آذار خبراء «تكنوقراط» مستقلين قد يتمكنون من إبعاد وزاراتهم عن قبضة الجماعات السياسية المهيمنة، لكن تشكيلته واجهت رفضا من قبل الكتل السياسية، ما أجبره على تغيير بعض أسمائها.
وأرجأ البرلمان بالفعل التصويت على حكومة العبادي ثلاث مرات حتى اللحظة مع استمرار اعتصام عشرات النواب داخل قبة البرلمان الذين أقالوا من جانب واحد رئيس البرلمان سليم الجبوري.