جنبلاط للانسحاب… ولا يمانع بعون رئيساً… ولن يشارك بنصاب بغياب حزب الله مبادرة مجلسية لبري… وسعودي أوجيه إلى الواجهة… ومصير يوسف للبحث
كتب المحرّر السياسي
مع نهاية زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية ولقائه بحكام الدول الخليجية، وخصوصاً القمة التي عقدها مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، تكشفت المعلومات المتاحة عن برود أميركي في الضغط على السعودية لتسريع مسار التسويات، بعد العبرة التي قدمتها تجربة اليمن، حيث لم تذهب السعودية لخيار التسوية ولم تترجّل عن حصان الحرب إلا بعدما بلغت حد العجز عن مواصلة استنزاف مؤكد، ولم تكن الاتصالات المشجّعة على وقف الحرب قد أدت إلى أي نتيجة خلال الشهور السابقة، وتتبع واشنطن كما تقول مصادر متابعة مع الرياض الوصفة التي أزهرتها تجربة اليمن، فتترك للسعودية خياراتها واختباراتها، حتى تنضج وتختار، وعندما تصير مواصلة الحروب والتصعيد مستحيلة والموارد في شح وعجز، والضغوط المحيطة بسياساتها تنتج الخسائر، ستأتي طلباً لحفظ مقعد درجة أولى في قطار التسويات، بينما كان كافياً لأوباما أن يعود وفي جعبته بقاء الأرصدة المالية السعودية في الخزائن الأميركية، وهذا وحده يتكفّل بتكبيل الأيدي السعودية عن المخاطرة بالمزيد من المعارك العبثية المكلفة، طالما أن العجز يضغط على الموازنة السعودية وسعر النفط يضغط أكثر.
عيون المتابعين لكل أزمات المنطقة وحروبها على المحادثات اليمنية التي انطلقت بعد طول انتظار في الكويت، لكونها بارومتر الدور السعودي وقدرته على الخوض في حروب الاستنزاف من جهة ومدى نضجه لخيار التسويات من جهة أخرى، ليبدو على إيقاع المحادثات اليمنية نجاح مساعٍ أميركية روسية لتثبيت الهدنة مجدداً والدعوة التي أطلقها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لاستئناف محادثات جنيف الأسبوع المقبل.
لبنانياً، كان حديث النائب وليد جنبلاط للمؤسسة اللبنانية للإرسال مليئاً بالسياسة، كاشفاً عن سلسلة من المواقف التي تبدأ بإعلان التمهيد لانسحابه من السياسة، موجّهاً جملة من الرسائل لوزير الداخلية نهاد المشنوق وقيادة الجيش حول ملفات الإنترنت وشبكات الدعارة، مميزاً الأمن العام اللبناني عن سائر الأجهزة، لكن أهم ما قاله كان في الشأن الرئاسي بإعلانه عدم الممانعة بانتخاب العماد ميشال عون إذا تمّ الاتفاق على ترشيحه بين الفرقاء، وتمسكه بالتوقف عن الحضور لتأمين النصاب إذا بدت فرصة لتحقق النصاب وكان حزب الله غائباً.
جنبلاط دعم مواقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ودعوته لتشريع الضرورة، بينما كان بري يطلق مبادرة لنقل الاحتكام في قضايا الخلاف حول أولوية إقرار قانون الانتخاب على أي تشريع، أم تأجيل قانون الانتخاب لما بعد انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية إلى الهيئة العامة للمجلس.
القضايا المتفجرة في الشارعين السياسي والإعلامي لا تزال تتفاعل، خصوصاً قضية الإنترنت غير الشرعي، التي كثرت حولها الأقاويل والمعلومات عن اتجاه شبه محسوم لتنحية مدير عام أوجيرو عبد المنعم يوسف وبدء البحث بالبدائل، بينما طفت على السطح مع زيارة الرئيس سعد الحريري للرياض قضية إفلاس سعودي أوجيه وانعكاساتها السياسية والمالية والاجتماعية.
ورغم كل ما يُقال عن تحريك الوضع اللبناني نحو التسويات السريعة يبدو أن الحلول لم تنضج بالمستوى الذي يمكّن المراقب من القول إن لبنان أصبح على موعد قريب مع حل لأزماته. وخلافاً لذلك يؤكد بعض الدبلوماسيين الأوروبيين أن طموح الغرب أن يحافظ لبنان على استقراره القائم من دون أن يتعرّض لهزة من هنا أو هناك، في ظل الإصرار السعودي على تفاقم الأزمة اللبنانية والرغبة في تفجيرها.
الرياض تضغط على باريس
وتؤكد مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن الرياض ضغطت على الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لعدم لقاء وفد من حزب الله»، مشيرة إلى «أن لقاء السفير الفرنسي مانويل بون برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أزعج السفير السعودي علي عواض عسيري الذي استنفر مستاء من هذه الخطوة الفرنسية التي تثبت دور حزب الله في حل الأزمات في لبنان، في وقت تسعى فيه السعودية إلى تضييق الخناق عليه من خلال فرض القيود المالية وتصنيفه على لائحة الإرهاب». وشددت المصادر على «أن ما حصل يؤكد أن الدبلوماسية الفرنسية رهينة التزام هولاند بالسياسة السعودية في ما يتعلق بالملف السوري».
زيارة غير منتجة للحريري
وسط غياب أي تطور داخلي كان يعوَّل عليه، لم تتبنَّ مصادر سياسية لـ«البناء» ما نقل عن الوفد المرافق لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري انه التقى خلال زيارته إلى السعودية ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية عادل الجبير ومدير الاستخبارات»، لا سيما أن مستشاره نادر الحريري «رفض الإفصاح عن لقاءات الحريري». وتشير المصادر إلى أن «الزيارة لم تكن منتجة، فهو ذهب للبحث في مصير سعودي اوجيه التي تواجه الإعدام المالي، وفي الوضع الداخلي لتيار المستقبل في ضوء تشتت قوة التيار بين الرئيس فؤاد السنيورة الذي يعمل خلافاً لسياسته، ووزير العدل أشرف ريفي الذي بات خارج سرب المستقبل وتحظى سياساته بتأييد وغطاء من ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف، وفي الموضوع السني بشكل عام حيث باتت السعودية تستقبل أكثر من شخصية سنية خارج تيار المستقبل منافسة له كالوزير عبد الرحيم مراد. لكن الحريري لم يحصل على أجوبة محددة». ولفتت المصادر إلى أن «رئيس «المستقبل» حاول استمزاج الآراء حول مدى أهمية حل الملف الرئاسي عند السعوديين، لا سيما أنه أُبلغ من جهات سعودية بشكل غير مباشر أن ورقة النائب سليمان فرنجية قد طُويَت». ورأت المصادر أن «الحريري على ضوء نتائج زيارته التي عاد بها، سيضع جانباً الملف الرئاسي بعدما كان شغله الشاغل منذ عودته في شباط الماضي».
في غضون ذلك، أرسل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل أخيراً، رسالة ضمّنها تمنياً ببذل أقصى ما يمكن من جهود ووساطات مع مَن يلزم من أجل تسهيل الاستحقاق، نسبة لما لروسيا من مونة على هذه المواقع، شارحاً تداعيات الفراغ الخطيرة على أوضاع المسيحيين في لبنان ودول المنطقة. وأشارت مصادر مقربة بكركي لـ«البناء» إلى أن الرسالة هي لشكر بطريرك روسيا على الاهتمام بالمسيحيين المشرقيين، ولطلب المساعدة عند المرجعيات الروسية التدخل لإنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان.
جنبلاط: لا أثق بـ«الداخلية»
وبعد الهدنة «المؤقتة» على جبهة كليمنصو ـــ بيت الوسط، أطلق رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط جملة من المواقف أمس ورسائل في أكثر من اتجاه لم توفر أحداً لا سيما تيار المستقبل، وأشار جنبلاط إلى أنه «لا يفتعل أزمة مع وزير الداخلية نهاد المشنوق»، مبدياً استغرابه كيف أن «تغريدة جديدة تسبب له هذا الانفعال»، لافتاً إلى «أنه لا يثق بوزارة الداخلية حتى يثبت المشنوق العكس»، مضيفاً «تحدثت عن موضوع الدعارة وسألت عن أسباب حماية هذا الوكر منذ عشرات السنوات، وهذا الملف من مسؤولية قوى الأمن الداخلي، وهذا الملف لم يكشف إلا بعد ذهاب الفتيات إلى الضاحية الجنوبية حيث يوجد أمن «حزب الله».
وأكد جنبلاط أن «لا علاقة للرئيس سعد الحريري بالأزمة مع المشنوق»، مشيراً إلى أن «الحريري تحدّث معي، والمهم أن تكون الهرمية التي يقع على رأسها المشنوق نظيفة»، وشدّد جنبلاط على أن «هناك كماً هائلاً من المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية الكبيرة المتشابكة حول رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف والتي تجعله في الواجهة ولربما يقتلونه إذا حاول كشفها»، متسائلاً: «كيف دخلت المعدات إلى لبنان عبر المعابر الشرعية، كما يقول القاضي سمير حمود ولصالح مَن؟ وكيف لم تعرف المؤسسات الأمنية كيف دخلت هذه المعدّات وأين اختفت؟ وكيف خرج اسم عماد لحود من قضية الإنترنت غير الشرعي؟ وليخبرنا وزير الدفاع سمير مقبل بأن ليس لديه علاقة بهذا الموضوع»، معتبراً أنه «من الجيد وجود النائب حسن فضل الله على رأس لجنة الاتصالات النيابية وإلا كانت قضية الإنترنت غير الشرعي قد دفنت».
الجلسة العامة قبل نهاية أيار
إلى ذلك أعاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، التأكيد على مبادرته التي طرحها في هيئة الحوار الوطني يوم الأربعاء. وأكد بري، بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» لا يزايدنّ أحد عليّ في موضوع الميثاقية، مشدداً على أن الجلسة ستكون كاملة المواصفات، مشيراً إلى انه مصرّ على تشريع الضرورة، واقتراحات ومشاريع القوانين التي لا بد منها. وإذ لفت بري، بحسب زواره، إلى أن الجلسة العامة ستكون قبل نهاية شهر أيار ضمن العقد العادي، لفت إلى انه سيدعو هيئة مكتب المجلس إلى الاجتماع الأسبوع المقبل على ضوء آراء الأطراف المعنية التي سيتضح موقفها قبل نهاية الأسبوع. وأشار الرئيس بري إلى أن هيئة مكتب المجلس ستحدّد جدول أعمال الجلسة وفق تشريع الضرورة وستضع التوصية التي صدرت عن الهيئة العامة، بعدم إقرار قانون الانتخاب قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، بنداً على جدول الأعمال ليصار إلى مناقشتها في الهيئة العامة، فإذا سقطت التوصية سيصار إما إلى إحالة تقرير لجنة التواصل إلى اللجان المشتركة لإعادة الدرس أو يتم وضع كل اقتراحات القوانين على جدول الأعمال وعلى ضوء ذلك تقرر الهيئة العامة.
وفي ملف الانتخابات البلدية، أكد رئيس المجلس «أن الانتخابات البلدية ستجري في موعدها ولن يقبل بتأجيلها تحت أي ظرف من الظروف ولا أي ضغط من الضغوط».
وأكدت مصادر في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن «مبادرة الرئيس بري ستحظى بدراسة ونقاش كبيرين مع حزب القوات اللبنانية لا سيما أن تشريع الضرورة يعني ما يتصل بإعادة تكوين السلطة». ورجحت المصادر أن يصدر الموقف النهائي من المبادرة يوم الثلاثاء المقبل عقب اجتماع تكتل التغيير والإصلاح».
لا انتخابات رئاسية
وأكد النائب عمار حوري لـ«البناء» أن «الرئيس بري يبحث عن ثغرة في هذا الجدار القائم». ولفت إلى «أن هيئة مكتب المجلس لن تصل إلى صيغة خارج إطار التفاهمات السياسية»، مشيراً إلى «أننا نرحب ونؤيد المبادرة التي أطقها الرئيس بري لتفعيل العمل التشريعي، نظراً لأهمية مشاريع القوانين الملحّة المتعلقة بقروض ومساعدات، لا سيما أن لا انتخابات رئاسية إلى أجل غير مسمّى، لذلك التشريع ضروري وأساسي وإلا ينتهي البلد». وشدّد على أن تيار المستقبل متمسك بصيغة الثلاثي المستقبل – القوات – الاشتراكي وسنصوّت لصالحه إذا طرحت اقتراحات القوانين على الهيئة العامة.