متضامنون مع المنارة بوجه الظلمات

سعدالله الخليل

بين النور والظلمة لا مجال للتفكير والانتظار لحسم الخيارات، وبين الظلمات والمنارات تميل كفة المنارة كدليل لكلّ راغب بالوصول إلى برّ الأمان لا منارة يمكن إخفاء نورها، فكيف بمنارة المقاومة المنصوبة على قامات الشهداء والمحمولة على أكفّ المنتصرين منذ عقود من التضحية؟

حين تكون قناة «المنار» منارة المقاومة ويبقى صوتها مجلجلاً في برية الصمت والتخاذل العربي والدولي، فمن الطبيعي أن تواجه حرب الظلمات والجهل لطالما عرّت المنار قبح أنظمة البترودولار الداعمة تنظيمات «داعش» و«النصرة» وقاطعي الرؤوس وآكلي الأكباد، فلا مكان لها في عالم الإعلام السعودي.

بعد قناة العالم والقنوات السورية والمسيرة اليمينية والميادين، من الطبيعي أن يأتي دور قناة «المنار» بالحجب والإبعاد عن باقة قنوات قمري «نايل سات» و«عرب سات» لأنه وببساطة لا مكان لأيّ رأي يحارب فكر وسلوك الوهابية السعودية بالعقل والمنطق، ويكشف الحقائق للمتابع ويعبّر عن رأي وعقيدة واضحتين مما يجري في العالم والمنطقة. فالمطلوب إعلام يمجّد «الفتوحات» السعودية في البحرين واليمن وسورية، ويعظم الدور السعودي في لبنان وليبيا وتونس والعراق، وقدح إيران ليل نهار، والبحث عن كلّ ما يمكن أن يسيء إليها.

باستعراض قائمة القنــوات الفضائية على قمري «نايل سات» و«عرب سات» نجد أن المطلوب والمسمــوح ثلاثة أنواع من القنوات… إما قنوات تدور في الفلك السعودي القطري وتقارب الأمور من المنظور الخليجي، أو قنوات فارغة من أيّ مضمون تروّج لأنماط الحياة الاستهلاكية في المأكل والمشرب والملبس والعلاقات العاطفية بأنواعها العابرة والراسخة والطارئة والأغاني بما تيسّر لها من هبوط في المستوى يحوّل الأجيال قطيعاً من الببغاوات تردّد ما تمليه عليه تلك القنوات. أما النوع الثالث من القنوات المطلوبة فتلك التي تبث سموم الطائفية والمذهبية والاثنية والدينية بأشكالها كافة، ولا مانع إنْ تناولت بالتشهير باقي المكونات الطائفية بل تخدم التوجه الاستراتيجي للمشروع كونها تولد مبرّرات للردّ ولمزيد من الخطاب الطائفي المقيت.

مع كلّ قرار لحجب قناة ثمة سؤال يُطرح عن الأسباب الحقيقية وراء الحجب! ودوافع جعل الإعلام والخطاب كله بلون واحد! وما الذي يضير إمبراطوريات المال والإعلام وجود تلك القنوات طالما أنها تدفع لها لقاء ما تحجزه على تلك الأقمار؟ لو وثّقت دوائر صنع القرار الإعلامي بفعالية رسائلها لما حجبت القنوات المحسوبة على محور المقاومة، طالما ترصد لمواجهتها عشرات أضعاف ميزانيات تلك القنوات وتجند من صانعي الرأي العام جيوشاً لدعم رأيها، ولو لم تدرك عظيم التأثير في الشارع العربي لما اضطرت لوضع نفسها بموقف المعتدي على حرية الإعلام والرأي والرأي الآخر وغيرها من الشعارات التي تتهم خصومها بالإساءة إليها وعدم مراعاتها. بين الحق والباطل يبقى صوت الحق أعلى فلا بد من إسكاته. هكذا يقول أهل الباطل فيما يعلو صوت الحق متحدياً كل الظلمات فمَن وقف بوجه أعتى قوة عسكرية متحدياً الموت والنار والحديد رافعاً راية النصر بالكلمة والرصاصة، فلن تثني عزيمته قرارات حاقدة.

بكلّ فخر… متضامنون مع «المنار» منارة المقاومة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى